تمكن صياد في ميناء طرابلس صباح اليوم الأحد 5 شباط (فبراير) من اصطياد سمكة ضخمة، علقت في “شباكه العالية” (نوع من شباك الصيد) يتعدى وزنها الطن، ما أثار فضول المواطنين الذين تجمعوا لرؤية هذا “الكائن البحري الغريب”، وكما هي العادة عندما يجود البحر بأسماك غريبة تكثر التفسيرات والاستنتاجات حول نوعها، وهل هي من الأنواع الغازية؟ وهل يصلح لحمها للاستهلاك الآدمي؟ على الرغم من أن السمكة الضخمة الغريبة تعرَّف إليها صيادو طرابلس قبل نحو خمس سنوات، وتم اصطيادها مرات عدة، وموجودة في منطقة القلمون.
ومن البديهي أن يستهجن الصيادون والمواطنون وجود هذا النوع من الأسماك في بحرنا، وأن يراودهم الخوف منها، ومن بعض الكائنات التي لا عهد لهم بها من قبل والنادرة أيضا، نتيجة جهل معظم الناس والبحارة والصيادين أيضا لبعض هذه الانواع التي تعيش في بحرنا أو الوافدة إليه، وليس لديهم ادنى فكرة عنها، وهذا يتطلب نشر التوعية حول الأنواع الغريبة، خصوصا في مجتمع الصيادين، فضلا عن أنه في بعض الحالات يتم صيد أنواع مهددة بالانقراض، أو يمنع القانون صيدها لأنها موضوعة على القائمة الحمراء للأنواع المهددة ومحمية باتفاقيات دولية.
عكر: ليست الأولى
وفي هذا المجال، بادر greenarea.info للسؤال عن السمكة الغريبة، خصوصا وأن شكلها غير مألوف، فضلا عن أن حجمها الضخم يطرح علامات استفهام كثيرة حيال ما يشهده الشاطىء اللبناني من تغيرات في التنوع الأحيائي، ناجم عن عشرات الأنواع الغازية المهددة للنظم الإيكولوجية البحرية.
وأشار رئيس “تعاونية اسماك الميناء – طرابلس” أحمد عكر لـ greenarea.info إلى أنها “ليست المرة الاولى التي يصطاد فيها هذا النوع من الاسماك في طرابلس”، وأكد عكر “انها وقعت في شباك عالية لصياد في الميناء”، لافتاً إلى ان “وزنها كبير يقارب الطن أو أكثر، بحيث احتاج الصياد الى استئجار رافعة (ونش) لرفعها من المياه ونقلها”.
أما الخطير في الامر انها قطعت وبيعت بالكيلو، وهي سمكة، بحسب ما أكد لنا خبراء في مجال الأحياء المائية، قد تسبب في بعض الحالات التسمم، وهذا الامر قد يعرض صحة الناس للخطر.
باريش: قناديل البحر غذاؤها الرئيسي
ومن أجل معرفة وتحديد نوعها علميا، اتصل greenarea.info بأخصائي البيولوجيا البحرية وعلوم البحار البروفسور ميشال باريش لنقطع كل الجدل الحاصل حول نوع هذه السمكة، فأكد أنها “من نوع Ocean sunfish Mola Mola ، وتعرف باسم (سمكة شمس المحيط)”.
وأضاف باريش: “هي من الاسماك الثقيلة وزنا، إذ يصل وزنها إلى ألف كيلوغرام، وهذا النوع من الأسماك يعيش في معظم البحار، وينتشر في المياه الدافئة والمعتدلة في كافة المحيطات”، ولفت إلى أن “هذه السمكة تطفو غالبا كورقة على سطح الماء وتبدو كأنها بدون نصفها الخلفي وذلك بسبب عدم امتلاكها الزعنفة الذيلية، اي أن زعنفتها الذيلية شبه بتراء (caudal fin truncate) أما الزعنفتان الصدريتان مستديرتان rounded pectoral fins”.
وأشار باريش إلى أن “جلدها سميك جدا وخشن (thick and rough skin) ، وجسمها مسطح افقياً، وتمتاز بفمها صغير، وتعتبر قناديل البحر غذاءها الرئيسي، كما انها معرضة للخطر عند ابتلاعها اكياس النايلون (البلاستيك)”.
لحمها غير مستساغ وقد يكون ساما
وتتواجد سمكة شمس المحيط عادة على أعماق مختلفة بين السطح وعلى عمق 400 متر، تظهر نادرا في بعض المناطق ضمن مجموعات، وتعتبر من الفقاريات الاكثر خصوبة بحسب موسوعة غينيس بوك (Guinness book of world records)، تضع حوالي 300 مليون بويضة، كما أنها تسبح بطريقة مختلفة عن باقي الاسماك وغالبا ما تسبح بطريقة جر نفسها، ولأنها تعوم بهذه الطريقة تكون معرضة لالتصاق الطفيليات بها، هذه الطفيليات تزعجها لاحقا فتقصد المناطق التي تتواجد فيها الاسماك لتخلصها منها أو تقصد سطح الماء حيث النوارس التي تقوم بهذه المهمة.
وبحسب باريش فإن “طعم لحمها غير مستساغ وقد يكون ساما، ولكن تعتبر هذه السمكة وجبة طعام شهية في بعض اجزاء العالم مثل اليابان وكوريا وتايوان بعد إزاله السموم منها، فهي غير صالحة للأكل ولا أهمية لها في الصيد، تعلق في شباك الجرف والشباك العالية والمبطنة، والجدير بالذكر أيضا أنها غير خطرة وغير مؤذية للانسان”.
هذه السمكة مصنفة على القائمة الحمراء لـ “الاتحاد الدولي لصون الطبيعة” الـ IUCN، اي أنها مهددة بشكل خفيف للانقراض، أما الاتحاد الاوروبي فمنع صيدها وبيعها نهائيا.
وختم باريش: “اعتدنا ومنذ زمن بعيد رؤيتها في بحرنا، وفي كل عام تقريبا تعلق بشباك أحد الصيادين”.