فيما عشرات المجازر مستمرة تستهدف طيور اللقلق وغيرها من الطيور المهاجرة، احتفل لبنان يوم الجمعة 10 آذار (مارس) بـ “اليوم الوطني للمحميات الطبيعية”، مشهدان متناقضان، يتوزعان بين الحماية والفوضى، بين الخير والشر، ويستحضران حال الفلتان تجاوزا للقانون، وأيادٍ ترعى وتحمي، ففي هذه المناسبة، ومع ما نشهد من تجاوزات وجرائم بيئية، يتأكد أن المحميات هي الحل الأمثل للحفاظ على التنوع الحيوي، طالما أن الدولة عاجزة عن تطبيق القانون، ما يبقي فسحة أمل متمثلة في زيادة عدد المحميات، وصولا إلى إعلان لبنان بحرا وبرا محمية طبيعية.
وفي هذا اليوم، آثر greenarea.info أن يكون حاضراً ليوثق خطوات مهمة في مجال المحميات، وليستحضر بدلا من الموت والقتل والفوضى، مآثر الطبيعة وجمالها، وتنوعها وغناها الحيوي، والتقى مسؤولين عن محميات عدة عرضوا لتجاربهم الغنية، في الحفاظ على ما بقي من مساحات خضراء ونظم بيئية.
محمية أرز الشوف
بدايةً، أشار مدير محمية أرز الشوف نزار هاني لـ greenarea.info إلى أنه “في اليوم الوطني للمحميات شرعت المحمية ابوابها الاربعة نيحا والمعاصر والباروك وعين زحلتا – بمهريه امام الزوار”، وقال: “ومن زار المحمية اليوم تمكن من مشاهدة الطبسون في قلعة نيحا التاريخية، والمشي على الثلج في غابات الارز، ومشاهدة الطيور العابرة”، ولفت إلى أنه “كان للأطفال ايضا نشاطاتهم المتنوعة، فضلا عن التمتع بخدمات الضيافة في القرى المجاورة للمحمية من مطاعم تقليدية وبيوت ضيافة، وزيارة متحف عساف في بلدة الورهانية المجاورة للمحمية وركوب الخبل والتخييم في بلدة عين زحلتا وغيرها الكثير من الأنشطة”.
وأضاف هاني: “شهد العام 2016 تقدما كبيرا وإنجازات على كافة الصعد، فقد تم تنفيذ العديد من المشاريع الممولة، وزيادة عدد أفراد فريق العمل كذلك، وارتفع عدد زوار المحمية بشكل كبير كما شاركنا في العديد المعارض المحلية والخارجية”.
واشار إلى أن “المحمية فازت بالجائزة الأولى للطاقة المتجددة عن مبنى طاولة عميق كأفضل مبنى بيئي في لبنان، في المسابقة التي نظمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومركز IPT للطاقة”.
وأردف هاني: “على صعيد آخر، كان هناك تعاون كبير هذا العام مع قوى الأمن الداخلي – شعبة العلاقات العامة، حيث تم إطلاق حملة توعية كبيرة من أجل منع الصيد والتعريف بأهم مبادئ قانون الصيد الجديد، وتم اختتام العديد من المشاريع الممولة خلال العام 2016 مثل مشاريع MEET، HELAND، البلدي، فضلا عن مشاريع أخرى ما زالت قيد التنفيذ، ومنها ما بدأ تنفيذه في العام 2016 مثل مشاريع IC، DAI، Medforval، وتتنوع مواضيع هذه المشاريع بين ما يصب في خانة السياحة البيئية والبنى التحتية ودراسة الحياة البرية والتنوع الحيوي في محمية أرز الشوف، فضلا عن مشاريع أخرى تعنى بالمزارعين والأراضي الزراعية المهملة وحسن استخدامها وإدارة المياه في منطقة التنمية، أي القرى المحيطة بالمحمية. ومن المشاريع المهمة التي انتهى تنفيذها في العام 2016. مشروع بلدي ممول من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والذي كان له الأثر البالغ في تقدم جمعية أرز الشوف وتطورها على الصعيد الإداري، حيث أصبحت تتمتع بمواصفات إدارية كبيرة، وتخضع لمعايير تعتمدها الجهات المانحة، لا سيما برنامج USAID”.
وقال: “شاركت المحمية بالعشرات من النشاطات والمعارض والمهرجانات بالاضافة الى المحاضرات التي تهدف إلى نشر الوعي، فضلا عن المساهمة في التنمية الإقتصادية المحلية وبالتعاون الكامل مع البلديات، بالاضافة الى المشاركة بورش عمل تدريبية زراعية سياحية بيئية انمائية ادارية وغيرها، كان لها الفضل الكبير في تحسين العمل الإداري وحرفيته وشفافيته ووضعه في منهج مؤسساتي منظم، وقد تم وضع تصميم جديد لمدخلي أرز الباروك والمعاصر من أجل التحسين وإعادة التأهيل وعرض أفضل للمنتجات التنمية الريفية، إضافة إلى شراء حافلتين لنقل الركاب تعملان على الطاقة الكهربائية عبر مشوع MEET، كما تم تجهيز المداخل الأربعة وبيت المحمية بالطاقة الشمسية وتجديد الزي الموحد لفريق العمل للحفاظ على مظهر لائق لاستقبال الزوار”.
وأشار إلى “تنظيف بعض الدروب القديمة التي تستخدم في المشي ضمن نشاطات السياحة البيئية، وتنظيف 42 كلم من الدروب في الباروك ونهر الباروك وتنظيف طريق مزرعة بمهريه”.
وختم هاني: “استكمالا لتلك الإنجازات، وبعد أن شهد العام 2016 تقدما إداريا بامتياز، فان فريق عمل المحمية إدارة وموظفين يتطلعون إلى الخطوات اللاحقة لاستكمال ما تم البدء بتنفيذه، فضلا عن تنفيذ مشاريع واقتراحات جديدة. ومن المقرر أن يشهد العام القادم بعض النشاطات المهمة جدا”.
محمية حرج إهدن الطبيعية
وقالت مديرة “محمية حرج إهدن الطبيعية” ساندرا سابا لـ greenarea.info: “في اليوم بمناسبة اليوم العالمي للمحميات، وبناء لدعوة وزير البيئة طارق الخطيب فتحت محمية اهدن أبوابها امام الزائرين بشكل مجاني من المدخلين: نبع جوعيت وعين البياض، وكثفنا من حضور المرشدين في جميع انحاء غابات المحمية لمرافقة الزوار، ومنذ الصباح بدأنا باستقبال الوافدين الى المحمية ، ولمناسبة مرور ربع قرن على اعلان حرج اهدن محمية وطنية أطلقنا أمس غابة السفراء البيئية بالتعاون مع بلدية سن الفيل ونادي الشرق لحوار الحضارات، ولدينا نشاط ثالث يصادف غدا السبت، وستحتفل نقابة المهندسين في طرابلس بهذه المناسبة في مؤتمر علمي برعاية وزير البيئة، وسوف يتضمن مداخلات لعديد من الخبراء والمختصين كما سيعرض فيلم وثائقي من انتاج لجنة المحمية وفريق عملها تحت عنوان (محمية اهدن الفصل الخامس) سيسلط الضوء على المحمية بالفصول الاربعة”.
أما عن أهمية المحمية العلمية، قالت سابا: “هي من اهم المحميات في لبنان والشرق الاوسط من ناحية تنوعها البيولوجي، ومن ناحية تنوع النباتات والحيوانات والطيور والزواحف والفطريات، وهي تحتوي تقريبا على ما يزيد عن 40 بالمئة من الثروة الوطنية ضمن مساحة 1700 هكتار، بالاضافة الى انها تستقطب الزوار وتساعد على تنشيط الحركة الاقتصادية ومكافحة التغيير المناخي، وتساعد على رفع مستوى الوعي في المجتمع المحلي والثقافة البيئية”.
محمية شاطئ صور الطبيعية
رئيس محمية محمية شاطئ صور الطبيعية ورئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق، قال لـ greenarea.info: “بناء لتعليمات وزير البيئة طارق الخطيب وبمناسبة اليوم الوطني للمحميات وعلى غرار كافة ايام السنة، نفتتح ابوابنا أمام لجميع لزيارة المحمية، بالاضافة الى اننا اليوم سنزود الزوار بخرائط وكتيبات مجانية عن المحمية تشرح أهميتها ودورها وعناصرها”.
وأضاف دبوق: “نحن نعمل على مدار السنة من أجل تطبيق الخطة الادراية للمحمية، كما اننا نعمل على مكافحة النباتات الغازية والمحافظة على النباتات النادرة الموجودة، والاهتمام الاكبر هو للمراقبة الدورية لجميع عناصر المحمية والمحافظة على النظافة التي اصبحت تشكل عبئا كبيرا، خصوصا واننا نتحدث عن محمية شاطئية تتلقى نفايات البحر، نعمل جاهدين على منع التعديات بكل اشكالها على المحمية”.
وإذ شدد على “تطبيق فعلي لقانون الصيد ذات الخصوصية بالمحمية ومنع الصيد بالوسائل غير المسموحة”، أكد دبوق أن “هذه المتابعات اثمرت نتائجها بشكل جيد، ونتطلع الى مزيد من التقدم مستقبلا لتكملة الخطة الادارية بالتعاون مع وزارة البيئة”.
محمية جزر النخيل
وأشار رئيس لجنة “محمية جزر النخيل الطبيعية” الدكتور غسان جرادي لـ greenarea.info إلى أنه “عادة لا يمكن زيارة المحمية الا عبر تصاريح تقدم قبل 72 ساعة لظروف خاصة بالمنطقة، اما اليوم فالزيارات ستتم بتصريح فوري”.
وقال: “اليوم بدأ توافد الزوار إلى الجزر وسنقيم الاسبوع القادم احتفالا بمناسبة اليوبيل الفضي لإعلان المحمية، ونذكر هنا انها ومحمية حرج اهدن وأرز الشوف كانت أول ثلاث محميات طبق فيها مشروع المحميات الطبيعية في لبنان الممول من Global Environment Facility الـ GEF، تم تحديد محمية جزر النخيل الطبيعية كواحدة من أبرز المناطق الرطبة، وذات أهمية دولية خاصةWetlands of International Importance في العام 1980، حتى أنها تعتبر من أهم المناطق المحمية في شرق البحر المتوسط، وصنفت بالإضافة إلى محمية صور في جنوب لبنان (ذات أهمية متوسطية)”.
وأضاف جرادي: “تعتبر المحمية واحدة من أربع محميات رامسار (للأراضي الرطبة) Ramsar ذات اهمية دولية منذ العام 2002، فضلا عن واحدة من 15 موقعا مهما للطيور في لبنان منذ العام 1994، كونها من أهم موائل الطيور المائية والمستوطنة، فضلا عن انها عضو في MedPAN، وهي منظمة متوسطية تعنى بالمحميات البحرية، وقد دعمتنا هذا العام بمشروع نفذناه عن طريق وحدة البيئة في جامعة البلمند، بالاضافة الى العديد من الدراسات والمشاريع، وعملنا ايضا على تنظيم ومراقبة الزيارات الى المحمية مع تقديم الارشادات للباحثين والزوار حول كيفية التنقل والعمل داخل الجزر بما يتناسب مع شروط ومواصفات الحفاظ على التنوع البيولوجي البحري والبري للمحمية، وهذا عمل شاق وهو ضمن اولوياتنا، ونعمل الان على تنظيم المساهمة المادية لدخول المحمية كبدل عن الخدمات التي نقدمها وسنقدمها لتسهيل الزيارة الى المحمية”.
ثلاث جزر متوسطية
رئيس فريق الغوص اللبناني – البيئي والعلمي والمتابع ضمن مشروع حول التغيرات البيولوجية في المحمية خالد المرعبي، قال لـ greenarea.info: “تضم المحية ثلاث جزر متوسطية غير مأهولة بالسكان (النخل – سنني – رامكين)، تقع على بعد 5.5 كلم شمال غربي طرابلس (حيث تبعد عن ملوثات الشاطىء)، وتشكل أحد مواطن التفريخ القليلة المتبقية للسلحفاة ضخمة الرأس والسلحفاة الخضراء المهددتين عالمياً، ومكان إستراحة لعدد كبير من الطيور المهاجرة، بالإضافة الى أنها غنية بالحياة الساحلية والنباتات الطبية وتتميز مياهها الساحلية بوفرة السمك والإسفنج البحري والكائنات البحرية”.
وأضاف المرعبي: “نحن في فريق الغوص اللبناني – البيئي والعلمي مجموعة تضم حوالي 45 غطاساً، بالاضافة الى استشاريين وأكاديميين من أهل العلم، عملنا مع ادارة المحمية على مراقبة المتغيرات البيولوجية والثروة السمكية فيها كما باقي الشواطىء اللبنانية، وتعتبر المحمية موئلا مهما لتفريخ الأسماك، وكذلك الكثير من الطحالب البحرية المهمة، وتضم عددا من المغاور المائية والنصف مائية، وتتشكل الأعماق من الصخور والرمال الذهبية مما يسمح لتواجد مختلف انواع الأسماك المحليّة وكذلك الاسماك العابرة. كما اكتشفنا مؤخراً عددا من ينابيع مياه الشفّة على أعماق متفاوتة”.
وأشار إلى أن “فريقنا قام العام الماضي بإشراف لجنة محمية جزر النخل الطبيعية ووزارة البيئة اللبنانية بإنشاء مسرب للغوص البيئي، يضم 14 لائحة مصوّرة حول الثروة السمكية الموجودة في المحمية، وهو بطول 425 متراً حول جزيرة رامكين والعمق الاقصى 19 مترا”.
وختم المرعبي: “يتطلع فريقنا دائما للعمل والتنسيق مع لجنة المحمية بهدف تحسين واقع المحمية، لذلك نشدد على اهمية التوثيق العلمي والعملي لكافة المتغيرات في الحياة البحرية ضمن مشروع يهدف الى تقييم الواقع وتحسين النتائج”.