رغم الرسالة الواضحة والصريحة التي توجه بها الرئيس العماد ميشال عون إلى اللبنانيين لجهة وقف التعدي على الطيور، ما تزال الممارسات الجائرة تطاولها، فالصيد ما زال مستمرا، ولم ينتظر الصيادون قدوم شهر أيلول (سبتمبر) حيث أعلن وزير البيئة في وقت سابق عن فتح الموسم بدءاً من هذا التاريخ، ولا توقفت عمليات الصيد الممنوعة أساسا في الموسم أو خارجه.

وما وثقه greenarea.info اليوم و”جمعية Green Area الدولية” هو استهداف أنواع معينة من الطيور بدأ تكاثرها في هذه الفترة والاتجار بها، ومن أنواع: الشحرور، البلبل، الحسون، الهدهد وغيرها، إذ يمسكون بالطيور البالغة ويبيعونها، ليتوجهوا بعدها إلى الأعشاش للمتاجرة بفراخها أيضا!

وكنا اليوم بصدد الحصول على فراخ وجدت دون والديها في أحد الأعشاش في بلدة بخشتيه (قضاء عاليه)، لكن أبلغنا أنها نفقت جميعها، وكان هدفنا رعايتها بهدف إيصال رسالة إلى المواطنين لجهة رفض الممارسات الجائرة على البيئة.

 

أبو مجاهد: “بلكي الصورة بتوعي الضمير”

 

وفي هذا المجال، تواصلت معنا خبيرة الترجمة القانونية زينة شيا أبو مجاهد، وأرسلت فيديو خصت به greenarea.info يظهر فراخ طيور، بدت وهي تصدر أصواتا وتفتح أفواهها وكأنها تستجدي من يطعمها بعد قتل والديها، وقد نفقت جميعها جوعا.

وقالت أبو مجاهد: “أنا أم لثلاثة أطفال، وأعلم معاناة الأم إن لحق بأطفالها أي ضرر، فكيف إن حرمت أم من صغارها، ونحن لا نعرف كيفية العناية بهذه الطيور، لذا لم أجد حلا بعد أن نفق إثنان منها سوى التوجه إليكم، لعل لديكم طريقة لإنقاذ الفراخ الأخرى”، وأضافت: “للأسف فقد نفقت الصغار جميعها”.

وعلقت أبو مجاهد على الفيديو الذي أرسلته لـ greenarea.info “لمن تختار أن تمارس هواية الصيد بهالوقت، شوف شو ممكن تكون نتيجة هوايتك الراقية! هول فراخ بلا ام 2 منن ماتوا والباقين لاحقينهن لانو ما بياكلوا الا من تم امهم! بلكي الصورة بتوعي الضمير!”.

 

سعد: تصرفات مخالفة للقوانين

 

وتواصلنا مع الخبير في مجال الطيور روجيه سعد، فقال لـ greenarea.info: “في مثل هذه الحالات ثمة علف خاص بصغار الطيور، يمكن شراؤه من محلات بيع الطيور، وفي حال تعذر ذلك فمن الممكن سلق بيض وأخذ الصفار وهرسه وتحويله إلى معجون باستعمال القليل من الماء، وحالما يوضع المعجون قرب مناقير الصغار تأكله”، وأضاف: “من الضروري إطعامها كل ساعتين، وكونها نفقت، فلا بد أنها بقيت يوما على الأقل دون طعام”.

وأشار سعد إلى أن “هذا الأمر يحدث كثيرا في هذه الفترة، ويستهدفون خلالها البلابل والحساسين، خصوصا وأنه موسم تفقيسها، بعض الأشخاص يراقبون الطيور ليستدلوا إلى أعشاشها، وبعد ذلك يبادرون إلى نصب الشباك، ووضع الدبق لاصطياد الوالدين، ويتخلصون منها، ثم يأخذون الأعشاش بالفراخ المتبقية خصوصا من هذين النوعين، ويربونها كحيوانات أليفة، لتعويدها على البقاء في البيوت مع الناس”.

وأهاب سعد “بالمواطنين الإمتناع عن هذا التصرف الجائر بحق الطبيعة”، وقال: “في كافة المناطق، خصوصا في هذه الفترة، يتعرض الحسون، والبلبل، والهدهد، والشحرور لإبادة ممنهجة من قبل مخربي الطبيعة والقواصين، باستخدام وسائل خسيسة بوضع الدبق والشباك وماكنات الصوت قرب الأعشاش لجذب الطيور في هذه الفترة من الربيع، وهي فترة التفريخ والتكاثر والتزاوج، حيث تضع الأنثى البيوض وتفقس، وبعد صيد الأب أو الأم أو كليهما، (يقتلونها في معظم الأحيان)، وقد تموت الفراخ بعد ذلك، وهذا الفيديو مثال صارخ على هذا الأمر، وأعتقد أن هذه الطيور كانت من نوع الخضيرة أو الثليجة وليست بلابل، وكل ذلك بسبب الصيد العشوائي الجائر”.

وأضاف: “على الرغم من تحذير معالي وزير البيئة وتشديده في بيانه بعد المؤتمر الصحافي على منع استعمال هذه الأساليب في الصيد طوال أيام السنة وليس الموسم فحسب، وذلك وفقا للقانون رقم 580 وبالتحديد المادة التاسعة والعاشرة منه، وفيه يمنع نزع الأعشاش واستعمال الدبق وماكنات الصوت، وكل أنواع الصيد في هذه الفترة، يستمر البعض باستخدامها دون رحمة، لذا نتمنى على الجهات الأمنية القيام بواجبها في هذا المجال، خصوصا أن هناك خطرا بإبادة للطيور إذا بقينا على هذا المنوال، فهذا ليس صيدا، هو قتل وإجرام”.

جمعة: تخريب للنظام البيئي وحياتنا جميعا

 

وفي هذا المجال أيضا، تواصلنا مع الناشط البيئي وصاحب مأوى للكلاب الضالة حسين حمزة في القاسمية قرب مدينة صور، وكان قد أبلغنا بأنه اشترى فراخ طيور من أطفال، أخذوها من عش، وتبين فيما بعد أنها عائدة لطير الشحرور، ومن خمسة فراخ لم يتبقّ سوى فرخين، وقال حمزة: “اشتريت فراخ من أطفال يبيعونها، واعتنيت بها بإطعامها كل ساعتين وفقا لنصيحة من الخبير في هذا المجال روجيه سعد، وهي من فئة الشحرور ولم يبق سوى إثنين، ومعظم هؤلاء أشخاص عاطلين عن العمل، وهذه هي تجارتهم ومصلحتهم الخاصة، يقضون نهارهم وهم يشربون النارغيلة، ويستخدمون الأطفال للإغارة على هذه الأعشاش ويبيعون الصغار”.

وأضاف حمزة: “حلل الله هذه الطيور البرية خلال فترات الفاقة والعوز وكمخزون خلال الحروب والمجاعات، فماذا سيجد الناس لتأكله في حال إبادتها بهذه الصورة، هل نأكل بعضنا البعض، فلا فقر لدى الناس ولا عوز للقيام بهذا الأمر المخالف لكل الشرائع والأخلاق، بل هو فقر في الضمير والإنسانية، وقلة توعية، خصوصا في استخدام الأطفال، وتعويدهم منذ الصغر على هذا التصرف اللاإنساني والمفتقد للرحمة”.

وقال: “سخر الله كل شيء للإنسان بنظام معين، فهذا الفعل ليس تخريبا للنظام البيئي فحسب، بل تخريبا لحياتنا جميعا، وقد وهبت حياتي ومالي للمحافظة على الكائنات الحية وإنقاذها، وأواجه كافة الصعوبات في هذا المجال ولن أتوقف، وعلى الأقل أرجو جميع من يقوم بهذا الفعل الإمتناع عن صيد هذه الطيور في فترة تكاثرها”.

وكما نشاهد، فإن الصيد الجائر أصبح يطاول فراخ هذه الطيور في أعشاشها وقبل بلوغها، ما يعرض الحياة البرية والأنظمة البيئية التي تعتمد على هذه الطيور، إلى استفحال الأمراض والحشرات الضارة والسامة والآفات، وانتشار القوارض بسبب صيد الطيور الجارحة والتي لا تؤكل، وهذا ما نلاحظه من انتشار دودة الصندل والآفات الحشرية التي تصيب المزروعات، وبالمقابل هناك أمثلة مضيئة وسط هذه الظلمة، تحاول إيصال رسائل توعية للناس خصوصا الجيل الجديد، عسى أن يرتدع من تسول له نفسه ممارسة مثل هذه الأفعال الجائرة، وأن يتواصل من يشاهد هذه الممارسات بنا أو بالناشطين البيئيين في هذا المجال لنحاول جميعا أن نوقف المجازر المستمرة.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This