أثار العثور على قرش أبيض نفق في منطقة عميقة قرب شاطىء مدينة الحسيمة اهتمام البيئيين والمعنيين بقطاعي السياحة والتنمية في المغرب، خصوصا وأنه ينتمي إلى فصيلة نادرة في البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن مخاوف العاملين في قطاع السياحة، إذ ترافق العثور عليه مع قرب موسم السياحة الصيفية، علما أن ليس ثمة ما يستدعي الخوف، فالقرش النافق ينتمي لفصيلة لا تتسم بالشراسة، إلا أن “الميديا” صورت هذا الكائن على أنه “وحش” يتقصد الإنسان ويهاجمه، ويقلب مراكبه ويستهدفه لافتراسه، بالرغم من أن ثمة حقائق علمية تناقض كليا الصورة النمطية عن “القرش الأبيض الكبير” Great White Sharks خصوصا والأنواع الأخرى بشكل عام.
وبالنظر إلى أهمية هذا الكائن في النظم الإيكولوجية البحرية، فالحفاظ عليه يعتبر أولوية، لا سيما وأنه مدرج على قائمة الأنواع المهددة جدا بالانقراض، واستهدفه الانسان لاعتقاده بأنه قرش مهاجم، إلا أن كثيرين لا يعلمون أهميته لجهة دوره في توازن البحار والمحيطات، إذ يجوبها وينظفها من الحيوانات المريضة والضعيفة والنافقة، وما على الإنسان إلا أن يتعامل معه بحذر واحترام والامتناع عن السباحة في المناطق التي يتواجد فيها.
الناشط المغربي يونس البغديدي
وفي هذا السياق، تواصل greenarea.info مع الناشط البيئي في جمعية تعنى بالبيئة البحرية من مدينة الفنيدق المغربية يونس البغديدي، فأشار إلى أن “هذا القرش وُجِدَ نافقا عند سواحل الحسيمة في المملكة المغربية، وتم سحبه نحو الشاطئ من قبل بعض الصيادين”، وقال: “تواصلت مع هؤلاء الصيادين وأطلعوني على بعض التفاصيل، ومنها أن القرش علق بإحدى الشباك وكان نافقا، وقد أكدوا أنه يزن حوالي الطن وطوله قارب الخمسة امتار”.
وأضاف البغديدي بأنه “غالبا ما يتواجد القرش الابيض في هذه المنطقة، فهي تتخذ من مضيق جبل طارق معبرا لها الى المياه الاقليمية الاخرى”، وأوضح “اننا نريد طمأنة السياح وزوار هذه المناطق أن القرش الابيض لا يتواجد على شواطئ شمال المملكة، انما يوجد نوع (النيكرو) أو القرش الازرق الصغير Blue Shark، وهذه الانواع تقصد أعالي البحار بهدف أكل صيد البحارة”.
البروفسور ميشال باريش
من جهته، أشار خبير الأحياء البحرية في الجامعة الاميركية – بيروت البروفسور ميشال باريش لـ greenarea.info إلى أن “هذا القرش يندرج تحت الاسم العلمي Carcharodon carcharias، وهو من فصيلة اللخميات Lamnidae، ويعرف باسم القرش الابيض الكبير Great White Sharks، طوله الكلي يتراوح بين 250 و 800 سنتيمترا”، وقال: “بالرغم من انه يدعى القرش الابيض الا ان الجزء الابيض منه هو جانبه السفلي، أما ضهره فهو رمادي داكن، يعيش في اعماق تتفاوت بين السطح و 1300 متر، وهو ولود، تحمل الأنثى تسعة أو عشرة أجنة يعتبر الاعظم والاقوى بين اسماك القرش، يوضع على رأس السلسلة الغذائية البحرية، فهو يتغذى على طيف واسع من الكائنات الحية والدلافين والفقمات والاسماك والقروش والقواقع والشفنيات ورأسيات الأرجل والجيف والحيتان”.
وبحسب باريش “تستخدم معظم أسماك القرش كل حواسها، بما فيها حاسة البصر، حاسة الشم، وحاسة السمع الخارقة جدا لديها، فهي تلتقط من خلال جهازها السمعي ذبذبات اي حركة تدل على صراع ومقاومة تحت الماء، لذلك على الصيادين الذين يستعملون حربة الصيد (البارودة) إخراج فريستهم النازفة من الماء بأسرع وقت ممكن”، ولفت إلى أن “القرش الابيض يتميز بحاسته السادسة فهو يستشعر الحقول الكهربائية التي تصدر عن قلب او حركة عضلات وخياشيم فرائسها، وهذه الحاسة تمكنها من تحسس حقل الارض المغناطيسي مع المحيط”.
نظافة وتوازن المحيطات
أغلبية هذا النوع من القروش تقع فريسة شباك الصيد التجارية، ويُصطاد بالقصبة للتفاخر، ما أدى الى اصطياده على نحو واسع، فانخفضت أعداده حتى بات وجوده مهددا، ولذلك تم وضعه على قائمة الحيوانات المهددة جدا بالانقراض.
استهدفه الانسان لاعتقاده بأنه قرش مهاجم ولكن ما لا يعلمه كثيرون عنه انه يضمن نظافة وتوازن المحيطات فهو يجوب البحار وينظفها من الحيوانات المريضة والضعيفة والنافقة ومن المهم ان نعلم عنه انه ليس وحشا رغم خطورته لذلك على الانسان فقط التعامل معه بحذر واحترام والامتناع عن السباحة في المناطق التي يتواجد فيها.
فيلم روج لقتله
ان الصورة التي كوَّنها الناس عن هذا الحيوان متأثرة الى حد كبير برواية “الفك المفترس” Jaws التي نُشرت في السبعينيات من القرن الماضي، وصوِّرت فيلما سينمائيا سرعان ما حقق شهرة كبيرة ساهمت في الترويج لقتل القرش الابيض، باعتباره مجسدا للشر.
يهاجم القرش الابيض أحيانا البشر عندما يختلط عليه الأمر فيظنه كلب بحر أو فقمة عندما يمارس رياضة التزحلق على اللوح.
يعض ويهرب، ولذلك ينجو الانسان من الموت، فضلا عن أن لحم الانسان لا يحتوي على الدهون التي يحتاجها هذا القرش، فلا يستسيغ طعم اللحم البشري كما لا يستطيع هضمه”.
ينتشر هذا النوع من اسماك القرش في المحيطات المعتدلة في البحر الابيض المتوسط، وهذا يعني وجوده في مناطقنا في الاعماق، ويعتبر نادرا في المياه المدارية، وقد أصبح مهددا بشكل عام في كافة البحار وبشكل حاد في البحر الابيض المتوسط.