انطلقت اليوم الاثنين 8 أيار (مايو) الجاري أعمال “مؤتمر بون لتغير المناخ” Bonn Climate Change Conference، وتستمر لغاية الثامن عشر منه، بمشاركة ممثلين عن 196 دولة، وستناقش خلاله السبل الآيلة لتحقيق ما اتفق عليه في المؤتمرات السابقة، وبشكل خاص “اتفاق باريس”، ويتكون المؤتمر من الهيئة الفرعية للتنفيذ والدورة السادسة والأربعين للهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتكنولوجية، فضلا عن الجزء الثالث من الدورة الأولى للفريق العامل المخصص المعني بـ “اتفاق باريس”.
ويأتي انعقاد المؤتمر بدورته السادسة والأربعين في مدينة بون الألمانية، في ظروف شديدة الحساسية وكثيرة التعقيد، خصوصا لجهة الإشارات المتناقضة والغامضة أحيانا من قبل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، دون إسقاط ما بادر إليه ترامب نفسه لجهة التخلي عن الأنظمة التي كان قد أرساها سلفه باراك أوباما حول المناخ، ما يرجح – على الأقل في المدى القريب – إعلان ترامب خروج الولايات المتحدة من “اتفاق باريس، وإن بدأت تتردد بعض الأصوات ترى أن ثمة محاولات جدية لإقناع ترامب بالعودة عن قراره حيال هذا الاتفاق.
كما ويشكل المؤتمر منصة لعرض المواقف، ومحطة أساسية لمعرفة ما إذا كانت قضية المناخ ما تزال تمثل أولوية بالنسبة للدول الكبرى، ولا سيما منها الدول الأعضاء في “مجموعة العشرين” والتي تساهم بنحو 75 بالمئة بانبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في العالم.
جدول أعمال مطول
ومن المتوقع أن يستكمل في المؤتمر الجزء الثالث من الدورة الأولى للفريق العامل المخصص المعني بـ “اتفاق باريس” عمله بشأن عناصر برنامج عمل اتفاق باريس، وذلك في إطار المهام الموكلة إليه، التي من المقرر الانتهاء منه بحلول عام 2018، بحسب “نشرة مفاوضات الأرض” الصادرة يوم الاثنين بالتزامن مع انطلاق أعمال المؤتمر.
وتشمل هذه العناصر:
1-المساهمات المحددة وطنيا.
2-بلاغات التكيف.
3-إطار الشفافية للعمل والدعم.
4-التقييم العالمي.
5-آلية تسهيل التنفيذ وتعزيز الامتثال.
وسيبدأ الفريق أيضا في النظر في المسائل المتعلقة بصندوق التكيف بالإضافة إلى عدة أمور أخرى.
وثمة جدول أعمال مطول في المؤتمر يتضمن: تقديم التقارير ومتابعة المسائل المتصلة بآلية التنمية النظيفة وأقل البلدان نموا، وخطط التكيف الوطنية والاستعراض الثالث لصندوق التكيف وبناء القدرات وتدابير الاستجابة.
وفي سياق برنامج عمل اتفاق باريس، ستناقش الهيئة الفرعية للتنفيذ طرق وإجراءات تشغيل واستخدام السجلات العامة في ما يتعلق بالمساهمات المحددة وطنيا والبلاغات المتعلقة بالتكييف، ونطاق وطرق التقييم الدوري لآلية التكنولوجيا.
دليل لقواعد “اتفاق باريس”
ومن المتوقع أن تنظر الدورة السادسة والأربعون للهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتكنولوجية في أمور عدة، تتضمن: برنامج عمل نيروبي والزراعة، العلم والمراجعة وتدابير الاستجابة والمسائل المنهجية بموجب الاتفاقية وبروتوكول كيوتو. وفي ما يتعلق باتفاق باريس، ستنظر الهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتكنولوجية في قضايا عدة، منها: إطار التكنولوجيا والمسائل ذات الصلة بالمادة 6 (النهج التعاونية)، وطرق محاسبة الموارد المالية المقدمة وتعبئتها من خلال التدخلات العامة.
وثمة العديد من الأسئلة مفترض أن يجيب عنها المجتمعون في بون، خصوصا في ما يتعلق بالمعلومات التي ستُلزم الدول بنشرها بشأن سياستها المناخية، ومن ثم ما هي المشاريع التي تدخل في إطار احتساب التمويلات المناخية، وما الشكل الذي ينبغي أن تتخذه الحصيلة العالمية لتحركات الدول والتي ينبغي أن تصدر في العام 2023.
وبحسب وكالات أنباء عالمية، فقد حددت الدول لنفسها مهلة حتى مؤتمر الأطراف الرابع والعشرين في بولندا العام 2018 لصياغة دليل لقواعد “اتفاق باريس”.
خلط أوراق
وحتى حلول ذلك التاريخ على الدول أن تقرر كيفية إعداد حصيلة تمهيدية في العام 2018 على أساس تطوعي.
وثمة أمر آخر متصل بمواقف الرئيس الأميركي ليس لجهة إعلان عزمه دعم استغلال مصادر الطاقة الأحفورية فحسب، وإنما لجهة وقف مساهمة الولايات المتحدة في الصندوق الاخضر، وفي تمويل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي التي تشرف على المفاوضات، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
لا شك أن المؤتمر ستسوده أجواء من الإرباك، ولم يتمكن المشاركون من بلورة آليات واضحة لدعم تنفيذ “اتفاق باريس”، وحيال ما هو قائم، سنشهد خلط أوراق “مناخيا”، ما يعني أن الطريق لن يكون معبدا للعبور إلى ما تم التوافق عليه في باريس، أي حصر الاحترار المناخي العالمي بدرجتين مئويتين فقط، مقارنة بما كانت عليه الحرارة قبل الحقبة الصناعية.
وعلى الرغم من نيته الخروج من “اتفاق باريس”، سيكون ترامب طيلة عشرة أيام الغائب الحاضر في المؤتمر.