طالب عدد من خبراء حقوق الانسان المكلفين بولايات ومواضيع ضمن آليات عمل مجلس حقوق الانسان في الأمم المتحدة، بأن تتخذ مختلف الدول حول العالم اجراءات طارئة وقوية، بما فيها المصادقة على تشريعات وطنية، وإلزام الشركات الصناعية بالشفافية، من أجل ضمان تمتع البشر ببيئة سليمة خالية من التلوث.
أطلق هذا النداء، من جنيف، كل من المقرر الخاص باسكوت تونكاك المعني بالآثار المترتبة في مجال حقوق الإنسان على إدارة المواد والنفايات الخطرة والتخلص منها بطريقة سليمة بيئياً، والمقرر الخاص جون نوكس المعني بمسألة التزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالتمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة، والمقرر الخاص دانيوس بوراس المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية.
“يعد تلوث الهواء تهديدا خطيرا واساسيا لحقوق الانسان، كما ان الملوثات السامة التي تطلق في الهواء تسهم في زيادة الامراض القاتلة، لا سيما الجلطات الدماغية وامراض القلب والسرطان وامراض الجهاز التنفسي بما فيها الربو”، بحسب ما اعلن الخبراء.
وتقدر منظمة الصحة العالمية انه هناك ما يزيد عن ثلاثة ملايين ضحية سنوياً بسبب تعرضهم لتلوث الهواء الخارجي. وهناك اعتقاد يزداد رسوخاً من الناحية العالمية ان تلوث الهواء هو من اكثر المخاطر البيئية التي تسبب موت البشر في مختلف بقاع العالم.
وتشير التقديرات إلى أنّ تلوّث الهواء يتسبّب كل عام، في وقوع نحو مليونين من الوفيات المبكّرة، معظمها في البلدان النامية. ونصف تلك الوفيات تقريباً مردّه إلى الالتهاب الرئوي الذي يصيب الأطفال دون سنّ الخامسة. كما أن تلوّث الهواء في المناطق الحضرية يودي كل عام بحياة 1.3 مليون نسمة في جميع أرجاء العالم. وسكان البلدان المتوسطة الدخل يتحمّلون هذا العبء بشكل كبير.
وحذر الخبراء خبراء حقوق الانسان من أن الاطفال والنساء في سن الانجاب، والمسنين، والاشخاص الذي يعانون من ظروف معيشية هشة، هم الأكثر عرضة للمخاطر الصحية التي يسببها التلوث البيئي.
وتقدر اليونيسف ان ٣٠٠ مليون طفل، اي قرابة واحد من أصل سبعة اطفال حول العالم، يعيشون في مناطق تعاني من تلوث الهواء المفرط، ويقول الاطباء ان تلوث الهواء بات “التهديد الخفي” والاخطر للاطفال ولقد تحول الى وباء صامت يفتك بهم.
ان تهديدا من هذا النوع لا يمكن تجاهله، بحسب خبراء حقوق الانسان، وعلى الدول العمل على منع انتشار وباء تلوث الهواء، واتخاذ الاجراءات اللازمة لضمان تمتع الافراد بحقوق الانسان وابرزها الحق ببيئة صحية وسليمة. وعلى الحكومات ان تلزم الجهات التي تتسبب بهذا التلوث ان تصرح عن انبعاثاتها الملوثة، كما ينبغي على الجهات المسؤولة لا سيما وزراء البيئة في العديد من الدول، الكف عن تجاهل اثر تلوث الهواء على صحة السكان.
ويخلص الخبراء الى ان تلوّث الهواء من أهمّ المخاطر البيئية المحدقة بالصحة. ويمكننا، بتخفيض مستويات تلوّث الهواء، مساعدة البلدان على التخفيف من عبء المرض العالمي الناجم عن أنواع العدوى التنفسية وأمراض القلب وسرطان الرئة. وكلّما انخفضت مستويات تلوّث الهواء في المدن تحسّنت صحة سكانها النفسية والقلبية الوعائية على المديين البعيد والقريب على حد سواء.
وتمثّل مبادئ منظمة الصحة العالمية التوجيهية الخاصة بنوعية الهواء أحدث وأكبر أداة تم الاتفاق عليها على نطاق واسع لتقييم الآثار الصحية الناجمة عن تلوّث الهواء، وهي توصي ببلوغ أهداف في مجال نوعية الهواء بما يمكّن من الحد بشكل كبير من المخاطر الصحية ذات الصلة. وتشير تلك المبادئ التوجيهية إلى أنّه بإمكاننا، بالحد من التلوّث الناجم عن الجسيمات من 70 مكروغراماً/ م3 إلى 20 مكروغراماً/ م3، تخفيض عدد الوفيات المرتبطة بنوعية الهواء بنحو 15 بالمئة.
اقر مجلس حقوق الانسان ضمن آليات عمله تعيين مقررين خاصين لعدد من القضايا التي يقرر ان يوليها اهتماماً، ويتبين من مراجعة وثائق عمل المجلس ان هناك إحدى عشرة من الإجراءات الخاصة التابعة لمجلس حقوق الإنسان تتصل ولايتها اتصالا ًوثيقاً بالعلاقة بين حقوق الإنسان والبيئة.
وهذه الإجراءات الخاصة، هي: المقررة الخاصة المعنية بالحق في السكن اللائق كعنصر من العناصر المكونة للحق في مستوى معيشي مناسب، والحق في عدم التمييز في هذا السياق، المقرر الخاص المعني بالحق في التعليم، المقرر الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان، المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء، المقرر الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمشردين داخلياً، الخبير المستقل المعني بقضايا الأقليات، المقرر الخاص المعني بالآثار المترتبة في مجال حقوق الإنسان على إدارة المواد والنفايات الخطرة والتخلص منها بطريقة سليمة بيئياً، الممثل الخاص للأمين العام المعني بمسألة حقوق الإنسان والشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال، والفريق العامل المعني بهذه المسألة، والمقررة الخاصة المعنية بالحق في الحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي.
ويقول الخبير المستقل المعني بمسألة التزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالتمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة، في تقريره إن من الجوانب “الراسخة” للعلاقة بين حقوق الإنسان والبيئة أن التدهور البيئي يمكن أن يؤثر فعلاً، تأثيراً سلبياً في التمتع بطائفة عريضة من حقوق الإنسان. وعلى نحو ما ورد في قرار لمجلس حقوق الإنسان، فإن “الإضرار بالبيئة يمكن أن يخلف انعكاسات سلبية، مباشرة وغير مباشرة، تؤثر على التمتع الفعلي بحقوق الإنسان”.