كما كان متوقعا، لن يقف علماء الولايات المتحدة الأميركية مكتوفي الأيدي حيال سياسة الرئيس دونالد ترامب في موضوع تغير المناخ، وهم لم يتوانوا عن التصدي لمنع وصوله إلى البيت الأبيض، وكانت لهم مواقف واضحة من ادعاءاته في ما يتعلق بتغير المناخ، حتى مع انطلاق حملته الانتخابية أطلقوا أكثر من نداء وبيان، وهم سيواجهون قريبا توجهاته وسياساته الرامية إلى تقويض جهود سلفه باراك أوباما.
وسيواجه علماء أميركيون ومن مختلف أنحاء العالم سياسات ترامب بتظاهرات واسعة، أبرزها تلك التي ستحتضنها واشنطن يوم السبت المقبل في 22 نيسان (أبريل) الجاري، وهذه سابقة في التاريخ أن ينزل العلماء إلى الشارع، في ما أطلق عليه “مسيرة العلم” The March for Science، فيما موقعهم الأول هو مختبرات العلم والبحث، ما يعني أن ثمة أزمة غير مسبوقة في تاريخنا الحديث، فعندما يتوحد العلماء ويقررون المواجهة فهذا يعني أن الحدث جلل، وأن الأخطار أكبر من أن يسكت عنها من ائتمنوا على العلم والمعرفة.
وسيتصدى العلماء للهجمة التي يتعرضون لها، وهي في الأساس هجمة على العلم تقودها الحكومة الأميركية، خصوصا وأنها تتغاضى عن ما يواجه العالم من مخاطر محدقة من خاصرة تغير المناخ، بما هي نتاج ظاهرة الاحتباس الحراري المفترض أن تكون خارج أي نقاش، وسط ما يشهد العالم من ظواهر مناخية متطرفة لا عهد له بها من قبل، فيما يتبنى ترامب تدمير كل السياسات التي تبناها الرئيس السابق باراك أوباما، ولا سيما منها توقيع إدارة أوباما على ما بات يعرف بـ “خطة الطاقة النظيفة”، من أجل الحد من إطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون من محطات توليد الطاقة، والتي وعد ترامب بإلغائها، ثم تعهده بإضعاف معايير الاقتصاد في استهلاك الوقود والتي ساهمت في تقليل استهلاك النفط وانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون.

تعرض الحياة للخطر

وفي هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ “غارديان” Guardian البريطانية أن التحضير لأكبر تجمع للعلماء وداعميهم في واشنطن وحول العالم السبت المقبل يمثل سابقة هي الأولى من نوعها، وكان ترامب قد ألغى قاعدة تتطلب من الوكالات الفيدرالية أن تضع في اعتبارها تأثير المشاريع الفيدرالية على التغيير المناخي، وكيف يمكن أن يؤثر المناخ في المسقبل على قيمة المشاريع نفسها، إلا أن العقبات البيروقراطية تحول دون تكريس هذه القوانين من خلال توقيع ترامب فقط، ولكن إذا نجحت إدارة ترامب في مساعيها، فيمكنها أن تزيد من الاحتباس الحراري ومن الملوثات التي تعرض الحياة للخطر، وسيصعب على الأجيال القادمة محاربة التغيير المناخي، بحسب موقع “صحيفة التقرير”.
ولا يخفى على أحد كراهية ترامب للعلم، إذ أنه خلال فترة ترشحه رفض دلائل علمية مثبتة منذ عقود، وقال إن الاحتباس الحراري هو خدعه. واختار أعضاء لحكومته أبرزوا جهلهم للعلوم، مثلما اختار سكوت برويت لقيادة وكالة حماية البيئة، وكان سكوت قال من قبل إنه لا يعتقد أن انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون هي ما تسبب التغيير المناخي، ويعتقد المسؤول عن الميزانية أن الإنفاق على أبحاث الاحتباس الحراري يعتبر إضاعة للموارد.
ولم يتبع ترامب التقليد المتعارف عليه لتعيين مستشار العلوم، وكذلك خفضت ميزانيته المقترحه للعلم الحكومي في جميع المجالات، مما يقلل من البحوث الحيوية ويضع عراقيل أمام جمع البيانات بشأن مواضيع هامة مثل أساليب الزراعة المستدامة، والتنبؤ بالطقس، ومصير نقل ملوثات الهواء وتكنولوجيا الطاقة النظيفة.

التجمع السبت المقبل

ولا تأتي هذه الهجمة على العلوم من إدارة ترامب فحسب، حيث أرسلت عدد من الجماعات الخاصة كتيبات مضللة عن الاحتباس الحراري، وتعهدوا بإرسالها لكل مدرس في المدارس والجامعات وذلك لإضعاف توافق الآراء حول التغيير المناخي.
وما يعد أكثر قلقا هو استخدام الكونغرس الأميركي لقانون المراجعة للقضاء على العديد من الضمانات العامة التي استغرقت سنوات لتطويرها، وتعمل على تمرير مشروعات قوانين والتي سوف تصعب على الوكالات الفيدرالية، إصدار ضمانات مستندة على العلم من أجل صحة وسلامة الشعب.
وكانت هذه الهجمات غير مقبولة من العديد من العلماء، وأدى ذلك الغضب للدعوة إلى التجمع السبت المقبل.
ولفترة طويلة اعتقد الجميع أن الأحداث تتحدث عن نفسها، فكان يمكن للعلماء أن يبقوا على الهامش لضمان عدم تسييس عملهم، ولكن يبدو أن الأحداث الأخيرة بدءا من انتخاب ترامب، أدت إلى تزايد أعداد الأشخاص الذين يتحدثون بناء على الحقائق، وما وحّد هذه التحركات هو مبدأ أن الوقائع والدلائل التي يمكن إثباتها يجب أن تشكل القرارات العامة، وهو ما يفصل بين النظام الديموقراطي والديكتاتوري.
ومن هنا، فإن هذه الهجمة على العلم ستكون وراء أكبر تجمع من العلماء وداعمي البيئة، وهو تجمع سيكون الأكبر حتى الآن.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This