قبل اسابيع قليلة من بدء موسم هجرة الطيور من افريقيا باتجاه اوروبا، ومرورها فوق لبنان، اصدرت “جمعية حماية الطبيعة في لبنان”، كتاباً جديداً بعنوان “دليل لـ 200 طائر شائع في لبنان”.
يمتاز الدليل الذي وضعه الكاتب البريطاني ريتشارد بريور، والصادر باللغتين الانكليزية والعربية، باحتوائه على رسومات وصور لكل طائر من هذه الطيور لأهم الرساميين العالميين المتميزين في رسم الطيور، وهم: أ. بيرش، ج. جيل، م لانغمان، و ب. سمول. في حين تولى الاشراف على الترجمة الى العربية اسعد وجمانة سرحال.
وهناك حوالي 327 نوعا من انواع الطيور المقيمة والمهاجرة في لبنان، لكن الكتاب تضمن قائمة الطيور الشائعة الوجود، وذلك لكي يكون دليلاً مبسطاً لكل من يرغب بمراقبتها.
ويتميز الدليل بأن رسومه شملت جميع الأنواع في لوحات ملونة وعند الضرورة بيّنت اختلافات الريش المرتبطة بالجنس والعمر، ووضّحت أشكال السلالات المختلفة.
يقول مؤلف الكتاب ريتشارد بريور الذي عاش لفترة طويلة في لبنان، وجال في العديد من المناطق المصنفة من المناطق المهمة للطيور، انه حرص على ان يدرج في الكتاب جميع الطيور الشائعة والموجودة فعلاً في لبنان، وذلك ليوفر على القارئ والمتابع مشقة البحث عن الطيور المقيمة او المهاجرة عبر لبنان، ضمن الكتب التي تشمل مختلف طيور منطقة الشرق الاوسط.
ويضيف بيريور: “تتواجد الطيور في كل مكان، في البلدات والحقول وعلى الجبال وعند البحر وفي الفضاء. انها مخلوقات عجيبة ليس لها حدود. تملؤنا بالدهشة لقدرتها على التحليق والهجرة احياناً لآلاف الكيلومترات في رحلات طويلة. لا يتوجب عليك ان تزور حديقة حيوانات او محمية طبيعية لتراها، خصوصا في لبنان الذي قدّر له ان يمتلك مواطن مختلفة ومناخاً متنوعاً.
إضافة إلى ذلك، فإن لبنان يقع على خط هجرة الطيور. فالطيور تمر في هذا البلد مرتين في السنة وهي في طريق هجرتها ما بين افريقيا واوروبا وخلال عودتها. وهي تأتي بأشكال وأحجام وألوان مختلفة، وكل نوع منها له تغريده ونداؤه الخاص، والعديد من هذه الطيور تبدل لون ريشها الذي يصبح أزهى في الربيع، مختلفاً عما هو عليه في فصل الخريف وفي بلدان كثيرة.
ويلفت بريور الى ان استشراف قدوم الربيع دائماً ما يرتبط بالطيور. في لبنان اشعر دوماً بأن اسراب اللقالق البيضاء التي تمر في أواخر أيار (مايو) تنبئ بحلول الربيع. في حين أنه في روسيا تكون عودة الزرزور. أما في الممكلة المتحدة فالسنونو هي التي تحدد قدوم الربيع.
ويقول بريور أن الدراسة العلمية للطيور تعود الى قرون سابقة، وتحديداً الى القرن الثامن عشر حيث كان الناس يراقبون الطيور من أجل المتعة، وهي هواية كبرت يوماً بعد يوم، والآن فإن العديد من مراقبي الطيور يزورون بلداناً أخرى للاستمتاع بمشاهدتها، وأحياناً من أجل التقاط صور لانواع مختلفة منها. لذلك فإن تنامي ظاهرة مراقبة الطيور والوعي البيئي قد أديا الى تقلص القتل الجائر للطيور، والناس قد درجوا على تقدير حرية هذه الطيور وجمال منظرها والتي تعيش حياة مدهشة. ويأمل بريور بأن يوقظ هذا الكتاب البسيط روحاً مماثلة لدى الناس في لبنان.
قلة من اللبنانيين يراقبون الطيور، ولكن الكثير منهم يصطادونها بأبشع الوسائل. بدوره يرى أسعد سرحال ان هذا الدليل حاز على دعم بعثة الاتحاد الاوروبي ومؤسسة MAVA ، وتلقى منحة من معرض الطيور الذي يقام سنوياً في محمية Rutland المائية الطبيعية في بريطانيا. وهو من اشهر المعارض المتخصصة بمراقبة الطيور. ويأمل سرحال ان يكون الكتاب بمثابة خطوة تشجيعية لكل من يرغب بمراقبة الطيور بدل قتلها. وهو في سياق التحضير لحملة تشمل مختلف دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا، للتنديد بالقتل العشوائي للطيور وما تسببه من كوارث على مختلف البلدان.
هناك العديد من الدول في منطقة حوض المتوسط سجلت النسب الاعلى من قتل الطيور، بينها لبنان حيث يقتل سنوياً ما يزيد عن 2.6 مليون طائر. ومسؤوليتنا جميعاً ان نخفض كمية الطيور التي تقتل سنوياً، وتنمية ثقافة وهواية مراقبة الطيور تمثل احد هذه الوسائل، لكن طبعاً يبقى انفاذ قانون الصيد البري، ومنع الاتجار بلحوم الطرائد وبالطيور الحية لاغراض التربية في اقفاص، ووقف فوضى وفلتان استخدام المبيدات الزراعية الوسائل الاقوى للحد من قتل الطيور.
ويحوي الكتاب وصفاً ورسوماً ملونة لـ 200 نوعاً من طيور لبنان. والدليل هو نسخة مصغرة عن كتاب “الدليل الحقلي لطيور الشرق الاوسط” الذي صدرت نسخته العربية في العام 2007.
يتضمن الكتاب وصفاً دقيقاً لهذه الطيور مع طولها وصوتها وعاداتها وتكاثرها وأماكن وجودها وترحالها. ويحوي كشّافاً بالأسماء العلمية والانكليزية وقائمة كاملة بالمراجع.
ويمتاز الكتاب انه يصدر بالعربية والإنكليزية ضمن نسخة واحد، ولقد ساهمت الترجمة في تطوير النص الأجنبي، حيث تم توحيد أسماء الطيور بشكل موثق، واعتمد على تقارير علمية حديثة ومخطوطات قديمة لدرس الطيور.
ويغطي الدليل كل الأنواع المسجلة في لبنان حتى بداية عام 1998. ولقد كان موضوع إدراج الطيور التي تشاهد بشكل منتظم والمعتمدة في التقارير المنشورة سهلاً ومباشراً، أما في حال الطيور الشاردة التي سُجّلت منذ زمن بعيد فكان الأمر أكثر صعوبة، ولذا فقد اعتمد الدليل غالباً على المشاهدات الشخصية للكاتب.
ويقع لبنان في ثاني أهم معبر للطيور المهاجرة حول العالم، لكن للاسف تواجه هذه الطيور عمليات قتل منظمة خلال مرورها. ويعتبر مسار حفرة الانهدام _ البحر الأحمر ثاني أهم مسارات الطيران للطيور المهاجرة في العالم (الطيور الجارحة، اللقالق، طيور البجع وطيور أبو منجل) يستخدمه 37 نوعاً من الطيور الحوامة المختلفة، بما في ذلك خمسة أنواع مهددة بالانقراض عالمياً.
وتشير التقارير العلمية الى انه هناك حوالي 248 طائرا في الكيلومتر المربع يقتل سنوياً في لبنان، وهناك 327 نوعا من انواع الطيور المقيمة والمهاجرة في لبنان، 59 بالمئة من انواع هذه الطيور يتعرض لجميع انواع الصيد الجائر. وفي العام 2012 استكمل “المجلس الاعلى للصيد البري” إصدار كافة المراسيم التطبيقيـة والقرارات التنظيمية للقانون الرقم 580 المتعلق بالصيد البري. هذا القـانون أبصـر النـور عـام 2004، لكنه لم يطبق حتى اليوم.
وتنتشر عادات الصيد العشوائي بكثرة في لبنان، أبرزها الصيد في الليل والصيد بالدبق والشبك والأشراك، وفي المدن والقرى ومحلات التنزه والحدائق العامة والمحميات الطبيعية والاماكن المصنفة تراثياً، والصيد في الاراضي الخاصة، وعرض الطرائد المصطادة خارج السيارات وعلى الطرقات العامة، وترصّد الحجال والاحتيال عليها بجذبها من خلال استعمال آلات التسجيل التي تصدر أصواتاً شبيهة بأصوات الطيور والحيوانات، والمطاردة بواسطة السيارة والانوار الكاشفة، والصيد في المناطق الجبلية عندما تكسوها الثلوج بالكامل. ومن ابرز الطرائد التي يتم اصطيادها بأعداد كبيرة في في لبنان المطوق والفري وأبو قلنسوة.