نحن بيئيون وخبراء ومناضلون ضد الفساد الشامل على كل مستويات السلطة، وأنتم صنَّاع القرار، وواضعو السياسات والخيارات في مجال النفايات، وكل المجالات الأخرى.
أنتم صنعتم أزمة النفايات بسياساتكم وخياراتكم وقراراتكم، التي اتخذتموها، وتلك التي لم تتخذوها في الوقت المناسب، ولم تتخذوها بعد.
أنتم مستمرون في خياراتكم التي تتجاهل حماية البيئة وحماية الصحة العامة والسلامة العامة. وأنتم مستمرون في استنزاف المال العام في كل مراحل تعاملكم المشبوه مع النفايات، من الجمع والفرز الشكلي والمعالجة الناقصة. تعامل لا يرتقي إلى الحد الأدنى من الجدية في معامل الفرز والمعالجة، حيث تبقى، وبعد عشرات السنين لإنشائها، قاصرة من النواحي كافة، لجهة تخلُّف التقنيات المستعملة، ولجهة قدرة الإستيعاب المحدودة جدا، ولسوء جودة المعالجة والمنتج. وكل ذلك يتم في ظل عقود أبرمت إثر مناقصات شكلية، مخالفة لكل الأصول القانونية، تقدر بمئات ملايين الدولارات.
نحن وقفنا ضد سياساتكم وخياراتكم وواجهناها بكل الوسائل القانونية المشروعة، واعترضنا عليها بكل أشكال الإعتراض التي يتيحها نظامنا الديموقراطي ودستور بلدنا. نقوم بذلك ليس منافسة لشركاتكم، ولا طمعا بمشاركتكم، بل فضحا لمخالفاتكم ولممارسات الفساد لديكم على المستويات السياسية والإدارية والتنفيذية. وسنتابع مواجهتكم، وتحميلكم تبعات سياساتكم وممارساتكم في تخريب البيئة وهدر مواردها، وتهديد الصحة العامة بأكبر المخاطر، التي تتمثل بازدياد معدلات التعرض للأمراض المزمنة والمميتة، ومعدلات الموت المبكر، والتعرض لكل أنواع الأمراض.
أنتم المسؤولون عن سوء الحالة الصحية للشعب اللبناني، وعن ارتفاع موازنات الإستشفاء والعلاج، وعن أعلى فاتورة دواء في العالم نسبة لعدد السكان. مستشفيات لبنان كلها تعجُّ بحالات الأمراض الصعبة على مدار الساعة. وكذلك المراكز الطبية والعيادات الخاصة.
أنتم المسؤولون عن هذا التدهور المخيف في الأمان الصحي والبيئي في لبنان، حيث أضيف إليها مؤخرا، استهتاركم بالسلامة العامة للطيران في مطار بيروت، عبر دفاعكم المستميت عن خياراتكم الخاطئة، المُضحِّية بكل شيء، بما فيها سلامة وأمن الطيران، في المكبات الشاطئية في الكوستابرافا وبرج حمود، حيث يسيل لعابكم للمساحات الموعودة الناتجة عن طمر البحر في هذه المواقع، كما يحصل في صيدا من ردم للبحر بالنفايات المخلوطة بالردميات.
أنتم اليوم، ترصُّون صفوفكم، وتستنفرون أدواتكم الإعلامية والمؤسسات المُؤتمِرة بأمركم، وتتوالى تصريحات رجالاتكم للسير في تعميم المحارق، وهي توأم مشابه للمطامر، لناحية مخاطرها الكبيرة على البيئة والصحة العامة، ولناحية ارتفاع كلفة إنشائها وتشغيلها وصيانتها. وهي بالنهاية ليست أكثر من منشآت تقنية تحوِّل النفايات غير الخطرة إلى نفايات خطرة يصعب التعامل معها والتخلص منها وبكلفات باهظة جدا. فالرماد المتطاير، الذي يتطلب التقاطه وجمعه أكثر نظم المصافي تطورا، المكوَّنة من فلاتر – أكياس عالية الجودة والحداثة، مضافة لمرسِّبات كهروستاتيكية عالية القدرة والفعالية، مصنف عالميا نفاية خطرة، تشترط معالجة تقنية، وتصليب قبل القيام بدفنها فنيا في مطامر متخصِّصة لاستقبال النفايات الخطرة، وليس في أي مكان آخر. وما الحديث عن تصديرها إلى الخارج إلَّا نكتة سمجة تدل على جهل الكثيرين منكم بقواعد وأنظمة إتفاقية بازل بشأن انتقال النفايات الخطرة عبر حدود الدول. وكذلك أيضا سوائل غسل الغازات، هي الأخرى سوائل تحتوي على مواد كيميائية سامة، تحتاج إلى معالجة دقيقة وكاملة في محطات متخصصة لمعالجة النفايات الكيميائية السائلة، قبل التخلص منها في أوساط البيئة من بحر ونهر وأراضي.
أنتم وحدكم المسؤولون عن اعتماد هذه الخيارات الخطيرة، وعن كل ما سوف يترتب عنها من نتائج، تظهر في السنوات القادمة ارتفاعا كبيرا في معدلات الأمراض السرطانية والتشوهات وغيرها من الأمراض الخطيرة والمميتة والمستعصية، وكذلك في ارتفاع معدلات التعرض للأمراض والتعطيل عن العمل، وارتفاع معدلات الموت المبكر، والنقص في الحصانة الصحية، وما سوف يترافق مع ذلك من خسائر اقتصادية وتهديدات اجتماعية وديموغرافية.
أنتم وحدكم المسؤولون عن السير قدما في هذه الخيارات والسياسات المدمِّرة، متجاهلين كل نداءات التحذير وأصوات العقل ومقولات العلم والخبرة، وقراءة موضوعية لتجارب الشعوب الأخرى.
أنتم وحدكم المسؤولون عن السير في هذه الخيارات المدمِّرة لبيئة لبنان، وصحة شعب لبنان وسلامته وأمنه الاجتماعي والصحي والإقتصادي.
أنتم وحدكم بإصراركم على خيارات المكبات والمطامر، وراهنا ومستقبلا على خيارات المحارق، وإصراركم المستهجن، ورفضكم المنهجي لاعتماد سياسة الإدارة المتكاملة للنفايات، السليمة بيئيا والآمنة صحيا ولناحية السلامة العامة، والمعقولة لناحية الكلفة، والمساعدة على التنمية المناطقية وخلق فرص عمل جديدة.
هذا ما ندعو إليه دون ملل أو كلل، وسنبقى ندعو إليه لا استجابة لمصالح خاصة أو فردية أو فئوية، كما يحلو لبعض المتذاكين القول والترديد، بل قناعة منَّا بأنه الخيار الإستراتيجي الأسلم، والمستجيب لمصالح شعبنا في التنمية، وحماية بيئته وأمنه الصحي، وحفظ ثرواته وموارده واستدامتها، لتوريثها آمنة صالحة لأجيال شعبنا القادمة.
هذه مسؤوليتكم جميعا دون استثناء، يا مَن تشغلون اليوم مواقع السلطة بكل مستوياتها، وتقرِّرون سياسة لبنان وخياراته البيئية والصحية والإقتصادية.
أنتم وحدكم المسؤولون عن تبعات سياساتكم وخياراتكم….أمام الله، وأمام شعبكم وأجياله الآتية.