من يحمي الشاطىء اللبناني من التلوث الكيميائي الناجم عن التسربات النفطية من البواخر وقرب معملي الذوق والجية الحراريين؟ وما هي السبل الآيلة لوقف هذه التسربات؟ ومن هي الجهة المسؤولة؟

أسئلة من المفترض أن يجيب عنها المعنيون في الوزارات المعنية، ولا سيما وزارة الطاقة والمياه، خصوصا وأن هذه المشكلة تترتب عليها نتائج خطيرة على الأحياء البحرية من جهة، وعلى صحة مرتادي البحر من جهة ثانية، فضلا عن نتائجها على قطاع السياحة، والأضرار التي تطاول قطاع الصيد البحري الذي يعتاش منه مئات اللبنانيين.

هذه المشكلة لا تقتصر على منطقة الذوق والمناطق القريبة فحسب، إذ سبق لموقعنا greenarea.info أن وثق تلوثا نفطيا في أيلول (سبتمبر) الماضي قرب معمل الجية الحراري في جنوب لبنان، وما يثير الاستغراب أن أحدا لم يتحرك إلى مستوى مواجهة هذه الكوارث المتنقلة، إذ لا تدابير رادعة حتى الآن!

وبالنسبة إلى الذوق ليس ثمة معلومات حول ما إذا كان التسرب النفطي ناجما عن باخرة قرب معمل الذوق خلال أو بعد تفريغ حمولتها من مادة الفيول، بانتظار ما إذا كانت الجهات المعنية في الدولة ستتحرك سريعا لمعرفة سبب التلوث، واتخاذ الاجراءات والتدابير المناسبة بحق الملوِّثين.

 

الحربية: وثّقناها بالصور

 

وقد واكب greenarea.info المشكلة، محاولا إلقاء الضوء أكثر على هذا التلوث، ومن يتحمل تبعاته، والجهة المفترض أن تراقب وتحمي.

بدايةً، أشار المواطن وهاوي صيد الأسماك سيمون حريبة إلى “رحلات بحرية عدة قمت بها خلال الاسبوعين الاخيرين مع أصدقائي، وثقنا خلالها مشاهداتنا بالصور لتلوث نفطي ولنفايات تطفو على سطح الماء”، وقال: “خرجت منذ حوالي الأسبوعين في مركبي مع عدد من الاصدقاء في رحلة صيد من مرفأ جونية، لأفاجأ برائحة الفيول تعم المكان الذي قصدناه، وسرعان ما شاهدنا رغوة (زبد) Foam بنية اللون على سطح المياه، بالاضافة إلى بقعة فيول كبيرة تركت آثارها على خيطان الصيد والمركب”.

وأضاف الحربية: “لم أوثق المشاهدات يومها بالصور الى ان عاودنا الخروج للصيد بعد يومين ايضا من جونيه، فتكررت المشاهدات السابقة، مع وجود بقع من الفيول أكثر كثافة تطفو على السطح وثقتها بالصور، وعادت نفس الحالة لتكرر مرة بعد مرة، وفي احدى الرحلات التي قصدنا فيها منطقة الفيدار – عمشيت بصحبة اصدقائي الاجانب تفاجأوا بكميات الفيول، خصوصا وأن بحر لبنان يعتبر مقصدا لهم، توجهنا نحو الفيدار لتتكرر نفس المشاهد مع اكياس البلاستيك، ويرجح ان البلاستيك قد جاء مع التيار من بيروت باتجاه الشمال ليحمل معه كميات هائلة من النفايات، وفي رحلة اخرى اقتربت النفايات نحو الشاطئ”.

الكشف عن مصادر التلوث

وأشار الحربية إلى أنه “في منطقة الكسليك كانت الكارثة الاكبر، حين شاهدت الشاطئ يغطيه الفيول الذي التصق بالصخور وتجمع بينها وعليها حتى اصبحت سوداء، بالاضافة الى القوارير الفارغة والخيطان والحبال الملطخة بالفيول، فقمت بعرض الصور على صفحة “البحر اللبناني” Sea Lebanon، ووضعتها بمتناول جميع المعنيين من صحافيين ونشطاء بيئيين وخبراء، لما قد يشكله هذا التلوث المستمر من خطر على الأحياء البحرية وتدمير لموائلها، لذلك قررت ان انشر كل المشاهدات التي اصادفها علها تثير اهتمام المعنيين، لوقف هذا التلوث الناتج حتما عن بواخر الفيول التي تفرغ حمولاتها قرب المعمل الحراري في الذوق، وعادة ما يحصل تسرب نفطي خلال التفريغ أو التوصيل أو من المحطة نفسها”.

وطالب الحربية “المعنيين بالتحرك والكشف عن مصادر التلوث ومكافحته بأسرع وقت ممكن، بالاضافة الى تنظيف الشاطئ”، ورأى أن “هذه الحالة زادت عن حدها وعما كانت عليه في السنوات الماضية، وهذا إن دل على شيء فعلى الأخطار التي تتسبب بقتل الأحياء البحرية وتلوث البحر، ما ينذر بموت البحر، لا سباحة ولا سمك اذا استمر الوضع على ما هو عليه”.

 

د. قديح: تلوث نفطي

 

الخبير البيئي في مجال علوم الكيمياء والسموم ومستشار موقع greenarea.info الدكتور ناجي قديح ، قال: “شاهدت الصور التي زودتموني بها، لكنها لا توضح بشكل دقيق ما هو حاصل، لكن الاحتمال الاكبر ان هناك تسربا نفطيا مع وجود مرفأ في المنطقة يستقبل بواخر تقوم بإفراغ مادة الفيول، ويبدو أن هناك تسربا لكمية من هذه المادة إلى البحر، مع رش مواد لاحتواء هذا التسرب”. ولفت إلى أن “هذه المواد تؤدي لمحاصرة البقعة وتشتتها، بحيث انها تؤدي الى تفككها لقطع صغيرة، أو ذوبانها ما يسهل التحكم بها”، وأشار إلى ان “الامواج قدفتها إلى الشاطئ حيث تراكم الفيول على الصخور  وظهرت من خلال تبدل لونها الى الاسود، كما انه قد يحدث احيانا غسل خزانات البواخر في عرض البحر بعد أن تبتعد قليلا عن الشاطىء، وطبعا هذا الأمر مخالف للقانون”.

وقال قديح أنه “بعد حصول هكذا حوادث تستعمل مواد للتشتيت تحدث رغوة تؤدي الى تشتيت وتفكيك والتحكم بالتسربات النفطية بالبحر، وختم: “هذا الحادث هو عبارة تلوث نفطي من المفترض تفاديه لما يسببه من تلوث، خصوصا وان المنطقة فيها مسابح ومنتجعات سياحية بالاضافة الى تأثير هذا التلوث على الاحياء البحرية”.

د. باريش:

وأشار أخصائي البيولوجيا البحرية وعلوم البحار البروفسور ميشال باريش لـ greenarea.info إلى ان “هذا التلوث هو نتيجة تسرب نفطي حاصل نتيجة تسرب اثناء تفريغ البواخر حمولتها من الفيول”، ولفت إلى أن “هذه المادة تطفو على سطح الماء ويقذفها الموج لتصل الى الصخور وتلتصق بها”.

وأضاف باريش: “تأثير التلوث النفطي يتسبب بتسرب السموم في الماء ووصولها الى كافة الاحياء البحرية التي تمتص وتجمع هذه السموم، كما انه عندما يطفو على سطح الماء يؤثر على النباتات الصغيرة والعوالق، ويؤثر أيضا على الطيور التي تسبح وتقترب من الماء، كما انها حين التصاقها بالصخور تقتل جميع الاحياء التي تعيش عليها وبينها، وبعد مرور الوقت على هذا الفيول تتبخر منه بعض المواد ويتحول الى كرات من الزفت تلتصق بالرمل أو ترسو في العمق أو بين الصخور، وبالتالي تعمل على تسميم المنطقة الموجودة فيها”.

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This