سلطت الصحافة التركية الأسبوع الماضي الضوء على قرية القطط في مدينة أنطاليا Antalya في جنوب الأناضول، وانتشرت عشرات الصور لقطط في بيوت صغيرة بدت وكأنها فيلات أو قصور، لا تشبه هذه القرية جزيرة أوشيما Oshima Island الصغيرة في اليابان، المشهورة باسم “جزيرة القطط” Cat Island، والتي يقطنها أقل من عشرين شخصا فيما تضم أكثر من 150 من القطط الضالة، فالقرية التركية مجهزة لتكون موئلا للقطط في تصميمها وهندستها، وهي الأولى من نوعها على مستوى العالم.
ولقرية القطط في مدينة أنطاليا – بحسب صحف ومواقع تركية – قصة هي الأولى من نوعها في عموم تركيا، بدأت بعد أن قطن فيها الزوجان محمد وموجغان أورهان، وقد وجدا في المدينة بيئة مناسبة لتحقيق حلمهما بإنشاء قرية للقطط، خصوصا وأن أورهان وزوجته عاشا قصة حب مشتركة إلى جانب حبهما للحيوانات منذ طفولتيهما، وحتى بعد زواجهما راحت الأفكار تراودهما في مدينة إسطنبول، من أجل انجاز عمل يخدم البيئة ويوفر في الوقت عينه وسطا آمنا للقطط الضالة في الشوارع.
فيلسوف المزرعة
عاش الزوجان في اسطنبول، منتظرين اليوم الذي سينفذان فيه حلمهما، إلى أن شاهدا الفيلم التركي “فيلسوف المزرعة”، الذي شكل نقطة فارقة في حياتيهما، بحسب وكالة “الأناضول” التركية.
وهذا الفيلم يتطرق لقصة شخص سئم حياة المدينة والأماكن المزدحمة، فيترك وراءه كل شيء ويتجه إلى الطبيعة، والفيلم شكل حافزا دفع الزوجين إلى بيع سيارتهما، والسفر إلى الجنوب، وتحديدا إلى بلدة “قونية ألتي” في ولاية أنطاليا، فاستأجرا قطعة أرض على مساحة دونمين كاملين.
بدأ محمد وموجغان يجمعان قطط الشوارع التي ضلت طريقها، والتي تبحث عن الدفء والطعام والشراب، وباشرا في شراء بعض الأخشاب والمستلزمات لنصب بيوت أطلقوا عليها اسم “فيلات” وأحواض مياه، فضلا عن مرافق وألعاب أخرى.
وسرد أورهان الخطوات التي نفذها من أجل تحقيق حلم بناء ما أسماه بـ “قرية القطط”، بحسب “تركيا بوست“.
عشرات المتطوعين
وعن هذه التجربة، يقول أورهان: “بدأنا على مدار عامين كاملين بعد انتقالي من إسطنبول إلى أنطاليا، في توزيع الأطعمة والمياه في صناديق صغيرة كل يوم على جانبي الطرق وفي أماكن تجمع القطط”.
ويضيف: “شعرنا في المرحلة التالية إلى حاجتنا إلى بناء يجمع داخله كل ما تحبه الحيوانات الأليفة، ما سيعود بالنفع على الحيوانات بشكل مباشر”.
ويستطرد: “لقد أسسنا بالتعاون مع عدد كبير من محبي الحيوانات جمعية أطلقنا عليها (جمعية حماية ورعاية حيوانات الشوارع في أنطاليا)، وبدأنا تحت سقف هذه الجمعية تطبيق حلمنا في انشاء أول تجمع خاص لرعاية القطط في البلاد”.
وعن الأيام الأولى للمشروع، أوضح أورهان أنه فكرته جذبت عشرات من المتطوعين، عقب ترويجه لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تلت ذلك مرحلة تجهيز أرضية الموقع وإزالة الأحجار والعوائق الطبيعية منه، فضلا عن تشييد بيوت عدة صغيرة للقطط.
وأضاف قائلا: “بعد انهاء استعداداتنا وتجهيز الموقع بوسائل تدفئة، بدأنا في جلب القطط إلى قريتنا واحدة تلو الأخرى، إلى أن تجاوزت أعدادها حاليا 100 قطة”.
تأمين احتياجات القرية
وعن نظرة المجتمع لمشروعه، أكد أورهان أن قرية القطط لقيت اهتماما وتعاطفا كبيرين من قبل الأهالي، لدرجة أن كثيرين راحوا يرسلون مبالغ مالية كبيرة، دعما للمشروع. ولفت أورهان أنه لم يقبل أي دعم مالي مباشر، وأنه طالب الداعمين بزيارة المشروع وتنفيذ دعمهم بأيديهم على الأرض.
وأضاف قائلا: “عندما نحتاج إلى أطعمة أو أي مستلزمات أخرى، أنشر الطلبات على حساباتنا في مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الفور يأتينا كثير من المتطوعين من ولايات مختلفة، وننفذ بأيدنا كل ما نريد”.
وعن أنواع القطط التي تقطن في مكان مشروعه، أوضح أن غالبية قطط القرية جمعت من الشوارع، إلى جانب أنواع أخرى مثل قطط “النرويج” و “وان” و “أنقرة”.
من جانبها، قالت فردا غولر إحدى المتطوعات التي قدمت لزيارة القرية مع زوجها، “أتينا لطلاء بعض البيوت والمساعدة في تأمين بعض احتياجات القرية”.
وأضافت: “ننظم فعاليات في القرية باستمرار ونشوي اللحم، وأطعمة أخرى لنا وللقطط”.