على الرغم من صغر مساحة لبنان، إلا أنّ بحره غني بالمياه العذبة الحلوة الممتدة من الناقورة إلى طرابلس، وقد اكتشف في قاع البحر عشرات الآبار، لكنها محصورة، ومن الممكن الاستفادة منها بسهولة، بمجرد أخذ آلات ووضعها في البئر، حيث تفصل المياه الحلوة عن المالحة، وعندها بالإمكان استخراجها، علماً بأن معظم المياه الجوفية في البر، أصبحت ملوثة، لأنه لا توجد إدارة سليمة لقطاع المياه، وهناك مشاكل مائية كبيرة في لبنان، خاصة في المستقبل القريب..
على بُعد بضعة مئات الأمتار عن الشاطئ الممتد من الزهراني إلى مدينة صور، آبار من المياه العذبة، تتفجر مياه ينابيعها في قاع البحر، ولا تنضب أو يخف تدفقها على مدار العام، وهذه الآبار شكلت مقصداً للعديد من فرق الغطس والأبحاث، التي نفذت دراسات حولها، وأرسلتها للوزارات المعنية، لكن من دون جدوى، فلا تحرك فعلي نحو الآبار حتى اليوم..
تدور روايات كثيرة عن هذه الآبار التي – كانت وفق بعض المعمّرين – تشكل المصدر الرئيسي لمياه الشرب لأهالي المدينة قديماً، الذين كانوا يقصدونها بالقوارب فيملأون جرارهم، ثم يعودون، وهي ثروة قائمة، إنما مع وقف التنفيذ.
يشير قدامى البحّارة في صور إلى أن «مياه الينابيع العذبة منتشرة على طول الساحل الجنوبي، وليس هنا فقط، ألا يستحق الأمر من المعنيين التدقيق في سبل التنقيب عن ثروة طبيعية محتملة، قد تكون كفيلة بسد حاجة لبنان من المياه للأجيال القادمة».
تم اكتشاف الآبار على مراحل، وهي بعمق 50 متراً ومحيط 4 أمتار، وهناك بئر «القاسي» و»العباس» وآخر «الميادين»، وهم من الأساسيات، وبئر «العباس» هو الأضخم والأكبر.
تمتاز هذه المياه الحلوة بأنه يوجد في داخلها مادة تقتل «الفيروس» في معدة الإنسان – أي إنها مياه صحية – وهناك آبار موجودة وليس بحاجة إلى مضخات ولا تكرير، وهي بعيد 100 متر عن الشاطئ، وبإمكان الدولة إخراج المياه، وهذه ثروة مائية، يجب الاستفادة منها، لكن للأسف الشديد نحن في بلاد المياه وليست لدينا مياه.
السارجي
نقيب «الغوّاصين المحترفين» في لبنان محمد السارجي قال: «نحن في «نقابة الغواصين المحترفين» في لبنان، ألقينا الضوء على الينابيع العذبة التي تتفجّر في قاع البحر، وهي شبيهة بالمياه الموجودة على البر، لكن الخزانات الجوفية الموجودة ببطن الأرض فوقها بحر، وعندما تمتلئ تتفجر ينابيع، لكن للأسف، حرام ألا نستفيد من هذه المياه، ووثقنا حوالى 21 بئراً ممتدة من الناقورة إلى طرابلس، ومدينة طرابلس تشرب حالياً من مياه نبع «أبو حلقة»، وهو أساساً في البحر، ومن حظ أهل المدينة أنّ «أبو حلقة» قريب من الشاطئ، طمروا المنطقة على الشاطئ، وتم حصر المياه واستخراجها من 17 عاماً».
وتابع: «إنّ الآبار الموجودة في صور هي الأغنى والأغزر، خاصة بئر «القاسي»، الذي اكتشفناه منذ وقت قصير، وحجم قطره 4 أمتار، وعلى عمق 50 متراً، وهو في المنطقة الشمالية للينابيع الحلوة… ولدينا مياه كثيرة وهناك عشرات الآبار، لكن الآبار المحدّدة والمياه المحصورة، يمكن الاستفادة منها بسهولة، مجرّد وضع آلات في البئر، وهذه الآلات تفصل المياه الحلوة عن المالحة، وبالإمكان إخراجها».
وأردف: «نتيجة للصرخات المتتالية التي نطلقها، بدأ «المجلس الوطني للبحوث العلمية» بدراسة لآبار المياه في صور، وتم أخذ عينة، تبيّن أن نسبة المياه المالحة هي 12%، حينها اعتبر المجلس أنّها عالية، ووجهت نظري أنّها تصلح للشرب، ونسبة الملوحة لم تكن عاليه، لأننا أخذنا العينة باليد، من مياه البحر، وهي شديد الملوحة».
واستطرد قائلاً: «للأسف، صُدِمت عندما سمعت رد فعل الدولة، نريد مشروعاً جدياً، المياه والعلم موجودان، والذي باستطاعته استخراج النفط عن عمق 3000-4000 متر، يستطيع استخراج المياه عن عمق 40 متراً، والمياه لا تحتاج إلى تنقيب بالأرض، لأنها متفجرة، وما علينا إلا محاصرتها فقط، أو نبحث عن مصدر الخزان، وإذا كان الخزان يصل إلى البر، نقوم بدراسة ونستخرج منه المياه، وإذا لم يصل للبر نستخرجه من مكان تواجده، ويوجد معدات خاصة بالآبار البحرية تفصل المياه المالحة عن الحلوة».
وأضاف: «جريمة كبرى ألا نستفيد من الآبار الموجودة في قعر البحر، المياه الجوفية في لبنان نشفت، والمناطق الساحلية في لبنان تستخدم المياه المالحة لأنها دخلت إلى كل الآبار الجوفية، بيروت أصبحت منكوبة، ولدينا معلومات بأنّ 3 آبار عند ساحة الشهداء في مدينة صيدا – وهي آبار أساسية – أصبحت مياهها مالحة، ومع الأيام ستحتل المياه المالحة مكان المياه الحلوة».
واعتبر السارجي أنّ «قضية المياه مثل قضية النفايات في البلد، ولو يوجد لدينا دولة متحضرة، لكانت تفكر بحلول لمصلحة الوطن والمواطن، فنحن نؤكد بأن استخراج المياه الحلوة لا يؤثر على البيئة البحرية، لأن المياه الحلوة ليست أساسية للبحر، وبالإمكان أن نستخرج من بئر واحد، كميات كبيرة، فكيف إذا كانت هناك عشرات الآبار موجودة في البحر، ولا تؤثر على الثروة السمكية أو البيئة البحرية».