فيما ينكر كثيرون الحقائق العلمية حيال تغير المناخ وظاهرة الاحتباس الحراري، وفيما تقود كبريات شركات النفط العالمية حربا ضروس في مواجهة العلم والعلماء، يتجه جبل جليدي هائل – بحجم ولاية ديلاوير Delaware الأميركية أو دولة ترينيداد وتوباغو Trinidad and Tobago وهي جزيرة في البحر الكاريبي – للانفصال عن القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، وسط توقعات بأن هذا “الانفصال” قد يكون أحد أكبر وأخطر الظواهر المناخية التي سيشهدها العالم حتى الآن.
وأشار علماء إلى أن صدعا كان يتسع ببطء في السنوات الماضية عبر الجرف الجليدي “لارسن سي” Larsen C في شبه جزيرة أنتاركتيكا Antarctica اتسع فجأة الشهر الماضي كانون الأول (ديسمبر) وزاد طوله بنحو 18 كيلومترا.
وبحسب ما أكد العلماء، فإن طول الصدع يبلغ الآن نحو 80 كيلومترا، ولم يتبقَّ سوى 20 كيلومترا فقط على انفصاله عن القارة القطبية الجنوبية.
وقال العلماء في “جامعة سوانزي” Swansea University في ويلز في بيان نشرته الدوريات العلمية المتخصصة، وتناقلته مواقع عالمية أمس الجمعة 6 كانون الثاني (يناير) إن “الجرف الجليدي (لارسن سي) Larsen C في القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) يتجه
لفصل منطقة مساحتها أكثر من 5000 كيلومتر مربع بعد زيادة كبيرة في أحد الصدوع الكبيرة”.
وبحسب البيان أيضا، من المتوقع أن يغير هذا الانفصال بشكل أساسي المنظر الطبيعي لشبه جزيرة أنتاركتيكا، ويمكن أن يؤدي أيضا إلى تفكك أوسع في الجرف الجليدي “لارسن سي”.
المشككون بتغير المناخ!
وتجدر الإشارة في هذا المجال، إلى أن الجروف الجليدية هي عبارة عن مناطق من الجليد العائم في البحار والمحيطات، وتصل سماكتها إلى مئات عدة من الأمتار في نهايات الأنهار الجليدية، ويبدي العلماء مخاوف من أن يسمح فقدان الجروف الجليدية حول القارة المتجمدة لمياه الأنهار الجليدية بالتسرب على نحو أسرع نحو البحر، خصوصا مع ارتفاع درجات حرارة الأرض بفعل الاحتباس الحراري، الأمر الذي سيزيد مناسيب المياه في البحار حول العالم، بحسب ما أشار الكاتب الصحفي أليستر دويل Alister Doyle في “وكالة رويترز” العالمية.
ولا نعرف إلى الآن رأي المشككين بظاهرة الاحتباس الحراري، ولا كيف سيفسرون هذه الظاهرة، والأخطر في هذا المجال، وكيف سينظرون إلى ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات، على الأقل لمعرفة السبل الآيلة لمواجهتها، والحد من نتائجها الكارثية على الدول الجزرية والمدن الشاطئية.
ارتفاع درجة حرارة الهواء والمياه
وبحسب تقرير العلماء، فقد تصدع عدد من الجروف الجليدية في الأجزاء الشمالية من أنتاركتيكا في السنوات القليلة الماضية، ومن بينها الجرف “لارسن بي” الذي سبق وتفككت أجزاء منه في العام 2002.
وقال الدكتور أندرو فلمنغ Andrew Fleming مدير الاستشعار عن بعد في “مركز الاستقصاء القطبي البريطاني” British Antarctic Survey، وهو أحد المتابعين أيضا لوضع الجرف “لارسن سي” لـ “رويترز” إن “الجليد يذوب بفعل ارتفاع درجة حرارة الهواء والمياه أيضا”.
وبحسب “هيئة كوبرنيكوس للتغيير المناخي” Copernicus Climate Change التابعة للاتحاد الأوروبي، فإن درجات الحرارة في العام الماضي كسرت رقما قياسيا سُجل في العام 2015 بنحو 0.2 درجة مئوية، وعزت الأمر إلى “تزايد الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في الجو، فضلا عن ظاهرة النينيو في المحيط الهادىء.
تجدر الإشارة إلى أنه في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وقبيل انطلاق فعاليات مؤتمر المناخ في مراكش – المغرب، صدقت نحو 200 دولة على “اتفاق باريس” لمواجهة التغير المناخي بوصفه “مهمة عاجلة”، في ظل مخاوف من أن يحاول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلغاءه.