اشتهرت طبيعة لبنان تاريخيا بتنوع بيولوجي فريد من نوعه، إلا أن الصيد الجائر والتمدد العمراني والتلوث وهدم الموائل، كانت وما تزال عوامل ساهمت في انقراض العديد من الأنواع الحيوانية والنباتية، وتراجع أعداد أنواع كثيرة إلى مستويات خطيرة، خصوصا وأن هذه الكائنات الحية هي جزء من توازن في منظومات إيكولوجية متكاملة، وما يؤثر على نوع منها يهدد بقيتها بانخفاض أعدادها وصولا إلى الإنقراض.

في هذا السياق، نقل موقع “الجنوبيون الخضر” صورة بتاريخ 22 شباط (فبراير)، على موقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك” خبرا عن إقدام المدعو حسني هاشم الملقب بـ “أبو عاطف”، من بلدة شبعا في الجنوب، مواليد الأول من شباط (فبراير) 1993، على اصطياد طبسونين، ومستعرضا هذا “الإنجاز” بفخر!

 

الطبسون

 

ويعتبر “الطبسون” من الكائنات المهمة في لبنان، فضلا عن أنه لم يبقَ منها إلا القليل، في محميتي “جبل موسى” و”أرز الشوف” ومناطق عدة من المتن الأعلى والجنوب، وهو حيوان خجول ذو طبيعة غامضة، يفضل الإختباء في الشقوق والجحور الصخرية بعيدا عن البشر، ويقتصر وجوده حالياً على أفريقيا والشرق الأوسط، ويوجد في لبنان ثلاثة أنواع منه، هي: طبسون الصخر، طبسون الغابات وطبسون الشجر، ويعرف الطبسون علميا باسم Procavia capensis وهو من الثدييات الصغيرة، إلا أنه ينتمي الى فصيلة الظلفيات، وأقرب الأنواع إليه هو الفيل، فهما يتشابهان من حيث التشريح والرائحة، ويعتقد العلماء أنهما من أصل واحد يرجع إلى 2 أو 7 ملايين عام مضى، ويتغذى الطبسون على النباتات والحشرات ويرقات الحشرات، ويعيش ضمن مجموعات يترأسها ذكر، وتلد أنثاه بعد فترة حمل بين 6 و 7 أشهر، وتنجب ما بين 2 و 4 صغار، تبدأ عادة بتناول الطعام الصلب بعد اسبوعين من الولادة وتفطم بعد 10 أسابيع، وتصبح بالغة جنسيا في فترة لا تتجاوز 16 شهرا، وتعيش هذه الحيوانات حتى 10 سنوات، وتتميز بإخراج مادة تسمى hyraceum وهي خليط من البراز والبول، يستخدم في الطب الشعبي في أفريقيا لعلاج حالات الصرع والتشنجات العصبية، كما يستخرج من هذه المادة مادة عطرية شبيهة بعطر المسك لتصنيع العطور، وتعتبر هذه الحيوانات مهددة بالإنقراض في لبنان، بسبب الصيد الجائر والتوسع العمراني على حساب الغابات والأحراج.

 

المرصد الأخضر

 

في هذا المجال تواصل greenarea.info مع الناشطة في جمعية “الجنوبيون الخضر” طالبة الدراسات العليا في مجال Biotechnologie Vegetale في فرنسا، ومنسقة المرصد الأخضر زهراء جعفر، فأشارت إلى أنه “تم توثيق هذه الحادثة في المرصد الأخضر لاتخاذ الإجراءات المناسبة”، وعن المرصد الأخضر التابع لـ “الجنوبيون الخضر”، قالت: “أنشئ المرصد بهدف توثيق التعديات على الحياة البرية من نباتات وحيوانات، ولدينا تطبيق الـ Green Observatory App، إذ نحاول متابعة التعديات لجهة نوع الكائن الحي، وطبيعة التعدي إن كان بالدهس او استخدام السلاح، وزمن ومكان الحادث، ومعرفة اسم الجاني، فضلا عن توثيق الحادث بالصور والفيديو، وبعد تكملة هذه المعلومات، نتوجه إلى المدعي العام البيئي، مع عدم ذكر مصدر المعلومات بهدف الحفاظ على سرية المدعي ومصداقيتنا، ونتابع الموضوع، بعد التوثيق والإبلاغ وإجراءات القضاء”.

وقالت جعفر: “نحن مجموعة من الأفراد في المرصد، كل منا أوكلت إليه مهمة، فأساهم مع زميلة بنص الكتاب، ليوقعه رئيس الجمعية الدكتور هشام يونس، ويتابع الكتاب أفراد آخرون لدى الجهات المسؤولة، ونقوم بتوثيق الحوادث على خارطة خاصة بلبنان، وتعطينا فكرة عن نسب حالات التعدي في كل منطقة وأنواع الحيوانات وأعدادها، بهدف متابعة هذه الحيوانات والمحافظة عليها”.

2 (55)
1 (100)

يونس: إخبار للنيابة العامة البيئية

 

من جهته، أشار رئيس جمعية الجنوبيون الخضر الدكتور هشام يونس أن “كتاب الإخبار قد نظم وسيكون لدى القاضي البيئي اليوم الإثنين 27 شباط (فبراير) الجاري”، وأضاف: “كل الحالات توثق في المرصد الأخضر، وبرأيي، إن كل الكائنات الحية معرضة للخطر في لبنان ما عدا الخنازير البرية، فعملية صيد الطيور والحيوانات مستمرة دون أي رادع، وعلى الرغم من الجهود المبذولة، نحاول توثيق هذه الحالات ومتابعتها”.

وقال يونس: “ثمة بطالة في العديد من المجالات، ولكن هناك حاجة للإختصاصات في مجالات المحافظة على الحيوانات وعلاجها، وأتوجه عبر greenarea.info بضرورة التوعية على اختصاصات من هذا النوع، وعلى الحكومة توفير منح دراسية في هذا المجال، فضلا عن دعم مراكز العناية الموجودة، وإنشاء مراكز عناية متخصصة لعلاج الحيوانات، وهذا ما نأمل القيام به ضمن خطوات مستقبلية عديدة”.

 

جمعية المحافظة على الطبيعة في لبنان

 

وفي هذا السياق، أصدرت جمعية المحافظة على الطبيعة في لبنان SPNL بيانا ذكرت فيه أنها أرسلت كتابا إلى وزير البيئة اللبناني طارق الخطيب، طالبة منه الادعاء امام النيابة العامة التمييزية ضد هذا الانتهاك الجائر لقانون الصيد، وللاتفاقيات الدولية المعنية بالتنوع البيولوجي، وطلبت من المحامي البيئي في جبل لبنان التحرك، واعتبار بيانها بمثابة اخبار.

وقالت جمعية حماية الطبيعة في لبنان SPNL انها تضم صوتها الى جانب مركز الشرق الاوسط للصيد المستدام وشركائها الدوليين Birdlife International وBirdfair UK ومختلف الجمعيات البيئية وجمعيات الرفق بالحيوان، لوقف القتل غير القانوني للطيور والثدييات في لبنان، والتشدد في انزال اشد العقوبات بحق المخالفين.

 

دعم الناشطين والجمعيات البيئية الفاعلة

 

وسط الفوضى والفلتان والتجاوزات في ملف الصيد، أصبحت رؤية وتوثيق حالات صيد وإصابة حيوانات وطيور مهددة بالإنقراض أمرا شائعا، بحيث لا يمر يوم دون خبر من هنا وهناك، وقد ساهمت “جمعية Green Area الدولية” بالتعاون مع جمعيات بيئية عدة وناشطين بيئيين من كافة المناطق اللبنانية، في مجالات التوعية وإيجاد أماكن لعلاج هذه الحالات وإيوائها، ولكن هذه المبادرات لا تسد إلا جزءا من الفراغ الموجود، وفي ظل التقاعس الحكومي فعلى المسؤولين، وخصوصا وزارة البيئة، أخذ زمام المبادرة، والحزم في إقرار قانون شامل لوقف هذه التعديات، بالإضافة إلى دعم الناشطين والجمعيات البيئية الفاعلة، وأخذ دورها في توفير أماكن متخصصة لرعاية الحيوانات المصابة، ومراكز عناية ومتابعة وعلاج حالات الإصابات وتأهيل الكائنات البرية والبحرية، أو المساهمة في نفقات علاجاتها، فضلا عن دعم المبادرات الفردية وغير الحكومية للمحافظة على الحياة البرية، توفير التوعية والإرشاد والتثقيف البيئي في برامج منوعة للمختصين وللأفراد، وإلا فإن ما نزال نشهده اليوم يهدد بيئتنا بالمزيد من التدهور.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This