من لجنة البيئة التي عادت رئاستها الى وزير الزراعة السابق أكرم شهيب، كانت بداية النقاش حول ملف النفايات المنزلية الصلبة بعد نيل حكومة الرئيس سعد الحريري الثقة.
شهيب الذي تولى رئاسة اللجنة بعد توزير رئيس اللجنة السابق مروان حمادة، أعلن انه سيضع ملف النفايات في أولوية عمل اللجنة، التي ستجتمع أسبوعياً لتحريك هذا الملف.
ولم يخف شهيب في اتصال مع موقع greenarea.info تخوفه من أن تغرق الحكومة في اعادة البحث في الاستراتجيات والخطط، في حين ان عمرها القصير لا يسمح بمثل هذا التوجه. مؤكداً على ضرورة استكمال تنفيذ القرارات التي اقرت في الحكومة السابقة، لا سيما انفاذ قرارات جلسة ١٢ آذار (مارس) ٢٠١٦، واطلاق مناقصة تحويل النفايات الى طاقة التي تحوز اجماع القوى السياسية. وشدد شهيب على ضرورة ايجاد الحلول لمنطقتي الشوف وعاليه اللتين حملتا عن نصف لبنان 18 سنة ولم يتحمل احد غراما من نفاياتها حتى الساعة.
بدوره أكد وزير البيئة طارق الخطيب في اتصال مع موقع greenarea.info على ضرورة العمل من اجل ايجاد حل سريع للنفايات المتراكمة في الشوف وعاليه، حتى لو كانت طبيعة هذا الحل مؤقتة. وسأل الخطيب لماذا تركت منطقة الشوف وعاليه خارج الحل المعمول به حالياً؟ اي الطمر في برج حمود والكوستابرافا.
وبحسب المعلومات المتوافرة، ابلغ رئيس “مجلس الانماء والاعمار” نبيل الجسر المشاركين في اجتماع لجنة البيئة النيابية، ان ديوان المحاسبة وافق على العقد الموقع بين بلدية بيروت وشركة IBC التي تدير معمل النفايات في صيدا والذي يعمل بتقنية التخمير اللاهوائي، ولا يزال منذ انطلاقه يعمل بنصف طاقته الاستيعابية التي تبلغ ٥٠٠ طن يومياً.
وكان مجلس الوزراء قد وافق في جلسة ١٢ آذار (مارس) ٢٠١٦ على نقل ٢٥٠ طن من نفايات بيروت لمعالجتها في معمل صيدا، على ان يتم التعاقد بين بلدية بيروت والشركة المعنية لاتمام هذه العملية. لكن هذا القرار لم يبصر النور الى اليوم بسبب الاجراءات الروتنية المتعلقة بالموافقات المسبقة واللاحقة على العقد بين البلدية والشركة، اضافة الى التراخي الاداري والسياسي في متابعة هذه المسألة لتصل الى خواتيمها المرجوة.
وتفيد المعطيات المتدأولة، انه في حال بدء نقل ٢٥٠ طن يومياً من بيروت الى صيدا، فإن وزير البيئة سيرفع اقتراحاً الى مجلس الوزراء، لادخال نفايات الشوف وعاليه الى “كوتا” الطمر في الكوستابرافا، بدلاً عن النفايات المرحلة من بيروت الى صيدا، علماً ان مطمر الكوستابرافا يستوعب حالياً قرابة ٢٠٠ طن من نفايات القرى الواقعة في قضاء عاليه، وهي الشويفات وعرمون وبشامون وعين عنوب وديرقوبل. وليس معلوماً ما اذا كان هذا القرار سوف يحظى بإجماع سياسي داخل مجلس الوزراء، خصوصاً وأن القرار السابق قضى بايجاد مطمر ثالث لنفايات الشوف وعاليه، اضافة الى انشاء معمل جديد للمعالجة، كون مركز التسبيخ الحالي في الكورال لا يستوعب إلا ٣٥٠ طناً، وتقرر رفع طاقته الاستيعابية الى ٧٠٠ طن يومياً، اي ثلث الكمية المطلوب معالجتها، مع الاشارة الى ان رفع الطاقة الاستيعابية لن يكون متوفرا قبل ثمانية اشهر من تسلم المتعهد الجديد.
وفي حال تم تمرير صفقة بيروت – صيدا مقابل الشوف عاليه – كوستابرافا، فإن الحكومة الجديدة تكون قد كرست الحل السابق القائم على الاستمرار في الطمر مقابل تضييع الوقت في اطلاق حلول جدية طويلة الأمد ومستدامة، الامر الذي سيفاقم الازمة ويعجل في موعد انفجارها والذي تم تقديره سابقاً في منتصف العام ٢٠١٨ كحد أقصى! اما اذا تم تكريس الطمر في الكوستابرافا لنفايات جبل لبنان الجنوبي مع جزء من نفايات بيروت، فإن هذا المطمر سوف يستنفذ طاقته الاستيعابية في أواخر العام الحالي!
وتنص مقررات مجلس الوزراء على ان تكون الفترة الزمنية لمطمري الكوستابرافا وبرج حمود اربع سنوات، لكن الحد الاقصى للفترة الزمنية في ظل تعثر تنفيذ بقية بنود الخطة المؤقته، يقصّر عمر هذين المطمر الى عامين ونصف العام كحد اقصى.
في المقابل، بدأ العمل بمناقصة أعمال فرز ومعالجة النفايات المنزلية من قبل ائتلاف شركة الجهاد للمقأولات (المملوكة من جهاد العرب) مع شركة Soriko البلغارية، حيث تسلمت الشركة مركزي العمروسية والكرنتينا. وتنص شروط العقد على توسيع مركز التسبيخ في الكورال، ما يستدعي توقف العمل فيه لفترة ثمانية اشهر، اي ان اعمال المعالجة ستكون مقتصرة على فرز قرابة ١٠ بالمئة من النفايات القابلة لاعادة التدوير وطمر ما تبقى.
أما مناقصتي جمع ونقل النفايات في جبل لبنان فلن يتسلم ائتلاف شركة رامكو للتجارة والمقأولات (المملوكة من وسام عماش) مع شركة Atlas Yapı San التركية، وائتلاف شركة معوض وإده مع شركة Soriko البلغارية، اعمال الجمع والنقل قبل مطلع شهر نيسان (أبريل) المقبل، بحسب ما تم ابلاغ “مجلس الانماء والاعمار”، الامر الذي سيستدعي تمديداً تقنياً لسوكلين لفترة شهر ونصف الشهر، بعد انتهاء العقد الحالي في منتصف آذار (مارس) المقبل. وستكون المعضلة مع انطلاق اعمال المتعهدين الجدد، بقاء بيروت خارج المناقصات، وتقاعس المجلس البلدي الحالي عن اطلاق مناقصة الكنس والجمع لبيروت الادارية رغم اتخاذ قرار بهذا الشأن منذ قرابة تسعة اشهر، علماً ان سوكلين لن يكون باستطاعتها كنس وجمع نفايات بيروت، بعد تسلم المتعهدين الجدد للجمع والنقل في جبل لبنان، وذلك بسبب عدم امكانية التمديد التقني للعقد عبر حصره ببيروت الادارية فقط!
ومن الجمع والنقل الى المناقصات الطويلة الأمد، يبدو ان ما يسمى بمناقصات التفكك الحراري، سواء تلك التي تنوي ان تطلقها بلدية بيروت، أو تلك التي كان يفترض ان يطلقها “مجلس الانماء والاعمار”، والمعطلة الى حين التوافق عليها في مجلس الوزراء.
يضاف الى كل هذه التعثرات والخيبات ضعف وعدم جدية وغياب الدعم والارشاد للمبادرات البلدية اللامركزية في محافظة جبل لبنان، وعدم شمولية المناقصات جميع الاراضي اللبنانية، التي تشهد سواء في الجنوب أو البقاع والشمال أزمة خانقة، وتعثر للمناقصات والمشاريع التي تنفذها وزراة التنمية الادارية وجهات بلدية واهلية. ووجود عدة شكأوى ومراجعات وطعون امام محاكم البداية والعجلة وشورى الدولة والنيابات العامة المالية والبيئية، ضد مناقصات ادارة النفايات، سواء لجهة الطعن بأهلية الفائزين، أو لمخالفة دفاتر الشروط، أو لنزاعات عقارية وتعويضات للمتضررين.