ثمة إشارة جديدة تؤكد حقيقة تغير المناخ، وثقها هذه المرة خبراء الأرصاد الجوية في القارة القطبية الجنوبية Antarctica، لتقدم دليلا علمياً إضافيا يُراكم فوق ما خلصت إليه دراسات وأبحاث سابقة، ما يعني أننا قد نواجه تحدٍ وجودي يستهدف كافة مظاهر الحياة على الكوكب الأزرق.
فعلى الرغم من أن ظاهرة الاحتباس باتت جلية وواضحة بالعلم المدعم بأرقام واستنتاجات لا يرقى إليها الشك، إلا أن كل دراسة جديدة تمثل أهمية استثنائية في مسار العلم والمعرفة، وكل تقرير أو بحث في هذا المجال، من شأنه أن يحاصر أكثر فأكثر المشككين بتغير المناخ، خصوصا من هم في مواقع القرار، وفي مقدمتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب Donald Trump، وخلفه من يمثلون كارتيلات المال والصناعة والمندفعين للحفاظ على استثماراتهم الضخمة في مجال استخراج الطاقة الأحفورية (الفحم، النفط والغاز).
درجات الحرارة العظمى والصغرى
وفي هذا المجال، أشارت “المنظمة العالمية للأرصاد الجوية” World Meteorological Organization الـ WMO التابعة للأمم المتحدة يوم أمس الأربعاء الأول من شباط (فبراير) إلى أن “قاعدة أبحاث أرجنتينية” Argentine Antarctic قرب الطرف الشمالي للقارة القطبية الجنوبية “أنتاركتيكا” Antarctica، سجلت مستوى قياسيا مرتفعا جديدا لدرجات الحرارة بلغ 63.5 درجة فهرنهايت (17.5 درجة مئوية).
وأضافت الـ WMO بعد مراجعة بيانات جمعت حول القارة القطبية الجنوبية للمساعدة في تتبع ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات الطبيعية في المستقبل إن “قاعدة إسبيرانزا” Esperanza Base، سجلت مستوىً قياسياً في درجات الحرارة في الرابع والعشرين من آذار (مارس) 2015.
وقال الدكتور وعالم المناخ مايكل سبارو Michael Sparrow الخبير في المناطق القطبية والمسؤول في “البرنامج العالمي لأبحاث المناخ” World Climate Research Programme الــ WCRP الذي ترعاه “المنظمة العالمية للأرصاد الجوية” إن “التحقق من درجات الحرارة العظمى والصغرى يساعدنا في تكوين صورة عن الطقس والمناخ في واحدة من الحدود النهائية للأرض”.
الجليد القطبي
وتضم القارة القطبية الجنوبية نحو 90 بالمئة من المياه العذبة في العالم المكونة من الجليد، ويتوقع العلماء – وفق سيناريوهات عدة ومحاكاة لنماذج حول تغير المناخ ودرجات الحرارة المتوقعة مستقبلا – أنه إذا ذاب معظم الجليد القطبي، فمن شأنه أن يرفع مستويات البحر إلى حوالي 60 مترا.
وقالت المنظمة أيضا، بحسب “رويترز” ودوريات علمية، إن المستوى القياسي السابق لدرجات الحرارة في المنطقة القطبية الجنوبية الأوسع – والتي تشمل كل المنطقة الواقعة جنوبي خط العرض 60 – كان 19.8 درجة مئوية، وسجل في الثلاثين من كانون الثاني (يناير) 1982 في “جزيرة سيجني” Signy Island الواقعة جنوب “المحيط الأطلسي” Atlantic Ocean.
وقد بلغ أدنى مستوى على الإطلاق لدرجات الحرارة في أي مكان على كوكب الأرض -128.6 درجة فهرنهايت (-89.2 درجة مئوية) في “محطة فوستوك” Vostok Station (محطة أبحاث روسية تقع في القارة القطبية الجنوبية، تم تأسيسها من قبل الاتحاد السوفياتي في العام 1957) في الاتحاد السوفياتي السابق في وسط “أنتاركتيكا” Antarctica في 21 تموز (يوليو) العام 1983.