لم يعد بمستغرب أن تصبح “جمعية Green Area الدولية” حاضرة في وجدان المواطن اللبناني والعربي، ويبدو أن جهودها المتواصلة في متابعة حالات الحيوانات البرية والطيور المصابة، بدأت تثمر وعيا وثقافة، ما تجلى في تواصل المواطنين معها، ممن وجدوا في الجمعية منصة لإسماع أصواتهم، خصوصا وأن جهود Green Area لم تعد تقتصر على رصد الحالات ونقلها بهدف علاجها فحسب، بل ومتابعتها أيضا وصولا إلى تعافيها بهدف إطلاقها إلى الطبيعة.

وفي هذا السياق، تواصل معنا أمس شبان في المرحلة الثانوية، نذكر منهم: وئام أبو الحسن، ساري الدبس، باسل ضو، عمر ضو ووئام ضو، عند عثورهم ليلا على حيوان “كبابة” Hedgehog في بلدة القرِّية وسط الطريق العام المؤدي إلى المتن الأعلى في قضاء بعبدا، وخوفا من تعرضه للأذى ودهسه من قبل السيارات المارة على الطريق، بحيث كانت حركته بطيئة وغير قادر على السير، فأمسكوا به ووضعوه في صندوق خشبي بعد التفافه حول نفسه على شكل كرة، وتوجهوا به إلينا، بهدف حمايته ومعاينته لدى مختص، خوفا من أن يكون مصابا للعناية به حتى تعافيه ومن ثم إطلاق سراحه.

 

“الكبابة” والقنفذ

 

يعرف هذا الحيوان البري الصغير الحجم بـ “كبابة الشوك”، أو “الكبابة” اختصارا في اللهجة المحلية اللبنانية، ويعرف بالإنكليزية باسم Hedgehog باللغة، وينتمي لفصيلة الـ Erinaceidae، ولا يوجد إلا في آسيا وأوروبا وأفريقيا وبعض مناطق أميركا، وقد تم إدخاله إلى نيوزيلندا وأصبح يشكل آفة هناك لعدم وجود أعداء طبيعيين له.

وقد تختلط تسمية هذا الحيوان على الناس، ويسمونه قنفذا، لتشابههما بوجود الأشواك،  وفيما أشواك “الكبابة” قصيرة وسميكة، وتظل ملتصقة بالجلد، وعند الإحساس بالخطر، تتكور على شكل كرة لتخبئ وجهها ومنطقتها الصدرية والبطنية، فإن أشواك النيص (القنفذ) حادة ومجوفة تشبه الريش وتغطي ظهره وذيله، ويتراوح طول هذه الأشواك بين 10 إلى 35 سم، تكون منسدلة على جسمه، ويدافع عن نفسه بالهجوم ورفع هذه الأشواك وغرزها داخل جسم عدوه، وقد يقع بعضها على الأرض، ما أعطى انطباعا بأنه يطلق هذه الأشواك، أما الكبابة فتختلف عن حيوان القنفذ أو النيص Porcupine الذي ينتمي إلى عائلتين إحداها في العالم القديم أي آسيا وأوروبا وهي Hystricidae والثانية في العالم الجديد في أميركا الشمالية والجنوبية وهذه العائلة تتسلق وتعيش في أعالي الأشجار Erethizontidae.

وتتميز “الكبابة” بوزنها الصغير إذ لا يتجاوز الكيلوغرام الواحد، بالمقارنة مع النيص وهو يعتبر ثالث أكبر فئة القوارض التي ينتمي إليها، ويصل وزنه بين 5 و15 كيلوغراما، كما أن كلا الحيوانين من الحيوانات الليلية.

وثمة اختلاف أيضا في شكل الوجه، فوجه “الكبابة” مثلث الشكل مع أصابع مفصلية ومخالب صغيرة، أما النيص فوجهه مستدير، مع أقدام عبارة عن مخالب عريضة وطويلة، وبينما تتغذى “الكبابة” على الحيوانات والنباتات، وخصوصا أنواع الحشرات المختلفة واليرقات والضفادع والثعابين (لديها مادة تحميها من سموم معظم الأفاعي مثل بعض الثدييات الأخرى)، بيوض الطيور، ومن النباتات تتغذى على أنواع  التوت المختلفة، البطيخ، الشمام، الجذور وبعض الثمار، والفطر. أما النيص فيقتصر غذاؤه على النباتات والثمار والجذور.

 

إلى مركز التعرف على الحياة البرية

 

وقامت “جمعية Green Area الدولية” بنقل “الكبابة” إلى “مركز التعرف على الحياة البرية والمحافظة عليها” The Animal Encounter في مدينة عاليه، وتسلمها رئيس المركز الأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية – كلية العلوم البروفسور منير أبي سعيد، الذي بادر إلى معاينة “الكبابة”، فتبين أنها لا تعاني من أي إصابات، وقال “سأبقيها تحت المراقبة يويا أو يومين”، لافتا إلى أن “(الكبابة) لا يمكن أن تعيش في الأسر خلافا للنيص الذي عملنا على إكثاره في المركز وإعادة إطلاقه في البرية”.

وأكد أبي سعيد أن “أفضل مكان للحيوانات البرية هو بيئتها الطبيعية إلا في حال كانت مصابة، وهذا أحد أهداف مركزنا”، داعيا إلى “ضرورة المحافظة على هذه المساحات الحيوية قبل أن يقضي الإسمنت والتمدد العمراني على ما بقي منها كأحراج وغابات”، ومشددا “على دور المسؤولين في حماية الحيوانات البرية وبيئتها والمحافظة عليها”، ومنوها بجهود “جمعية Green Area الدولية” في هذا المجال.

 

متطوعون لحماية الكائنات البرية

 

وأشار الطالب وئام أبو الحسن لـ greenarea.info إلى “اننا نتابع ما تقوم به Green Area، ولذلك ما إن شاهدنا (الكبابة) وهي في وسط الطريق واعتقدنا أنها مصابة لأن حركتها كانت بطيئة فقمنا بإبعادها عن الطريق خوفا من أن تدهسها سيارة”.

وقال: “كنا بصدد متابعة سيرنا، لكن تريثنا خوفا من أن تعود إلى الطريق، فقلنا لماذا لا نحضرها إليكم فإذا كانت مصابة أو مريضة تعالج، وإن لم تكن كذلك تطلقونها في مكان آمن بعيد عن الطرق”، وأكد أبو الحسن أنه “من الآن فصاعدا سنكون متطوعين لحماية الكائنات البرية”.

تجدر الإشارة إلى أن إناث “الكبابة” تحمل لفترة بين 35 و58 يوما، تنجب بعدها بين 3-6 صغار وفقا لأنواعها (يبلغ عددها 17 نوعا) وحجمها، فكلما كبر حجمها قل عدد الصغار، ونسبة لحجمها فهذه الحيوانات تعيش لفترة طويلة تصل في البرية بين سنتين وحتى 7 سنوات، وليس لها أعداء إلا الدهس بالسيارات أو صيدها من قبل قواصين، وقد وجدت بقايا منها في الكرات التي يلفظها نوع من البوم European eagle owl، بينما يصل عمر النيص إلى 27 عاما ويختلف أعداد الصغار بين أنواع النيص المختلفة!

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This