منذ أن أعلنت بلدية بيروت عن إجراء تأهيل مسبق للشركات للاشتراك بمشروع خطة التخلص من النفايات الصلبة Waste treatment facilities for Beirut Municipality مطلع الشهر الجاري، بدأت مجموعة واسعة من الشركات الدولية باستطلاع أجواء هذه المناقصة وما اذا كانت ستتم فعلاً، أو سينتهي أمرها كما انتهى غيرها من المناقصات.
يتضح من إعلان التأهيل المسبق، ان الشروط الموضوعة أمام الشركات الاجنبية للدخول بالمناقصة، هي الاكثر تشدداً في تاريخ مناقصات إدارة النفايات المنزلية الصلبة في لبنان، وان هذه الشروط فيما لو تم الالتزام بجميع بنودها، سوف تفضي في نهاية المطاف إلى تصفية لمجموعة قليلة من الشركات ذات الخبرة بتقنية تحويل النفايات إلى طاقة لا يتجاوز عددها أصابع اليدين.
تبدأ هذه الشروط من السجل الفعلي لنشاط الشركة خلال السنوات الخمس الماضية، إضافة إلى مدى قدرتها على توقيع العقود، وعدد العقود التي اخفقت في توقيعها، ونسبة الدعاوى أمام المحاكم المحلية والدولية، وصولاً إلى أدائها المالي حيث يفترض ان يكون حجم التدفق المالي السنوي للشركة لا يقل عن ٢٥ مليون دولار، على ان يتوفر هذا الشرط ايضاً لدى الشريك اللبناني الذي ستتألف معه الشركة الاجنبية ليصبح المجموع ٥٠ مليون دولار اميركي. كما يجب ان يبلغ حجم العقود السنوية ١٠٠ مليون دولار اميركي، على ان تتوزع هذه النسبة بين ٣٠ بالمئة للشركة اللبنانية و ٦٠ بالمئة للشركة الاجنبية.
وينص إعلان التأهيل المسبق على ان الشركات اللبنانية المؤهلة للدخول في المناقصة يجب ان تكون مصنفة من قبل “مجلس الانماء والاعمار”، على ألا يقل حجم الاعمال السنوي عن العشرين مليون دولار في كل فئة من الفئات الثلاث المعتمدة، وهي الابنية والانشاءات الهندسية العامة والطرقات. أما الشركات التي لديها خبرة في مشروع إدارة النفايات، فتنال ٨ على ١٠ في علأمات التقييم، والشركات التي لديها مشروعين لإدارة النفايات فتنال ٩ على ١٠ في علأمات التقييم، أما الشركات التي لديها اكثر من مشروعين لادرة النفايات في لبنان فتنال ١٠ على ١٠ في علامات التقييم.
وبالنسبة للخبرة في تصميم وبناء وإدارة وتشغيل مراكز الفرز الميكانيكية، اشترط الإعلان ان يكون لدى الشركة المؤهلة خبرة في إدارة ثلاثة مراكز للفرز تبلغ قدرتها الاستيعابية ٤٠٠ طن يومياً، على ان ترتفع علامة التقييم من ٦ على ١٠ إلى ١٠ على ١٠ كلما زادت خبرة الشركة في تصميم وبناء وإدارة وتشغيل مراكز الفرز الميكانيكية، بالاستناد إلى العدد والقدرة الاستيعابية. الأمر نفسه ينسحب على الخبرة في تصميم وبناء وإدارة وتشغيل مراكز المعالجة البيولوجية الميكانيكية، سواء كانت عبر تقنية الهضم اللاهوائي أو التجفيف البيولوجي، بشرط ان تكون هذه التقنية معترف بها من قبل الاتحاد الأوروبي أو كالة البيئة الاميركية، على ان ترتفع علامات التقييم من ٦ على ١٠ إلى ١٠ على ١٠ كلما زادت الخبرة عن ثلاثة مراكز بقدرة ٢٠٠ طن خلال السنوات العشر الماضية.
الشرط الاهم في الإعلان المسبق للتأهيل يتعلق بالخبرة في تصميم وبناء وإدارة وتشغيل منشآت تحويل النفايات إلى طاقة، حيث يشترط ٣ منشآت كحد أدنى بقدرة استيعابية ٤٠٠ طن يوماً، وعلى ان ينتج عنها ما لا يقل عن ٢٠ ميغاواط كهرباء، وترتفع علامات التقييم من ١٢ علامة إلى ٢٠ علامة بالاستناد إلى كمية هذه المراكز وطاقتها الاستيعابية.
ماذا عن الشركات الطامحة للدخول إلى هذه المناقصة؟ يتبين ان هناك ثلاث شركات لبنانية لديها خبرة في إدارة النفايات المنزلية الصلبة في لبنان، الأولى هي مجموعة افيردا (سوكلين وسوكومي) التي تولت إدارة النفايات المنزلية الصلبة في بيروت وجبل لبنان لفترة تزيد عن ١٨ عاما، ولديها خبرة اقليمية ودولية. أما الشركة الثانية فهي “شركة الجهاد للمقاولات” التي تتولى حالياً جزءاً كبيراً من إدارة النفايات في جبل لبنان. والشركة الثالثة هي باتكو (لافاجيت) التي لديها خبرة في إدارة النفايات الصلبة في طرابلس وعدد من اتحادات البلديات في الجنوب وجبل لبنان، اضافة إلى عقود في عدة دول عربية. لكن هذا لا يعني ان المنافسة محصورة ضمن هذه الشركات، طالما أن التاهيل المسبق لا ينص على ان تكون الخبرة في إدارة النفايات الصلبة شرطا الزاميا للتأهيل.
أما بالنسبة للشركات الاجنبية، فالمروحة واسعة ومتنوعة، لكن تطبيق الشروط الصارمة لجهة الخبرة والقدرات العملية والتقنيات المعتدمة والمعترف بها أوروبياً واميركياً وبشكل حصري، ما يستبعد شركات صينية وهندية وروسية، والاهم الرغبة في المشاركة ضمن مناقصات داخل لبنان، تقلص حجم هذه الشركات إلى اقل من عشر، ابرزها:
-مجموعة SUEZ الفرنسية، التي فازت بعقد إعادة تأهيل مكبّ صيدا العشوائي لمصلحة وزارة البيئة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
-مجموعة CNIM الفرنسية، وهي من ابرز الشركات المتخصصة بتقنيات تحويل النفايات إلى طاقة، ولديها عقود تشغيل في العديد من الدول حول العالم.
-مجموعة VINCI الفرنسية، وهي ايضاً من كبريات الشركة المتخصصة بتقنيات تحويل النفايات إلى طاقة.
-مجوعة Veolia الفرنسية، وهي شركة مصنفة عالمياً، وسبق ان ابدت اهتمامها للدخول في مناقصة العام ٢٠١٥، كما تردد اسمها في صفقة ترحيل النفايات إلى الخارج.
-مجموعة Hitachi Zosen Inova السويسرية، وهي ايضاً من كبريات الشركات المتخصصة بتقنيات تحويل النفايات إلى طاقة.
-مجموعة Doosan Lentjes وهي ائتلاف لشركتين نمساوية وكورية، تشكلت عام ٢٠١١، ولديها مشاريع عدة لتحويل النفايات إلى طاقة حول العالم.
يتبين من هذه العينة من الشركات التي تؤكد المعلومات انها مهتمه بالاستثمار في لبنان، ان بعضها سبق واكتسب خبرة في الدخول والتعرف إلى السوق اللبناني والتفاوض من اجل الائتلاف مع شركات لبنانية خصوصاً SUEZ و Veolia، لكن ليس هناك ما يمنع من دخول شركات اخرى، خصوصاً ان بلدية كوبنهاغن كانت من اكثر البلديات حماسة لمساعدة بلدية بيروت للتعرف على تقنية تحويل النفايات إلى الطاقة، ولقد جرى تبادل زيارات مشتركة بين البلديتين.