أكثر من مئتين وخمسين (250) سلحفاة بحرية من الأنواع النادرة والمهددة بالإنقراض قتلت خلال شهر واحد في اليمن، فالحرب الدائرة في هذا البلد العربي تسببت ولا تزال في مأساة ومعاناة طاولت الناس الأبرياء ولم توفر الحياة الطبيعية، مع غياب الأجهزة الرقابية أو عدم قدرتها على ضبط الأمور.

والمعروف خلال الحروب الأهلية أن الهم الأول يتمثل في إنقاذ وإسعاف الجرحى والمصابين، وتعم الفوضى في أماكن يصعب الوصول إليها بسبب الأعمال الحربية، وتكون النتيجة الكثير من الأضرار تطاول كافة مرافق الحياة.

 

محمية شرمة

 

وتركزت الخسائر في “محمية شرمة” Sharma، الواقعة في المنطقة الساحلية (شرمة – جثمون)، وهي منطقة ساحلية في مدينة الديس الشرقية بمحافظة حضرموت، اعتمدتها الحكومة اليمنية محمية طبيعية في العام 2001، وفي العام 2002 أضافتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” UNESCO إلى مواقع التراث العالمي المؤقتة في اليمن.

وتعتبر “محمية شرمة” من أهم المواقع العالمية التي تصنف من أهم البيئات الطبيعية للسلاحف، ولا سيما منها السلاحف ذات الرأس الأخضر والتي تتكاثر في موائل على سواحل شرمة وجثمون.

وبحسب “موقع الجزيرة” في نسخته الإنجيلزية، فإن ما لا يقل عن 250 من السلاحف المهددة بالانقراض في هذه المحمية الوطنية في اليمن قتلت من قبل البشر خلال الشهر الماضي، وفقا لسكان المنطقة والمسؤولين.

وتبعد “محمية شارمة”، حيث تعشش السلاحف الخضراء النادرة، ساعتين بالسيارة من المكلا جهة الشرق، وقد عبث زوار المحمية بها، حيث قاموا بخطف سلحفاة تلو أخرى، ومن ثم يقومون بذبحها، وأخذ لحومها، ويتركون بيوضها وأحشاءها فتكون عرضة للتآكل ومصدرا للأمراض والروائح.

 

سلاحف منقار الصقر

 

وقال الشيخ آمين، أحد المهتمين بالسلاحف ورئيس “جمعية أصدقاء البيئة في منطقة أبابا الشرقية” لـ “الجزيرة” ان “قتل السلاحف زاد بشكل مثير للقلق”.

وتسبب صيد السلاحف بجعل هذه المنطقة عرضة للروائح الكريهة نتيجة تحلل الجيف، وتحولت شواطئها المطلة على بحر العرب موئلا للكلاب الضالة.

ويقول محمد الذي كان موجودا بالمكان لصيد سلحفاة “هذا هو مثل صيد أي حيوان آخر”.

مثل العديد من الصيادين الآخرين الذين يأتون إلى هنا، محمد وأصدقاؤه لا يخجلون من صيدهم السلاحف، كما انهم لا يقتنعون بأن هذا الأمر يهدد بقاء هذه الأنواع، وقال صديق محمد بينما كانا يحاولان اصطياد سلحفاة أخرى “لقد سمعت نفس التحذيرات منذ عقود، ولكن ما زال هناك بعض السلاحف على الشاطئ”.

وقال محمد عبد الله، رئيس قسم الأحياء البحرية في جامعة حضرموت لـ “الجزيرة” أن السلاحف ذات منقار الصقر لقيت حتفها بالفعل في المنطقة، وكذلك السلاحف الخضراء ستواجه نفس مصير، إذا لم يتم إيقاف المعتدين.

 

 

 

وأضاف “ان جزاري السلاحف لا يتركون الإناث التي تخرج لليابسة لوضع البيض، فهم يقومون بصيدها لحظة خروجها من البحر ولا ينتظرون الى أن تضع بيوضها”.

وقال أن الشاطئ كان يعج بالسلاحف: “فقبل عشر سنوات، كان هناك ما يصل إلى 50 سلاحفاة على امتداد هذا الشاطئ خلال موسم التكاثر، مقارنة ببعض السلاحف الآن”.

وعندما كان يتواجد “تنظيم القاعدة” في المنطقة قبل ان يتم الإطاحة به، منع الناس من زيارة الشاطىء ليس من أجل الحفاظ على المحمية، بل من أجل استغلالها في عمليات تهريب النفط من الميناء القديم المهمل والموجود هناك.

وعلى الرغم من أن السكان ذكروا بأن السلاحف كانت تتمتع بالراحة في تلك الفترة، الا أن علماء الأحياء ذكروا ان تسرب النفط وصوت الشاحانات يؤثر على السلاحف التي تفضل العيش في مناطق هادئة.

 

إجتماع طارئ

 

وردا على هذه التقارير أمر محافظ حضرموت المسؤولين المحليين بزيارة المحمية وتقييم الأضرار، وقال عبد الله التميمي، مدير المديرية التي تضم شارمة لـ “قناة الجزيرة” انه اصيب بالفزع عندما رأى السلاحف المقتولة والمنتشرة في جميع أنحاء الشاطىء.

وفي السياق عينه، عقد مسؤولون محليون، بما في ذلك خفر السواحل والأمن، اجتماعا طارئا ووافقوا على عدد من الإجراءات التأديبية ضد صيد السلاحف.

وبحسب القانون اليمني، فإن من يقتل السلاحف يعاقب بدفع غرامة قدرها 100000 ريَال يمني ويسجن لمدة 24 ساعة، ومن يستخدم بنادق الصيد ويقوم فقط بإعاقة السلاحف دون قتلها يغرم 50000 رَيال، ويتم مصادرة البندقية بالإضافة الى السجن لمدة يوم واحد.

 

توفير الحراسة

 

ويقول التميمي لتطبيق هذه القواعد الجديدة، يجب تأمين رواتب ما يصل الى 20 من الحرس سيتم نشرها حول محمية شارمة، وتوفير أماكن إقامة لهم، وذلك بحسب ما أشار موقع “اليمن العربي“.

وحث المنظمات الدولية للحفاظ على البيئة للمساعدة في هذه الأموال لدفع رواتب الحراس وبناء سياج حول شارمة، ولكن “لم يستجب أحد حتى الآن بصورة إيجابية لتلك النداءات”.

وتوفير الأموال اللازمة لهذا الأمر ليس بالأمر السهل في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، ولكن حماية هذا النوع من السلاحف من الإنقراض وتوفير الحراسة لها، لا يقل أهمية عن حماية الأشخاص من الوقوع في خطر المجاعة.

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This