يتوقّع تقرير من Business Insider أن تحتلّ مبيعات الـ “درونز” أو الطائرة من دون طيار خلال العقد المقبل ما نسبته 12 بالمئة من 98 مليار دولار. وكما فعلت تكنولوجيات سابقة، من المتوقّع أن ينعكس ذلك على سوق العمل، وأن تزوّد السوق الأميركية وحدها بمئة ألف فرصة عمل إضافية بين 2015 و2025.
ومن الصحافة الاستقصائية الى مراقبة المزروعات الى المشاركة في البحث عن الناجين بين الانقاذ، الى نقل البريد، تلعب الدرون دوراً حاسماً في العديد من المهام الحساسة، لكن احد الباحثين اليابانيين اختار للطائرة دون طيار مهمة جديدة وهي تلقيح الزهور.
يشير المدون انطونيو ريغالدو، من “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا”، ان هذا الباحث الياباني طور طريقة لاستخدام طائرة من دون طيار صغيرة الحجم، لتقوم بمهام تلقيح الزهور في عالم بدون حشرات، كما وصفه.
وهناك عدد كبير من أنواع النحل في تراجع حاد، وتم تحديد العديد من الأسباب وراء هذا التراجع، بما في ذلك الطفيليات، وفقدان مصادر الطعام. وتُلام المواد الشبيهة بالنيكوتين الحديثة أيضا، وهي فئة واسعة الانتشار من المبيدات الحشرية التي عادة ما ترشّ على البذور، فتتسلل إلى غبار الطلع ورحيق النباتات. ويحظَر حاليا استخدام ثلاثة أنواع من شبيهات النيكوتين الحديثة، وهي: كلوثيانيدين، وإيميداكلوبريد، وثيامثوكسام مؤقتا في دول الاتحاد الأوروبي، خوفا من أن تضر باللواقح. في الولايات المتحدة، لا توجد مثل هذه القيود، لكن الوكالة الأميركية لحماية البيئة صرحت في نيسان (أبريل) 2013 بأنه من غير المحتمَل أن تصدق على الاستعمالات الجديدة لمبيد حشري من أشباه النيكوتين الحديثة، دون الاستناد إلى أحدث البيانات الخاصة بأعداد النحل.
إزاء هذه الكارثة التي تواجه أسراب النحل في العديد من المناطق، قام الباحث الياباني من “المؤسسة الوطنية للعلوم الصناعية المتقدمة” في تسوكوبا في اليابان، باختراع مواد لاصقة لديها خواص فيزيائية غير عاديه مخصصة لتلقيح الزهور بالبذور. ثم قام بشراء طائرة من دون طيار زهيدة الثمن، وعدل في شكلها وزاد عليها من الجهة السفلى قاعدة لوضع المادة اللاصقة التي اخترعها، وبذلك بات بإمكان هذه الطائرة ان تحط على الزهور فليتصق بها غبار الطلع تماما كما يلتصق في ارجل النحلة، لتنتقل بعدها الى زهرة اخرى وتقوم بتلقيحها.
ولقد نجحت التجربة اليابانية في تلقيح زهور طبيعية استخدمت في الاختبار، ولقد اعتبر هذا الانجاز، أول عملية تلقيح صناعي للزهور عن طريق طائرة من دون طيار.
ويتوقّع للزراعة أن تأخذ حيّزا مهما من عمل الطائرة من دون طيار، لما تحمله “الدرونز” من فوائد جمّة على زيادة الإنتاج، خصوصاً في الحقول الواسعة التي يحتاج الإشراف عليها إلى جهد بشري مضنٍ. واستناداً إلى مبدأ “الزراعة الدقيقة” تقوم الطائرة من دون طيار بقياس الاختلاف بين المزروعات جغرافياً، وكذلك ملاحظة تغيّر كل جزء منها مع الفصول عبر تصوير الحقول بكاميرات خاصة. وبناءً على ذلك، يجري تحليل الصور تلقائياً ويُعطى المزارع النتيجة النهائية للعملية.
لكن العديد من الذين يعلمون في الطبيعة، قللوا من اهمية هذا الاختراع، ففي كاليفورنيا مثلاً تحتاج اشجار اللوز المستثمرة زراعياً الى ما يزيد عن ١.٨ مليون قفير من النحل، تحوي ما يزيد عن ٣٥ مليار نحله من اجل ان تقوم بعملية تلقيح ما يزيد عن ٩٠٠ الف هكتار من اشجار اللوز والتي تزهر ثلاثة تريلونات من الزهور، لذلك هناك شكوك حقيقية ان تكون مهمة تلقيح الزهور التي أوكلت الى الحشرات وخصوصاً النحل، ممكنة التنفيذ من خلال حلول غير طبيعية مهما بلغت التعقيدات التي يمكن تطويرها، وإيكال مهمة تنفيذها الى الطائرة من دون طيار.
ومع فقدان النحل بدأ العديد من المزارعين في عدة اماكن من العالم بالبحث عن بدائل لتلقيح الاشجار المثمرة، كما يحدث في الصين مثلاً، حيث يتم تلقيح الزهور عن طريق فرشاة مصنوعة من الازهار اليابسة، تلصق عليها البذور ويجري وضعها على الزهور لكي يتم تلقيحها، لكن هذه المهمة تبقى بكل تأكيد قاصرة بما لا يقاس، عن تعويض عملية التلقيح الطبيعية التي يقوم بها النحل.
وبحسب دراسة نشرت في دورية “نايشتر”، يستطيع النحل أن يتعلم التعامل مع الأشياء، ويمكنه تمرير المعرفة التي اكتسبها إلى بقية النحل. وقدم لارس شيتكا – من جامعة الملكة ماري في لندن – إلى مجموعة من النحل من نوع Bombus terrestris قرصا مملوءا بماء مسكر، وموضوعا تحت لوح شفاف من الـ Plexiglas. وللوصول إلى القرص، كان على النحل سحب خيط متصل به. ولوحظ أنه من أصل حوالي 300 نحلة، لم تتمكن سوى نحلتين فقط من القيام بذلك من تلقاء نفسيهما، بينما كان معظم النحل بحاجة إلى تدريب تدريجي، نجح بعده أكثر من 80 بالمئة منه في إتمام المهمة.
وعندما شاهد النحل غير المدرب النحل الآخر يحصل على الماء المسكر، تمكن من تعلم الحيلة. فقد تم إدخال “نحلة مدربة” في مستعمرات من النحل غير المدرب، ثم قدم القرص لنحل من تلك المستعمرة، فنتج عن ذلك أن تعلم قرابة نصف النحل الجامع للغذاء أداء المهمة في نهاية المطاف، بيد أنه لم يتمكن أي من النحل في المستعمرات المحكمة من سحب القرص إلى الخارج.
ترتبط فئة من المبيدات، تسمى “نيونيكوتينويد”، بانخفاض أنواع النحل البري في جميع أنحاء المملكة المتحدة. فقد أظهرت دراسات صغيرة وقصيرة المدى أن المواد الكيميائية – التي استخدمت لأول مرة على نطاق واسع في البلاد في عام 2002، قبل أن يعلق الاتحاد الأوروبي استخدامها لمدة سنتين في عام 2013 – يمكن أن تضر بعملية تكاثر النحل. وللبحث في الآثار طويلة الأجل التي تسبِّبها على مستوى تجمعات النحل، قام بن وودكوك – من مركز “NERC” لعلوم البيئة والهيدرولوجيا في والينجفورد بالمملكة المتحدة – وزملاؤه بمقارنة خرائط استخدام المبيدات على محاصيل بذور اللفت (الكانولا) مع مسوح تمَّت على 62 نوعا من النحل البري في جميع أنحاء المملكة المتحدة، من عام 1994 حتى عام 2011. وقد وجدوا علاقات عديدة بين التعرض لمادة “نيونيكوتينويد”، وانخفاض أعداد النحل الذي يتغذى على المحاصيل، وحتى بعض الأنواع الأخرى التي لا تقوم بذلك.