تحتضن دمشق دمشق 55 سوقاً تجارية ذات اختصاصات مختلفة، الا أن واحدةً منها فقط، ذات علاقة مباشرة بالطبيعة والانسان على حد سواء، انها “سوق البزورية”، والتي افتتح فيها الدمشقيون أوائل القرن الفائت أول صيدلية لهم، في دلالة على العلاقة المباشرة بين السوق ومهنة العطار والتي تطورت عبر الزمن الى علم الصيدلة.
عندما قال أبقراط (ابو الطب) قوله الشهير “ليكن غذاؤك دواؤك، وعالجوا كل مريض بنباتات أرضه فهي أجلب لشفائه”. كانت الادوية حينها، لا تزال تُصنع على أيدي عطارين أذكياء يعرفون فوائد كل عشبة ومضارها.
وعندما تكلم عنها كلّ من ابن سينا، البيروني، داود الانطاكي، ابن الجوزية والطبيب اليوناني ثيوكريتوس واطباء الفراعنة وغيرهم، كان حينها يطلق على طب العيون علم الكحالة في إشارة الى أن الأطباء والصيادلة كانوا يستخدمون الكحل بأنواعه، وكانت أدويتهم عبارة عن دهون ومسحات مستخرجة من الأعشاب الطبيعية، دون أن تخضع لأي تعديل كيميائي.
والكحل يباع اليوم، في سوق البزورية، مثله مثل البخور، الصمغ، الشمع، العسل، وآلاف الأنواع من التوابل مثل العصفر، الفلفل، الزنجبيل، جوزة الطيب، القرنفل، الكمون واليانسون، كما يباع في السوق الذي يصل طوله الى كيلومتر واكثر العطور المستخرجة من ورد الشام، ومئات الأنواع من البزورات (الصنوبر، اللوز، الجوز، الكاجو، الفستق الحلبي، الفستق السوداني والبندق)، والبقوليات الجافة (الفول، الحمص، البازلاء والعدس)، والقمح الأخضر (الفريكة) والجاف (الحنطة)، إضافة الى ذلك هناك الفواكه المجففة، الشوكلا، الملبس (لوز مغلف بالسكر)، القرفة، حب الهال، الشاي، الرز، السكر، ماء الزهر، ماء الورد، جوز الهند، دبس البندورة ودبس الرمان غيرها من منتجات الطبيعة الأم.
أكثر من خمسة آلاف نوع من المواد الطبيعية تباع في السوق الذي يسمى اليوم “سوق البزورية”، وقبلاً كان اسمه “سوق الدهيناتية”، حيث كانت تصنع فيه سائر الدهون والمراهم الطبيعة مثل دهن اللوز، أما اسمه الأول فكان “سوق القمح” لان فلاحي الغوطتين كانوا يلتقون فيه لبيع محصولهم من القمح.
وتورد الطبيعة الام على امتداد الأراضي السورية، الأعشاب العطرية المفيدة لعلاج الكثير من الأمراض، مثل: الحنظل، ست الحسن، الروزميري، جزر الرباص، الكمون، العصفر، البابونج، الخيتمية، المريمية، الزعتر البري والزهورات المختلفة، ناب الجمل، لسان الحمل وغيرها.
في هذا الخصوص قال ابن السوق والعطار خالد حورية لـ   green area.me  : “يورّد إلينا الريفيون من الساحل السوري أنواعاً عدة من الأعشاب العطرية والطبية، مثل: الكمون، النعنع، الخبيزة، الزعتر البري بنوعيه عريض الورق “الزوبع”، إكليل الجبل، الطيون، السماق، الخيتمية، الغار النبيل، الزوفا، الآس، القراص، البابونج وغيرها. فيما يحضر القادمون من البادية السورية نباتات، أغلبها ذو طعمٍ مُر، إلا أنها مفيدة جداً ومجربة نذكر منها: القيصوم (العطري، المنجلي، والمقدس) الشيح ، القرطم، شوك الجمال، الدانة، الجرجير البري، الحنظل، قثاء الحمار، السلماس، شقائق النعمان، المريمية الشوكية، البنج الصحراوي، الشنان، بالاضافة الى الزنجبيل، الزلوع، القبار وغيرها”.
وقال ابن سوق البزورية عبد الباقي دركل لـ green area.me : “نحن لسنا مجرد باعة، فقسم كبير منا قد أتقن العطارة كما أتقنها أجدادنا، فهم شبه أطباء، فيما ذهب آخرون الى مدارس مختصة بالعلاج الطبيعي في الصين والهند، وعادوا الى السوق ليصفوا وصفات سحرية لأمراض أحياناً تستعصي على الطب الحديث، وبالرغم من كل ذلك نحن لا نبيع فقط الأعشاب الطبية والعطرية وإنما نبيع الشوكولا وكل ما له علاقة بالسكر إبتداء بالمربيات الطبيعية وصولاً الى “القباقيب، القضامة ع سكر، الملبس، وشطو مطو، وأنواعاً كثيرة من الراحة والنوغا المحشوة بالفستق الحلبي، مروراً بالعسل الطبيعي وشهد العسل وغذاء الملكة”.
إضافة إلى المراهم والدهون المنتجة من مواد طبيعية، كذلك نبيع الصابون الطبيعي المصنوع من زيت الزيتون والغار، أضف اليها كل ما يتعلق بالأفراح من علب الأفراح والشموع، والبخور، الحناء، الكحل وغيرها.
السوق الذي تمده جبال سوريا وباديتها، بأكثر من ثلاثة آلاف نوع من الأعشاب والبذور والأتربة وغيرها، تستحق لقب “خزانة الحياة السليمة”، فتحية للعاملين في سوق البزورية “أصدقاء الطبيعة”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This