حمامة ضاقت بها السبل، فلم تجد إلا إناء زهور على شرفة لتضع بيضها وتحضنه إلى أن يفقس، خرج الفرخ الأول والثاني ينتظر، لم يتعرض لها أحد وهي نَعِمَت بالهدوء وما تزال، فارضة حضورها كواحد من أهل البيت، لتبدأ برعاية صغيريها في الإناء عينه، وتمدهما بالغذاء أسابيع عدة ليحلقا ليس في فضاء الحرية فحسب، وإنما في فضاء إنسانيتنا التي بدأنا نخسرها في ما نشهد من تعديات على الطيور صيدا وقتلا ومجازر، وفي ما نشهد من ممارسات تطاول سائر الكائنات التي نتقاسم معها الحياة وتعيش بين ظهرانينا.
الواقعة وثقها greenarea.info يوما بيوم مع صاحب الشقة المقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة، فالتواصل عبر التقنيات الحديثة (الفيسبوك والواتس آب وغيرهما من وسائط الاتصال) ألغى المسافات على هذا الكوكب المترامي الأطراف، لكأن تلك الحمامة الرائعة تعيش بيننا، حتى غمرنا الفضول لأن نعرف عنها كل يوم، خصوصا وأنها تمثل الوجه النقيض لما وثقناه من جرائم طاولت طيور اللقلق والعقبان والصقور.
المخرج بيار دواليبي
ما تجدر الإشارة إليه، أن من حظي بهذه الحمامة وأحسن وفادتها كضيف غير متوقع، هو المخرج اللبناني والناشط في مجال حماية الطيور بيار دواليبي المقيم في دولة الامارات العربية المتحدة، وهو ناشط يعني بالبيئة، نشر صورة الحمامة بعد أن فقس الفرخ الأول بين أصدقائه، وما لبثت أن تحولت موضع اهتمام الجميع.
وقال دواليبي لـ greenarea.info أن “حكايتي مع طائر الحمام مختلفة، فعلى الرغم من حبي للطيور، إلا أنها كانت كثيرا ما تزعجني بسبب اقتحامها شرفة المنزل وترك فضلاتها في كل مكان”، وأضاف: “حين تركت المنزل لأيام عدة، وبعد عودتي وجدت الحمامة في أحد أحواض الزرع، وقد بنت فيه عشا ووضعت بيضتين، ولم استطع فعل أي شيء حيال هذا الأمر واضطررت لتقبل الفكرة”.
أبعد من ذلك، فقد بدا دواليبي متحمسا لمراقبتها يوما بيوم الى أن “بدأت أجد نفسي مستلطفا للفكرة ومتابعا لها، ومن ثم بدأت بالتقاط الصور وإرسالها لاصدقائي المهتمين بالطيور، وقد اعربوا عن سعادتهم حيال الموضوع”.
وقال دواليبي: “تطور الامر وتعلقت بها أكثر، وصرت ارعاها واقدم لها الطعام والماء، وبعد مرور حوالي الاسبوعين فقست أول بيضة، وكنت سعيدا وقمت بالتقاط الصور وارسالها لاصدقائي اليوم”، ولفت إلى أنه “بانتظار ان تفقس البيضة الثانية”، منوها إلى أنه يشعر بالفرح “لانني تقبلت الوضع الذي اجبرت عليه لا بل احببته أيضا”.
