إضافة الى التلوث الشديد الذي تسببه وسائل النقل للهواء في سائر مدينة حمص، والتي كانت سابقاً تلقب بحمص العدية، نسبة الى مياهها العذبة الوافرة، تعاني المدينة اليوم، بل المحافظة ككل، من كل أنواع التلوث، حتى تكاد أن تكون الأولى لناحية تعرضها للتلوث على مستوى سوريا، والمصادر التي تسبب ذلك التلوث، كثيرة نذكر منها مصفاة حمص، شركة السكر، شركة الوليد للغزل والنسيج، الشركة العامة لعصير العنب في زيدل، شركة ألبان حمص، الشركة العامة للغزل والنسيج والصباغة، بالاضافة الى الشركة العامة لصناعة الاسمدة غيرها الكثير.
مصفاة حمص
تعتبر مصفاة البترول الملوث الأكبر والأخطر لمدينة حمص، فبالاضافة الى الغبار والمواد الهيدروكربونية المنطلقة منها، هناك غازات أخرى أكثر سمية مثل أول أكسيد الكربون وحمض الكبريت، وتلعب الفضلات الصلبة الصادرة عن المصفاة دوراً اساسياً في تلوث مياه وتراب حمص، فالفحم الناتج عن وحدة التفحيم يحتوي على نسبة عالية من الكبريت، ومن بين الملوثات نذكر نواتج تنظيف الخزانات والزيوت المستهلكة، واسطوانات مستعملة لبعض المواد مثل “الكلور” CLو”الأمونيا NH3″.
فيما يتلوث الهواء نتيجة لتسرب أبخرة بعض المواد العضوية الطيارة “كالبنزين تولونين” C7H8 ، ويطلق عليه باللغة العامية “التنر” ويستخدم لاذابة الدهانات، و”ميتيل البنزين” C6H5-CH3، وتسرب بعض الغازات من الصمامات والمضخات والضواغط، كذلك انتشار روائح واخزة من الأحواض المكشوفة المخصصة لفصل الزيت عن الماء.
وتسبب أكاسيد الآزوت NOx التهابا في أنسجة الرئة، واستنشاقها لفترات طويلة يسبب شلل الجملة العصبية. في حين أن أكاسيد الكبريت تسبب تخرشاً للأغشية المخاطية وفي حال ازدياد تركيزه يخرش جهاز التنفس.
ثلاثة معامل للأسمدة
تنتج الشركة العامة للاسمدة (مجموعة من ثلاثة معامل) العديد من الملوثات، اهمها، حمض الكبريت، الذي يساعد على تكوين أمطار حامضية، وهذه تؤدي إلى تلف المحاصيل الزراعية، كذلك تنفث مداخنه حمض الفوسفوريك المستخدم بشكل اساسي في صناعة الأسمدة الكيميائية، والذي يؤدي حتماً إلى الشيخوخة المبكرة، ضمور العضلات والعقم، ويسبب بعض أنواع السرطانات.
أضف اليها غازات اخرى مثل الفلور (يتراكم الفلور في النبات وينتقل الى الانسان عبر الهواء والغذاء)، واكاسيد الازوت، فيما تلوث المياه الحامضية التي تنتج من المعمل التربة والمياه الجوفية، فتحرق كل شكل من اشكال الحياة النباتية، وتجعل من المستحيل استمرار التنوع البيئي في محيط الشركة (مدينة قطينة نموذجاً سيتناول greenarea.info موضوع بحيرة قطينة بالتفصيل).
التلوث ما يزال على أشده
وبالنسبة لشركة سكر حمص، تعد الغازات السامة كأكسيد الكربون، الناتجة عن احتراق الفيول في قسم المراجل، من اهم الملوثات التي ينتجها المعمل، عدا عن السوائل الكيميائية الملوثة للتربة والمياه الجوفية.
وتساهم مجابل الاسفلت، التي تنتج عنها انواع من الغازات اهمها اكاسيد الازوت واكاسيد الكربون، ومخلفات سائلة وصلبة تنتج عن منشآت قص وجلي الرخام والبلاط (مادة الأسيد)، في تلوث المياه الجوفية والتربة في حمص، كما تساهم مئات آلاف الاطنان من النفايات المنزلية (الصلبة والسائلة)، بتلوث التربة والمياه بشكل صارخ، وهناك معمل الألبان والأجبان، وهو مساهم اساسي في تلوث التربة والمياه الجوفية بحيث تؤدي مخلفاتها الى تملح التربة وموت الاشجار في محيط المعمل.
وتنتشر معاصر الزيتون بشكل عشوائي، في كل مناطق زراعة الزيتون، وهي كثيرة في أرياف حمص، ومن الملوثات الناجمة عن معاصر الزيتون، هناك الى جانب المخلفات الصلبة “البيرين”، مياه “الجفت” وهي مياه شديدة التلوث بالمركبات العضوية، فضلا عن المياه العادمة الناتجة عن شبكة الصرف الصحي القديمة والكبيرة جداً والتي يصب معظمها في نهر العاصي، حيث تعاني معظم محطات تصفية المياه المالحة من صعوبات كبيرة.
رغم كل الجهود التي تبذلها المؤسسات في محافظة حمص، الا ان التلوث ما يزال على اشده وتزداد كثافته في بعض المناطق، علماً ان الدولة السورية كانت في فترة ما قبل الحرب قد وقعت عقوداً مع منظمات البيئة العالمية، ومنها منظمة الصحة العالمية WHO، الا ان الحرب حدت من استمرار تلك المشاريع، فهل ستعاود تلك المنظمات، في فترة ما بعد الحرب، العمل بهذه المشاريع سعياً منها لاعادة اللون الاخضر والاسم الجميل لــ”حمص العدية”؟