يحتفل العالم في 22 نيسان (أبريل) من كل عام بيوم الأرض العالمي، لتسليط الضوء والتذكير بأن الأرض ونظمها الإيكولوجية توفر لنا الحياة والاستمرارية، ولنشر التوعية حول التحديات البيئية التي يتعرض لها كوكب الأرض من التلوث والتصحر وتغير المناخ وغيرها من القضايا البيئية المعاصرة التي تهدد التنوع البيولوجي والتنمية المستدامة على الأرض.
في هذه المناسبة، تماماً كما في كل ذكرى بيئية، يعود الى الاذهان مبدأ “الوعي البيئي” ومدى انتشاره بين الناس، كي لا تكون “الذكرى” حبرا على ورق. وقد لحظنا في السنتين الاخيرتين، استعمال المصطلحات البيئية بشكل اكبر وتناول المواضيع المختصة بالطبيعة بسلاسة أكثر. ورغم ان تكدّس النفايات على طرقات البلد وأزقّته شكّلت معضلة انتشرت عالمياً، الا انها ربما كانت المحفّز الاكبر لفتح اعين اللبنانيين على واقع بيئي مزرٍ، نتائجه الصحية وخيمة، وحثّهم على العودة الى اساس حياتهم “الارض الام” والدفاع عنها وعنهم في الوقت عينه.
إن الاحتفاء بهذا اليوم بحسب الامم المتحدة هو اعتراف بالمسؤولية الجماعية، كما أشار إلى ذلك “إعلان ريو” في 1992، من خلال الدعوة إلى الوئام مع الطبيعة والأرض بما يسهم في تحقيق التوازن المنصف بين الحاجات البيئية والاجتماعية والاقتصادية لأجيال الحاضر والمستقبل.
شعار العام الماضي في هذه المناسبة حمل عنوان “الأشجار من أجل الأرض”، وكان الهدف الاساسي زراعة 7.8 مليار شجرة خلال الخمس السنوات المقبلة، اما مناسبة العام 2017 فهي أكثر شمولاً. فأملت الامم المتحدة ان يتيح اليوم الدولي لأمنا الأرض فرصة لإذكاء الوعي العام في كل أنحاء العالم بالتحديات الماثلة في ما يتصل برخاء الكوكب وأنماط العيش الذي يدعمها، وحددت شعار هذه السنة بـ “محو الأمية المُناخية والبيئية”، وهو الامر الذي بات يشكل أساس اي تغيير لصالح البيئة في مختلف اقطار العالم، لان غياب الثقافة والوعي البيئيين يساهم في تفاقم المشاكل.
في هذا الاطار، اشارت رئيسة “حزب الخضر اللبناني” ندى زعرور في حديث لـ greenarea.info الى أن الحزب يتشارك هذا العام مع حملة يوم الأرض مع العالم في محو الأمية البيئية والمناخية والتعليم، وشددت على ان “رسالتنا هذا العام هي لخلق مواطن يجيد مفاهيم تغير المناخ إدراكاً للتهديد غير المسبوق لكوكبنا”، وقالت: “نحن بحاجة إلى تمكين الجميع مع المعرفة والعمل في الدفاع عن حماية البيئة. إن محو الأمية البيئية والمناخية هي من اهدافنا، وهي المحرك ليس فقط لخلق الناخبين الخضر والنهوض بالقوانين والسياسات البيئية والمناخية، ولكن أيضا لتسريع التكنولوجيات الخضراء والوظائف الخضراء”.
يخدم الحزب هذا الهدف من خلال مركزه الثقافي البيئي الجديد “مركز المعلومات البيئية” في قرنة شهوان – المتن والذي يضم مركزاً للتدريب والتوعية وقسماً للمعلومات والتخصيط.
ولان هذا المركز هو مركز نموذجي في خدمة الانسان وبيئته، ونظراً لاهمية نشر الوعي البيئي، اشارت زعرور الى انه “سوف تنتشر في المستقبل مراكز مماثلة في أماكن انتشار الحزب على مساحة الوطن من اجل خدمة الطبيعة والبيئة والانسان قبل ان تصبح الجغرافيا من التاريخ”.
انفاذاً منه لشعار السنة “محو الامية المناخية والبيئية”، اطلق الحزب، بالاضافة الى مركز التوعية، نشاطات تخدم الهدف بإيجابية كبيرة، واهمها المراسل الأخضر، وهو تطبيق مجاني على الهواتف الذكية للإبلاغ عن أي جرم أو انتهاك للبيئة والطبيعة، والعمل على نقل الأخبار بطريقة علمية ودقيقة وشاملة بالتعاون مع موقع Greenarea.me green party of lebanon/ green reporter، فضلاً عن ندوات ودورات التدريب التي تشمل البيئة والديموقراطية وحقوق الانسان والقيادة.
بدوره، موقع greenarea.info عبر إدارته وخبرائه ومراسليه، يخدم قضايا البيئة وشعار هذه السنة “محو الامية المناخية والبيئية” بشكل مستمر ايماناً منه بأرض نظيفة وصحية.
في هذا الاطار، كانت كلمة لمستشار الموقع الدكتور ناجي قديح اعتبر فيها ان “ذكرى يوم الارض السنوية هي مناسبة لتذكير الناس والمسؤولين في كل دول العالم ان الكرة الارضية تحتاج الى عناية وسياسات تحفظها من التدهور الحاصل على عدة مستويات، ان كان على مستوى تلوث كل الاوساط البيئية، أو على مستوى الدمار اللاحق بالتنوع البيولوجي والتراجع المستمر في عدد الكائنات الحية النباتية والحيوانية”.
كل ما سبق، يؤشّر بحسب قديح الى “اختلال بتوازن المنظومات البيئية ما يساعد على اضطراب الشروط الملائمة للحياة على الكرة الارضية”.
وبالتالي، شدد على اننا في لبنان نحتاج عملياً الى ان يكون كل نهار ذكرى يوم “لاننا اكثر من اي بلد ثاني في المنطقة بحاجة ماسة الى سياسات شاملة في كل ملفات البيئة والمحافظة على الهواء، الذي وصلت مستويات التلوث فيه الى درجات خطيرة جدا، الامر الذي يترافق مع ارتفاع نسبة تعرض السكان لامراض مزمنة وخطيرة”.
لا يقتصر التلوث على الهواء فحسب، بل يطاول الثروة المائية، لذلك شدد قديح على ان “نسبة عالية جداً من ينابيعنا ومن مياهنا السطحية والجوفية اصبحت ملوثة بسبب غياب الادارات السليمة لملف الصرف الصحي من جهة، ولملف النفايات الصلبة المنزلية من جهة ثانية، فضلاً عن ملف النفايات الصناعية من جهة ثالثة وملف ادارة وترشيد استخدام الادوية الزراعية التي تحتوي على مواد كيميائية سامة بشكل عام”.
يبدو ان تذكير اللبنانيين بيوم الارض بات ضروريا اكثر من مرة في السنة، تماماً كما اشار قديح، لان السياسات البيئية المطلوبة شاملة، فبعد الهواء والمياه، انتقل للحديث عن شواطىء لبنان التي تتدهور تباعاً بدل حمايتها والحفاظ عليها واستثمارها ثقافياً وسياحياً بشكل تعود الفائدة به الى مختلف فئات الشعب اللبناني. ناهيك عن مياهها الملوّثة بدرجة عالية تجعلها غير صالحة حتى للاستجمام.
ثروة كبيرة يخسرها لبنان بسبب تلوّث البحار، فيقول: “عمليات الردم المستمرة واختيار مكبات النفايات على الشاطىء، تؤدي الى تخريب موائل الاسماك والسلاحف البحرية وتساهم في تهريبها، وكل ذلك نتيجة للسياسات الخاطئة المتعاقبة تجاه شواطىء لبنان:.
في خلاصة الموضوع، وجّه قديح نداءه لمناسبة يوم الارض الى المسؤولين قائلاً: “نطالب الحكومة اللبنانية اليوم وخصوصاً وزارة التربية والوزارات المعنية بوضع سياسات ملائمة للمحافظة على طبيعة وبيئة لبنان، وهي الثروة والرأسمال الحقيقي للشعب اللبناني بجيله الحالي والاجيال القادمة”.
لذكرى “يوم الارض” فلسفة بيئية عميقة يطرحها الصحافي البيئي المتخصص الدكتور حبيب معلوف في مختلف كتاباته، وفي كلمة بهذه المناسبة لموقع greenarea.info، شدد على ضرورة المقاربة الفلسفية بين المرأة والارض، اي بين الام البشرية وبين الطبيعة الام.
فيربط بين اكتشاف المنطق الذكوري وزيادة الإنتاج الصناعي وعواقب ذلك أخطاراً على الطبيعة، بلوغاً إلى التهديد الحقيقي للأرض والحياة البشرية. ويذكِّر بإبادة الشجر والغابات وغزو الباطون وانقراض بعض أنواع الحيوانات وتبدل المناخ.
هي افكار طرحها في كتابه “على الحافة” في العام 2001 عن الفلسفة البيئية، مشدداً على ان دخول الرجل على دورة العطاء امر أدى الى تغيّر مجرى الحياة، وبالتالي الى تغيّر الحالة البيئية، واساس هذه الفلسفة ان الارض الام او المرأة تعطي من ذاتها بينما الرجل يحتاج الى اختراعات وصناعات لاثبات عطائه وابداعاته. وبالتالي شدد على ضرورة العودة الى كنف المرأة المعطاء والخروج من منطق الذكورية كي تعود المياه الى مجاريها.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This