للمرة الثانية، تصدى مجلس شورى الدولة لمحاولات تكريس «الأمر الواقع» على شاطئ الرملة البيضاء، وقرر وقف تنفيذ الرخصة التعديلية التي منحها محافظ بيروت، القاضي زياد شبيب، لاستكمال مشروع «إيدن باي ريزورت» على رمال الشاطئ، مؤكداً اقتناعه بعدم أحقيتها
أصدر مجلس شورى الدولة، أمس، قراراً ثانياً قضى بوقف تنفيذ رخصة مشروع الـ “إيدن باي ريزورت”، المنتجع السياحي القائم على شاطئ الرملة البيضاء.
القرار الجديد عدَّ الرخصة التعديلية مشمولة حكماً بقرار وقف التنفيذ السابق، الصادر بتاريخ 8/2/2017.
وكان المجلس قد قرّر وقف تنفيذ رخصة البناء على العقار 3689/ المصيطبة (جزء من شاطئ الرملة البيضاء)، الصادرة في 6/9/2016 عن محافظ مدينة بيروت، القاضي زياد شبيب، لمصلحة “الشركة العقارية والسياحية إيدن روك”، إلا أنَّ المحافظ رفض تنفيذ القرار المذكور، بحجة أنه منح الشركة رخصة تعديلية بتاريخ 19/1/2017، مشيراً إلى أنها رخصة “جديدة” لا يشملها القرار. ردّت الجهة المدعية، جمعية “الخط الأخضر” بالتعاون مع جمعية “المُفكّرة القانونية”، على هذا الخداع الموصوف، وتقدمت بمراجعة ثانية أمام مجلس شورى الدولة، تطلب وقف تنفيذ الرخصة التعديلية التي يتذرّع بها المحافظ، موضحة أن القرار الصادر عن المجلس بتاريخ 8/2/2017 قضى بوقف تنفيذ الرخصة الأساسية، وهذا يشمل وقف تنفيذ أي رخصة تعديلية لاحقة. كذلك طلبت المراجعة اتخاذ قرار بتكليف بلدية بيروت إبراز كامل ملف رخصتي البناء الأساسية والمُعدّلة.
استجاب مجلس شورى الدولة للمطالب، ليس على صعيد وقف تنفيذ الرخصة التعديلية فقط، بل وتكليف بلدية بيروت إبراز ملف رخص البناء الأساسية والمعدّلة والمُستندات المتعلّقة بضم العقارات موضوع المراجعة والتصميم التوجيهي للمنطقة وأنظمة البناء التي تخضع لها هذه العقارات ودراسة الأثر البيئي للمشروع.
وكانت الهيئة الحاكمة في المجلس، برئاسة القاضي نزار الأمين والمُستشارين أمل الراسي ونديم غزال، قد عللت قرارها الأول بوقف تنفيذ الرخصة الأساسية، بانها تستند إلى المادة 77 من نظام المجلس، التي تُجيز وقف تنفيذ العمل الإداري “إذا تبيّن من ملف الدعوى أن التنفيذ قد يُلحق بالمستدعي ضرراً بليغاً، وأن المراجعة ترتكز على أسباب جدية مهمة”.
الهيئة الحاكمة في المجلس أوضحت في قرارها الجديد “أنه عندما يصدر المجلس قراراً بوقف تنفيذ القرار الإداري، فإن وقف التنفيذ يطاول موضوع هذا القرار، وليس فقط النص الذي كُتب فيه، والقول بخلاف ذلك يؤدي إلى إعطاء الإدارة في كل مرة يتم وقف تنفيذ قرارها الفرصة للتهرّب من وقف التنفيذ عبر إجراء بعض التعديلات، سواء كانت طفيفة أو كبيرة. وهذا الأمر ينطبق بالأخص على القرارات المتعلّقة بتراخيص البناء”. وأضافت: “عند وجود قرار إداري تعديلي للقرار الذي تم وقف تنفيذه فإنه يعود للإدارة أن تتقدّم بطلب الرجوع عن قرار وقف التنفيذ، وهذا الطلب يخضع للأصول نفسها التي يخضع لها طلب وقف التنفيذ، وليس للإدارة من تلقاء نفسها أن تُقرر أن وقف التنفيذ لا يطاول القرار التعديلي”.
جمعية “الخط الأخضر” رحبت بقرار مجلس شورى الدولة، وطلبت في بيان لها من المحافظ شبيب “وقف تنفيذ كل الأعمال الجارية على العقار 3689 فوراً”، وإبلاغ الإدارات المعنية كافة في البلدية بالاستجابة لمتطلبات الفقرات الحكمية الواردة في القرار. كذلك طلبت الجمعية من القوى الأمنية التوجه إلى العقار المذكور للتأكد من تنفيذ القرار والتعاطي مع أعمال بناء المشروع “كأي بناء مخالف إلى حين البت بقانونية الرخصة الموقوفة”.
وكانت بلدية بيروت قد ردّت في لائحتها على المراجعة الثانية متخذة موقف الدفاع الأعمى عن الرخصة، ومتجاهلة الضرر الواضح الذي يسببه المنتجع على المصلحة العامة، فاعتبرت أن الجهة المُستدعية “لم تُثبت الضرر البليغ الذي يلحق بها من جراء القرار المطعون فيه”، ورأت أن “الأسباب الجدية غير متحققة في المراجعة الحاضرة”، مُشيرةً إلى أن الرخصة المطعون فيها متوافقة مع القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، على اعتبار أن الرخصة موافق عليها من قبل المديرية العامة للنقل البري والبحري، أي الجهة المؤتمنة قانوناً على حماية الأملاك العامة البحرية.