يتأكد يوما بعد يوم أهمية الأحياء البرية من النواحي الإيكولوجية والجينية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية، فضلا عن أهميتها التربوية والثقافية والترفيهية والجمالية، ودورها في تعزيز التنمية المستدامة ورفاه البشر، ما يعني أن ثمة أهمية لتفعلي التضامن الدولي من أجل حماية الأنواع المهددة، خصوصا إذا علمنا أن 24307 أنواع من أصل أكثر من 85 ألف نوع جرى تقييمها في العقود الثلاثة الماشية على أنها باتت على شفير الإنقراض، بحسب “القائمة الحمراء” Red List التي يعدها “الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة” International Union for Conservation of Nature الـ IUCN.
بدأ العالم يتنبه إلى أهمية التنوع البيولوجي وضرورة العمل من أجل الحفاظ على الأنواع منذ سبعينيات القرن الماضي، إلى أن أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاحتفال سنويا بـ “اليوم العالمي للحياة البرية” World Wildlife Day، قد اعتمدت هذا “اليوم” في القرار 205/68 الذي اتخذته في كانون الأول (ديسمبر) من العام 2013، وأعلنت الثالث من آذار (مارس) من كل عام يوما للحياة البرية، استجابة لاقتراح تقدمت به تايلاند، بهدف رفع مستوى الوعي بشأن الحيوانات والنباتات البرية في العالم، وهو يوافق نفس اليوم لاعتماد “اتفاقية التجارة الدولية بأنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض” Convention on International Trade in Endangered Species of Wild Fauna and Flora عام 1973، المعروفة بـ CITES وهي تلعب دوراً بالغ الأهمية في ضمان ألا تشكل التجارة الدولية تهديدا لبقاء هذه الأصناف من الحيوانات والنباتات البرية.
قضية شبابية
وفي هذا المجال، يحتفل العالم اليوم الجمعة 3 آذار (مارس) بـ “اليوم العالمي للحياة البرية 2017” تحت شعار “استمعوا إلى أصوات الشباب” Listen to the young voices بهدف تشجيع الشباب في كافة أنحاء العالم على التعاون لمواجهة التهديدات الرئيسية المستمرة للحياة البرية لجهة وقف الإفراط في استغلال الحياة البرية وتفعيل الإجراءات لمنع الاتجار غير المشروع بها.
وتهدف الأمم المتحدة إلى أن يكون هذا “اليوم” فرصة للشباب ليكون لهم دور في حماية الأنواع المهددة بالانقراض من النباتات والحيوانات، من أجل ضمان أن تكون الطبيعة موجودة بتنوعها للأجيال القادمة للاستمتاع بها وإدراك مدى أهميتها، وثمة العديد من الوكالات الحكومية المعنية بحماية الحياة البرية، والتي تساعد على تنفيذ السياسات الرامية إلى حمايتها، كما تقوم العديد من المنظمات غير الربحية المستقلة بالترويج للقضايا المختلفة المتعلقة بهذا الأمر. وقد أصبحت حماية الحياة البرية ضرورة ملحة نتيجة الآثار السلبية لتصرف الإنسان، ولتكريس وتعزيز أخلاقيات حماية البيئة.
الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة
وفي هذا السياق، نشر “الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة” الـ IUCN قائمة بالأنواع المهددة بالانقراض لعام 2016، وتضم 12 ألفاً و259 نوعاً في مختلف أنحاء العالم بالمقارنة مع 1092 نوعاً العام الماضي. ويرجع السبب في إضافة بعض الأنواع الحية الجديدة إلى توفر بيانات حول وضعها لأول مرة. وتسلط المعلومات الجديدة الضوء على الأخطار التى تتهدد الكائنات الحية التى تعيش على الجزر، حيث أضيف إلى القائمة الجديدة 125 نوعا من النبات من هاواي Hawaii، و35 نوعاً من الحلزون في جزر غالاباغوس Galapagos Islands.
وقرر “الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة” تحديث قاعدة بياناته العام المقبل، وهو بصدد العمل على إجراء تقييم كامل لكافة أنواع الطيور المدرجة على “القائمة الحمراء” Red List ويبلغ عددها 9942 نوعاً.
وبجسب القائمة الحمراء للأنواع المهددة، فإن أعداد الزرافات تراجعت بما يصل إلى 40 بالمئة منذ ثمانينيات القرن الماضي، ووصفته ما تتعرض له الزرافات بأنه “انقراض صامت”، يحركه الصيد غير القانوني وتوسع الأرض الزراعية في أفريقيا. ووفقاً للقائمة التى يعدها الـ IUCN، فإن أعداد الزرافات تراجعت إلى حوالى 98 ألفا بعد أن كانت تقدر بما بين 152 ألفا و163 ألفا في عام 1985. وصنفت القائمة الحمراء الزرافة ضمن الكائنات “المعرضة” للانقراض بناء على الاتجاهات الحالية لأول مرة بدلاً من تصنيف “أقل قلقا” السابق.
الببغاء الأفريقي
وقال رئيس وحدة القائمة الحمراء كريغ هيلتون تيلور Craig Hilton Taylor في الـ IUCN إن الناس يتنافسون على موارد تتناقص والحيوانات أسوأ حالاً، خصوصا في ظل الصراعات الأهلية، مضيفاً أن الجفاف وتغير المناخ من العوامل التى تؤدي إلى تفاقم الوضع، مشيراً إلى أن بعض الأنواع ذات الأهمية الاقتصادية البالغة أضيفت إلى القائمة الحمراء، وعلى رأسها جميع أنواع نبات الأوركيد المداري الآسيوى وعددها 84 نوعاً (وهي زهور زينة عالية القيمة) بات يتهددها خطر الانقراض بسبب زيادة معدلات قطفها، فضلا عن فقدان الموئل.
وهناك 9 من 17 نوعاً من فصيلة نبات الشاي البري معرضة لخطر الاندثار لاستخدامها الجائر في صنع الشاي، والنباتات الطبية ونباتات الزينة والحطب الذي يحُرق للتدفئة.
ويذكر أن نحو 200 حكومة حددت في العام 2011 هدفاً بحلول عام 2020 للعمل على منع انقراض الأنواع المعروفة وتقليل المخاطر التي تتعرض لها.
ومن بين التغيرات الأخرى التى طرأت على القائمة الحمراء أنه نك تصنيف “الببغاء الأفريقي الرمادي” المشهور بقدرته على تقليد أصوات البشر ضمن الأنواع المهددة، وهو تطور إلى الأسوأ بعد التصنيف السابق على أنه من الكائنات “المعرضة للخطر”، حيث أدى اصطياد الطائر الأليف بغرض الاتجار به إلى تراجع أعداده.
دراسة حديثة
وفي هذا السياق، جرى الكشف عن دراسة علمية حديثة أظهرت أن نحو 8 آلاف نوع من الكائنات المدرجة على “القائمة الحمراء” تواجه تهديدا بالفناء، موضحة أن البنادق وشبكات الصيد والجرافات هي أبرز ما يهدد الحياة الطبيعية. وهناك نحو ثلاثة أرباع الكائنات المهددة بالانقراض تواجه أخطاراً متزايدة، نتيجة للصيد الجائر ولممارسات أخرى من شأنها تغيير الموئل الطبيعي لتلك الكائنات، لاستغلاله في الزراعة أو للتوسع العمراني.
وأشارت الدراسة المنشورة في مجلة “الطبيعة” Nature، أن 5407 أنواع تواجه تهديدات بسبب الأنشطة الزراعية وحدها، منها فهد “شيتا” الأفريقي، والكلب البري الأفريقي، وثعلب الماء الآسيوي.
ودعا معدو الدراسة إلى التركيز على اقتراح خطط عملية تتعامل مع تلك التحديات وتمويلها، وتقول دراسات الأمم المتحدة إن المخاطر التي هي من صنع البشر أدت إلى فقدان المواطن الطبيعية ما قد ينذر بأسوأ أزمة انقراض منذ انتهى وجود الديناصورات قبل 65 مليون عام.