“تتشارك دول حوض البحر الابيض المتوسط نفس التحديات، وهي تعاني من تداعيات تغير المناخ، وأبرزها انخفاض الامطار وتباين الفصول، وكل ذلك سيؤثر على الغابات، ويأتي انعقاد الدورة الخامسة لاسبوع الغابات المتوسطية في أغادير، ليؤكد على اقتسامنا نفس المشكلات، مع فوارق وتباينات بين دولة واخرى”.
الكلام للدكتور عبد العظيم الحافي المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر في المغرب، في مقابلة مع موقع greenarea.info على هامش الجلسة الافتتاحية لاسبوع الغابات الذي يستمر لغاية يوم الجمعة المقبل، حيث سيقوم خبراء من مختلف دول البحر الابيض المتوسط بمناقشة قضايا رئيسية متعلقة بإعادة تأهيل الغابات، وإشكالية تدهور الاراضي، من أجل وضع برنامج تدابير سيتم اعتماده والمصادقة عليه في الاجتماع الرفيع المستوى الذي سيكون في اليوم الختامي لفعاليات هذا الأسبوع.
يؤكد الحافي ان هذه الاجتماعات مهمة لاقتسام الخبرة بالنسبة لدول الشمال والجنوب، وجميعنا نعاني من مشكلات مشتركة، وابرز الامثلة على هذه المشكلات حرائق الغابات التي تؤدي سنوياً إلى خسارة عشرات آلاف الهكتارات من المساحات الخضراء. والنموذج الذي اعتمده المغرب لإدارة المخاطر المتعلقة بحرائق الغابات متطور واعطى نتائجه، حيث استطعنا ان نقلص مساحة الحرائق في السنوات الاخيرة بنسبة ٧٥ بالمئة، بالاستناد إلى نظام معلومات يدمج المعطيات المناخية، ما جعلنا نموذجاً في التكييف مع التغيرات المناخية. وهذا النموذج قابل للتفعيل في الدول الاخرى.

هواجس دول الجنوب والدول الجزرية

وحول مصير اتفاقية باريس التي اعتمدت قبل شهر واحد من انعقاد مؤتمر الاطراف الـ 22 حول تغير المناخ في مراكش العام الماضي، يؤكد الحافي ان الرئاسة المغربية للمؤتمر تركز على اهمية التمويل، ولقد قطعنا اشواطا عديدة بالنسبة لآليات التمويل، وخصوصا لتمكين المشاريع التي تتوفر فيها مواصفات محددة، والمهم ان يتم تكوين كفاءات وطنية وتفعيل العمل المؤسساتي في دول الجنوب التي تحتاج إلى كفاءات، ولقد حان الوقت لتطوير شبكات لتقييم وتكوين الكفاءات، واذا توفرت هذه الكفاءات لا يعود موضوع التمويل المرتبط بسياسات الحد من تغير المناخ إشكاليا، وما يطرح من مساعدات سنوية تصل إلى ١٠٠ مليار دولار بحلول العام ٢٠٢٠ قابل للتطبيق، والممول يهمه نظرة واضحة للاهداف والزمن الايكولوجي. اما التكييف فهو هدف ثالث ومهم، وما تم الاتفاق عليه في مراكش هو وضع التكييف في مصافي هدف خفض الانبعاثات، خصوصا وأن المؤتمر عقد في بلد افريقي وكان من البديهي ان يجيب على هواجس دول الجنوب والدول الجزرية الصغيرة وهي الأكثر تأثراً بتغير المناخ.
ولفت الحاف الذي يتولى منصب امين عام دورة COP22 ان “الإلتزام الدول باتفاقية تغير المناخ وسرعة المصادقة على الاتفاقية يعكس جدية منقطعة النظير على المستوى الدولي تجاه هذه القضية الحساسة”، وقال: “صحيح انه وقعت تغيرات سياسية في بعض الدول، لكن لا أظن انها ستؤثر بشكل من الاشكال على صيرورة الأمور بالنسبة لاتفاقية باريس، فهذه الاتفاقية ستبقى سارية المفعول ولو حصل بعض التذبذب على مستوى الوقت وبعض التأخر لبعض الدول”.
ومعلوم ان وصول الرئيس الاميركي دونلاد ترامب إلى سد الرئاسة الاميركية شكل ضربة موجعة للجهود المرتبطة بالحد من تغير المناخ، وهو اعلن صراحة نيته الانسحاب من الاتفاقية. وتفيد المعلومات ان إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر أقنعا الرئيس الأميركي بالتراجع عن نية انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ. وان هذه الخطوة جاءت بعد ان اجتمعت إيفانكا بالممثل الاميركي ليوناردو دي كابريو الذي يعمل جاهداً من أجل الترويج لسياسة الحد من تغير المناخ.

الدليل الإرشادي

وتستمر الرئاسة المغربية لمؤتمر الاطراف حول تغير المناخ حتى شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، موعد انعقاد مؤتمر “كوب 23” الذي ستنظمه جزر فيجي، ويعقد في بون في ألمانيا من 6 إلى 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017. كما ينعقد الجزء الثالث من الدورة الأولى لفريق العمل الخاص باتفاق باريس (APA)، في الفترة الممتدة من 8 إلى 18 أيار (مايو) المقبل في مدينة بون الألمانية، حيث مقر أمانة الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول التغير المناخي، وستشكل فرصة للمضي قدماً للعمل على “الدليل الإرشادي” الخاص باتفاق باريس و”الحوار الميسر” الذي ينبغي أن يكتمل بحلول سنة 2018.
وشدد الحافي على اهمية الاحتفال باليوم العالمي للغابات وموضوعه هذا العام الغابات والطاقة، مشيراً إلى أن مسالة الطاقة المتجددة من الغابة مهمة جداً، والمطلوب ان تكون مستويات الاستفادة من الغابات لا تفوق مستويات تجددها، لذلك لا يمكن ان نستخلص من الغابة إلا القيمة المضافة من النمو الطبيعي، على عكس الاستغلال المفرط الذي يؤدي إلى تآكل الرأسمال الغابوي وتدهور النظم البيئية للغابات.
وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012، يوم 21 آذار (مارس) اليوم العالمي للغابات، ويُحتفل في هذا اليوم بالغابات بشتى أنواعها وتجري التوعية على أهميتها. وتُشجّع البلدان في كل يوم عالمي للغابات على بذل الجهود على المستويات المحلية والوطنية والدولية للاضطلاع بأنشطة خاصة بالغابات والأشجار، على غرار حملات غرس الأشجار.
وتقول منظمة الاغذية والزراعة (الفاو) ان الخشب يوفر طاقة أكبر من تلك الناجمة عن الطاقة الشمسية أو الكهرمائية أو الهوائية، ويمثّل حالياً قرابة 40 بالمئة من إمدادات الطاقة المتجددة في العالم. كما أنه يلعب دوراً مهماً في البلدان النامية وبعض البلدان الصناعية على حد سواء. ويُستخدم حوالي 50 بالمئة من الإنتاج العالمي للخشب (نحو 1.86 مليار متر مكعّب) كطاقة للطبخ والتدفئة وتوليد الكهرباء. ويشكّل الوقود الخشبي بالنسبة إلى 2.4 مليار شخص، سبيلاً لتوفير وجبة مطبوخة ومغذية أكثر.

هدف عالمي لزيادة مساحة الغابات

وتوصلت دول العالم أواخر شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، إلى اتفاق يقضي باعتماد خطة من شأنها أن تغير معالم غابات العالم، وتهدف هذه الخطة زيادة مساحة الغابات في العالم بـ120 مليون هكتار، أي ما يقارب مساحة جنوب أفريقيا، وذلك بحلول عام 2030.
وقد أبرم هذا الاتفاق على خلفية خطة الأمم المتحدة الاستراتيجية للغابات، إبان دورة استثنائية لمنتدى الأمم المتحدة المعني بالغابات. وهو يقدم رؤية طموحة لغابات العالم مع حلول عام 2030، وتضم الخطة مجموعة من الأهداف العالمية المتصلة بالغابات.
وتغطي الغابات حاليا 30 بالمئة من مساحة اليابسة في الكوكب، أي ما يقارب 4 مليارات هكتار. وتتميز الغابات التي تحظى بإدارة مستدامة بكونها أنظمة بيئية صحية ومنتجة ومقاومة ومتجددة، توفر للناس في مختلف مناطق العالم سلعا وخدمات أساسية. ويقدر أن 1،6 مليار إنسان، أي 25 بالمئة من سكان الأرض، يعتمدون على الغابات في معيشتهم وعملهم ودخلهم.
ويشكل موضوع الغابات جزءا رئيسيا من السياسات الدولية والأجندات السياسية منذ 1992. وإلى اليوم اقتصر تركيز المجتمع الدولي على الحد من أعمال إزالة الغابات وتدهورها وعكس ذلك الاتجاه.
ويمثل هذا الاتفاق بشأن وضع هدف عالمي لزيادة مساحة الغابات في العالم مع حلول 2030، قرارا شجاعا ورائدا للدول الأعضاء الـ197 لمنتدى الأمم المتحدة المعني بالغابات.
وعقد اسبوع الغابات المتوسطية عام ٢٠١٠ في تركيا، وفي فرنسا (٢٠١١) والجزائر (٢٠١٣) واسبانيا (٢٠١٥)، وهناك مساعٍ جدية لأن يستضيف لبنان اعمال هذا الاسبوع في دورته المقبلة المقرر عقدها في العام ٢٠١٩.
ويشارك في اسبوع الغابات المتوسطية وفد لبناني يضم ممثلين عن وزارات الزراعة والبيئة والدفاع، اضافة الى مشاركة العديد من المنظمات غير الحكومية والاكاديميين المختصين بالغابات والتنوع البيولوجي والنباتات.
وتوفر الغابات سلعا عديدة مثل الخشب والأغدية والوقود والألياف والعلف، وغيرها من المنتجات غير الخشبية. كما تقدم خدمات متنوعة للأنظمة البيئية، تتنوع ما بين التربة والأرض والمياه والتنوع الأحيائي، وبين تخفيف آثار التغير المناخي والتكيف معه، وما بين الهواء النقي والحد من خطر الكوارث الطبيعية، بما فيها الفيضانات والانهيارات الأرضية وموجات الجفاف والعواصف الغبارية والرملية.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This