تتميز “قناديل البحر” بجمال رائع وغامض في الآن عينه، تحملها التيارات البحرية إلى كافة المسطحات المائية في العالم، فهذه الكائنات العديدة الخلايا تعتبر من الأقدم بين الكائنات الموجودة في البحار، فهي موجودة منذ أكثر من 650 مليون سنة، ومع عدم وجود دليل على العيون والآذان والفم وخلوها من الرأس، الدماغ، القلب، العظم أو الأرجل والأيدي، والرئتين فهي تتنفس عبر جلدها الرقيق، فمن الصعب تصنيفها كحيوان حقيقي أو سمكة، كما يوحي اسمها (السمكة الهلامية) بالإنكليزية Jellyfish، فضلا عن ألوانها وأشكالها “السوريالية”، ما يجعلها تتميز في محيطها البحري بين كافة الكائنات الموجودة في البحار والمحيطات إلا أنها تثبت وجودها بقوة من خلال مجساتها التي تحتوي آلاف من الخلايا اللاسعة الصغيرة واسمها العلمي Cnidocyte تلسع كل ما يقترب منها أو بأجزاء منها، فتحقن الضحية بسموم متباينة في سميتها وضراوتها وقد تتسبب بآلام حادة وبالموت لبعض الأشخاص.

تتفاوت أحجام القناديل البحرية بين الملليمتر الواحد حتى المترين، وقد يصل وزن بعض أنواعها إلى أكثر من 200 كيلوغرام (440 باوند)، والأخير يسمى النامورا العملاق giant Nomura’s jellyfish واسمه العلمي Nemopilema nomurai ويتواجد هذا النوع في المسطحات المائية البحرية في اليابان والصين وكوريا، وقد تمتد مجسات بعضها لتصل إلى أكثر 36 مترا، مثل lion’s mane jellyfish واسمه العلمي Cyanea capillata ويعتبر أكبر هذه الكائنات حجما.

Rhizostoma pulmo

في لبنان والبحر الأبيض المتوسط

وفقا للباحث وأخصائي البيولوجيا البحرية Marine biology في الجامعة الأميركية في بيروت American University of Beirut – AUB البروفسور ميشال باريش Michel Bariche “يوجد في لبنان وحوض البحر المتوسط العديد من الأنواع المستوطنة والشائعة، وعددها 30 نوعا منها 20 نوعا شائعا أهمها Rhizostoma pulmo،Cotylorhiza tuberculata،Aurelia  ويبلغ عددها حوالي 15 نوعا، Carybdea marsupialis، Aequorea forskalea، Velella velella وGonionemus vertens، أما الأنواع النادرة المستوطنة، فيبلغ عددها 10 منها Chrysaora hysoscell

وأضاف باريش: “هذا العام شهدنا زيادة كبيرة في أعداد نوع غازٍ من هذه القناديل، ومعظمها من نوع Rhopilema nomadica واسمه الشائع (القنديل الرحال) the nomad jellyfish وقد بلغ عدد الكائنات الغازية شواطئ البحر الأبيض المتوسط أكثر من 12 نوعا، ومن هذه الأنواع الغازية الأخرى Phyllorhiza punctata وCassiopea andromeda”، ولفت إلى أن “القنديل الرحال من القناديل الغازية الشائعة، ويأتي من المياه الإستوائية الدافئة في المحيطين الهندي والهادئ، إلا أن أعداده أخذت تتزايد في البحر الأبيض المتوسط على شكل مجموعات (أسراب) swarms منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، وبدأ يغزو شواطئ لبنان، تركيا، اليونان، قبرص، وفلسطين المحتلة، وفي العام 2008 تم إعلان وجوده في تونس في أشهر الصيف والخريف، كما أنه بدأ يغزو غرب البحر المتوسط في السنوات الأخيرة، كما أعلن عن تواجد مجموعات متفرقة منه في جزيرة بانتيلاريا Pantelleria الإيطالية منذ العام 2015، وسردينيا Sardinia في العام 2016”.

وأضاف باريش: “وصل هذا النوع في أوقات مبكرة هذا العام، كما جاء في مقال سابق في موقعكم greenarea.info، فقد كان يقتصر وجوده على فصول الصيف أي الفترة الممتدة من حزيران (يونيو) إلى آب (أغسطس)، ولكن هذا العام بدأت مجموعات منه تصل في فصل الشتاء ومن المتوقع أن يمتد موسمها إلى وقت متأخر، ولا نعرف السبب، وإن كنا نرجح أن يكون تغير المناخ وزيادة حرارة مياه المحيطات، وممارسات الصيد الجائر والعمران والتلوث البحري قد ساهمت جميعها في هذا الأمر”، وأشار إلى أن “الإتحاد الأوروبي وضع (القنديل الرحال) the nomad jellyfish على لائحة أسوأ الكائنات البحرية الغازية في أوروبا، كون لسعاته سامة وتتفاوت حالات الإصابة بين الأفراد، فبعضها قد يتطلب دخول المستشفى، والسبب هو سموم هذه الكائنات وليس الحساسية على اللسعة، وقد يصل وزنه إلى 10 كيلوغرام وقطره يتراوح في المتوسط بين 40 و60 سنتمترا وإن كان يصل إلى 90 سنتمترا”.

Cotylorhiza tuberculata

في المياه العذبة أيضا

وتابع باريش: “لا يقتصر تواجد القناديل في المياه المالحة فحسب، بل إن بعض أنواعه تتواجد في المياه العذبة المعتدلة، وأهمها Craspedacusta sowerbii، وسجل وجوده في الصين (موطنه الأصلي)، وقد يكون انتقل منها إلى بلاد أخرى عبر الأسماك المنقولة والنباتات المائية مثل (ورد النيل) water hyacinth، اسمها العلمي Eichhornia crassipes إلى الولايات المتحدة الشرقية وأميركا الشمالية والجنوبية، وفي أوراسيا Eurasia، أستراليا، هاواي، كندا ومناطق متعددة في العالم، ولكنها غير موجودة في الشرق الأوسط ولبنان”.

وأكد باريش على أن “قناديل البحر ليست جميعها سامة للانسان، ولكن من الأفضل تجنبها، وغذاؤها العوالق Plankton،      فهي تشمل  القريدس الصغير وبيوضه والأسماك الصغيرة وبيوضها وحتى بعض الأسماك الكبيرة، كما تتغذى قناديل البحر على بعضها البعض، وتفترسها أسماك القرش Sharks، سمك أبو سيف Swordfish، التونا Tuna، وبعض أنواع سالمون البحر الهادئ Pacific Salmon، و السلاحف البحرية Sea turtles، وللأسف فإن التغيرات المناخية والصيد الجائر والتلوث  أدى إلى ازدياد في أعداد قناديل البحر”..

vellela vellela

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This