لا يمكن للصورة التي وصلت لـ greenarea.info ليل أمس من ناشطين، تظهر مبنى “الإيدن روك” مضاءً والعمل مستمر فيه على قدمٍ وساق تحت جنح الظلام، أن تمر مرور الكرام في دولة القانون والمؤسسات!
بدت الصورة مستفزة، تمثل تحدياً سافراً لقرارات المحاكم ومجلس شورى الدولة، فالعمل لاستكمال أعمال صنفت غير قانونية بحكمين متتاليين قاضيين بوقف أعمال البناء في موقع “الإيدن روك”، يؤكد أن ثمة من هم فوق القانون، ويرتكبون بتخطيهم له جرائم مضاعفة، فيما لو بادر مواطن لبناء شرفة، أو فتح نافذة أو زيادة سنتيمترا إضافيا واحدا على مبنى يملكه يعتبر مخالفا، وتقوم قوى الأمن الداخلي بتغريمه، فيما منشأة “الإيدن روك” وصلت إلى خمسة طوابق، ووفقا لما أفضى إليه مصدر متابع لـ greenarea.info، فالإنشاءات ستستمر للوصول إلى ثمانية طوابق، بادعاء أن الأرض صخرية ومرتفعة عن الشاطئ الرملي، والحقيقة أنها تحتوي ردميات رملية، وأزيل ما يقدر بـ 20 ألف متر مكعب من الرمول، وهي مخالفة إضافية صريحة تترتب عليها عقوبات جزائية، فضلا عن التعدي على آلاف الأمتار المكعبة من الأملاك البحرية العامة وسواها.
فبعد صدور قرار عن مجلس شورى الدولة (غرفة الرئيس نزار الأمين والمستشارين أمل الراسي ونديم غزال) القاضي بوقف تنفيذ رخصة البناء على العقار 3689 / المصيطبة الصادرة بتاريخ السادس من أيلول (سبتمبر) 2016، وقد صدر القرار بعد مراجعة تقدمت بها “جمعية الخط الأخضر” أمام مجلس شورى الدولة في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، وقضى بوقف تنفيذ الأعمال وتبليغ القرار مع مهلة المراجعة لمدة شهر، وعاد المجلس بقرار إعدادي بتاريخ 8 شباط (فبراير) 2017، قضى بوقف التنفيذ على هذا العقار، ولكن محافظ مدينة بيروت عاد من جهة جديدة، وقضى بأن القرار لا يشمل الرخصة الجديدة التي أصدرها بتاريخ 19 كانون الأول (يناير) 2017، (علما أ الرخصة التعديلية قضت بإضافة عدد من الطوابق على الرخصة الأساسية ودفع رسوم الفرق وليس إلغاء رخصة وإصدار رخصة أخرى مختلفة بمضمونها وهندستها)، بل هي خاصة بالرخصة القديمة، أي الصادرة بتاريخ السادس من أيلول (سبتمبر) 2016، إلا أن مجلس شورى الدولة اجتمع بتاريخ 6 آذار (مارس) 2017 وأصدر قراراً إعدادياً ثانياً قضى بوقف تنفيذ الرخصة التعديلية لمشروع ايدن روك، واعتبارها مشمولة حكماً بوقف التنفيذ الحاصل وفقاً للقرار السابق الصادر في 8 شباط (فبراير) 2017، وبالتالي فقد صدر عن مجلس شورى الدولة أن القرار الإعدادي الثاني بوقف الرخصة التعديلية المطعون فيها (التي أصدرها المحافظ في 19 كانون الأول (يناير) 2017)، واعتبارها مشمولة حكما بوقف التنفيذ الحاصل بموجب المراجعة رقم 21776/ 2016، وضم المراجعة الحالية إلى المراجعة السابقة رقم 21776/ 2016 نظرا لوحدة الفرقاء والموضوع والأسباب، وتكليف المستدعى بوجهها إبراز كامل ملفي رخصتي البناء الأساسية والمعدلة، ولا سيما المستندات المتعلقة بضم العقارات موضوع المراجعة الحاضرة والتصميم التوجيهي للمنطقة وأنظمة البناء التي تخضع لها هذه العقارات ودراسة الأثر البيئي.
موضوع المراجعة
وقد صدرت القرارات بناء على مخالفات قانونية عدة لجهة ملف الرخصة، منها ما ذكرته المفكرة القانونية التي أشارت إلى “موقف المحافظة بفصل الرخصة التعديلية عن الرخص التي شملها قرار وقف البناء الصادر عن مجلس شورى الدولة، وهو يتعارض مع المادة 5 من قانون البناء اللبناني، عدم قانونية إزالة إشارة عدم البناء عن العقار المذكور، مخالفة القرار 26/188 المتعلق بإنشاء السجل العقاري وقانون البناء وقانون ضم الأراضي وفرزها في الأماكن الآهلة، لجهة ضم العقارات على نحو يتعارض مع القواعد القانونية الواجب تطبيقها في عمليات الضم والفرز، فضلا عن استناد المجلس الأعلى للتنظيم المدني على معطى خاطئ لجهة طبيعة الأرض وإساءة تحديد التراجعات عن الأملاك البحرية، مخالفة قانون البناء لجهة عدم الإستحصال على دراسة للأثر البيئي، مخالفة قانون حماية البيئة والتعدي على الحق بالتمتع بالبيئة والولوج إلى البحر، ومخالفة المرسوم رقم 2366/2009 المتعلق بترتيب الأراضي اللبنانية.
تساؤلات
بما أن العقارات المضمومة تحت رقم 3689 المصيطبة تكونت في العام 1949 كيف يمكن أن يعلن محافظ مدينة بيروت أنه تم تملكها منذ العام 1931 حيث لم تكن موجودة حينها.
وبما أن الترخيص الجديد للبناء لم يشمل التعهد الصادر من المالكين في شهر آب (أغسطس) 2016، والذي كان واردا في الترخيص الأول فكيف يمكن للمحافظ أن يعلن أنه أعاد مفاعيل منع البناء على الأقسام الجنوبية من العقار؟
وثمة تساؤلات حول التعديلات التي اعتبرها المحافظ جذرية، ووافق عليها ضمن الرخصة التعديلية وبذات تاريخ الرخصة القديمة، فكيف تكون الرخصة القديمة قد ألغيت؟
ويبقى ثمة سؤال أيضا، ما الذي يمنع الدولة من تنفيذ حكمها على هذا البناء أسوة بكافة الأبنية المخالفة الأخرى في لبنان؟