راهن نشطاء البيئة في لبنان على فعالية “المجلس الوطني للبيئة” الذي صدر مرسوم تحديد مهامه وتنظيمه بعد عشر سنوات على صدور القانون ٤٤٤ (قانون حماية البيئة) الذي ينص على إنشائه.
بعد خمس سنوات على صدور هذا المرسوم، يكاد لا يسمع أحد بهذا المجلس الذي لم يجتمع بشكل منتظم، رغم انه يفترض ان يجتمع شهرياً، ولم ترصد له موازنة ضمن وزارة البيئة، والاهم انه لم يلعب دوره ضمن المهام المحددة له على صعيد السياسة العامة والتخطيط، وعلى الصعد التقنية والتشريعية والادارية والمالية.
مرت قرابة اربعة اشهر على تشكيل الحكومة الرابعة والسبعين، وهي أول حكومة في عهد الرئيس العماد ميشال عون، لكن وزير البيئة طارق الخطيب لم يبادر بعد الى تعيين ممثل عن الجمعيات المعنية بشؤون البيئة وممثل عن القطاع الاكاديمي برتبة بروفسور، رغم انتهاء عضوية الممثلين الحالين منذ قرابة السنة (رفعت سابا عن التجمع اللبناني للبيئة، والدكتورة مي جردي من الجامعة الأميركية في بيروت).
أما ممثلو القطاع الخاص من نقابة الاطباء الى المحامين والمهندسين وجمعية المصارف وشركات التأمين، فلم يكونوا في الاساس مهتمين بشكل جدي بتمثيلهم داخل هذا المجلس، حالهم كحال ممثلي وزارات المالية والداخلية والبلديات والاشغال العامة والنقل والطاقة والمياة والصناعة، الذين لم يثبتوا عن فعالية تذكر في أدائهم داخل اجتماعات المجلس التي عقدت على امتداد السنوات الماضية، لا بل ان عددا غير قليل من ممثلي الوزارات والنقابات وشركات القطاع الخاص تغيبوا عن حضور العديد من الاجتماعات.
ويتألف المجلس الوطني للبيئة من ١٤ عضواً، وفق الآتي: وزير البيئة رئيساً، ممثلين عن وزارات المال والزراعة والداخلية والبلديات والأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه والصناعة. كذلك يضم رؤساء نقابات الأطباء والمهندسين والمحامين في بيروت وطرابلس، أو من ينتدبونهم، مداورة كل سنتين، إضافة إلى رئيس جمعية المصارف ورئيس جمعية شركات التأمين أو من ينتدبانه. ويعيّن بقرار من وزير البيئة رئيس تجمع إحدى المؤسسات البيئية عضواً في المجلس، شرط أن يضم التجمع عشرين مؤسسة على الأقل. ويحدد مرسوم تنظيمي صدر في أيار (مايو) العام ٢٠١٢ آلية تأليف المجلس الوطني للبيئة ومهماته، استناداً الى قانون حماية البيئة الذي نص في مادته السادسة على إنشاء هذا المجلس.
وفيما لو قرر الوزير الخطيب تعيين ممثل عن الجمعيات المعنية بشؤون البيئة، فإن المرسوم ٨١٥٧ حصر التمثيل برئيس احدى تجمعات مؤسسات لا تتوخى الربح تعنى بشؤون البيئة، وبالتالي، فإن المنافسة محصورة بين التجمع اللبناني للبيئة الذي يرأسه حاليا المهندس مالك غندور، والحركة البيئية اللبنانية التي يرأسها المحامي بول ابي راشد.
تحولت الجمعيات في العقد الأخير إلى إدارة مشاريع صغيرة ممولة من الجهات المانحة، ولم ترق إلى وضع السياسات والاستراتيجيات على المستوى الوطني، وتحول عمل بعضها إلى ما يشبه عمل الشركات الخاصة التي تبغي الربح، أو توظيف بعض أعضائها، عبر إدارة بعض المشاريع، وخسرت الكثير من دورها المراقب والمحاسب. لكن ذلك لا يعفي الجمعيات الجدية والفاعلة من المساءلة والمحاسبة ومن التشديد على اهمية تمثيلها في المجلس الوطني للبيئة، واستعادة دوره الذي لم ينجح في ممارسته منذ البداية، وتقصي مكامن الخلل التي أدت الى هذا الفشل الذريع.
ورغم أنّ قرار تعيين ممثل الجمعيات البيئية في المجلس حق حصري بوزير البيئة، فإن الوزير معني بإجراء مشاورات واسعة مع الجمعيات قبل اتخاذه قراراً بالتعيين. كما ان الجمعيات معنية بتوحيد مطلبها بتعديل مرسوم المجلس الوطني للبيئة، لكي يضم ستة ممثلين عن الجمعيات وليس فقط ممثلا واحدا، ويكون بذلك تمثيل البيئيين مناصفة مع ممثلي الوزارات.
كما يمكن للوزير الخطيب أن يدعو كافة الجمعيات البيئية الحائزه «علم وخبر» إلى انتخاب من تتوافر فيه الشروط التي حددها المرسوم التنظيمي، وأن يرتبط هذا الترشيح بتقديم برنامج انتخابي وخطة عمل يكونان بمثابة خارطة طريق لممثل الجمعيات البيئية في المجلس الوطني. ويتولى هذا المجلس مهمة إبداء الرأي بالسياسة والاستراتيجيات البيئية التي تضعها وزارة البيئة، إضافة إلى دوره التشريعي في إعداد القوانين والأنظمة والخطط والبرامج والمشاريع وتعديلها.