يستأثر قطاع النقل على الصعيد العالمي بحوالي 30 بالمئة من إجمالي الاستهلاك التجاري للطاقة، حيث يستهلك النقل البري وحده 82 بالمئة، وبينما بلغ العدد التقريبي للسيارات في انحاء العالم عام 2010 المليار سيارة وشاحنة، أشارت دراسة لمركز خدمات دراسات السيارات “بولك” الالماني إلى ارتفاع نسبة الاستهلاك حوالي 20 بالمئة العام 2015، حيث وصل عدد السيارات الى حدود الـ 1,124 مليار سيارة.
في ظل هذا الواقع، فإن الاضرار الناتجة عن وسائل النقل البرية من تلوّث في الجوّ ونشر للامراض، باتت تشكّل معضلة أساسية يعمل العالم على حلّها.
وفي اختبار بسيط للغازات المنبعثة من العادم، اشار موقع cartech الى ان السيارات التي ليست بحالة جيدة تخرج ملوّثات يمكن أن تزيد عن 10 مرات من تلك التي تخرجها السيارات بحالة جيدة.
أما الإنبعاثات الأساسية من أنبوب العادم (نواتج الاحتراق) فقد عددها على الشكل التالي: غاز النيتروجن (N2)، غاز ثاني أوكسيد الكربون (CO2) وبخار الماء (H2O).
وشدد على ان هذه الانبعاثات في الغالب ليست ضارة، ولكن غاز ثاني أوكسيد الكربون يعتبر من الغازات التي تساهم في عملية رفع درجة حرارة الجو، ويفاقم من ظاهرة الإحتباس الحراري.
جهود كثيرة تبذل في سبيل التخفيف من نسبة تلك الغازات والتحوّل نحو خطة نقل مستدام، وفي هذا السياق، أظهرت دراسة أعدها مركز أبحاث الاقتصاد والاعمال المستقل في لندن، ان مدن أوسلو ولندن وأمستردام تتصدر قائمة تضم أكبر مدن العالم في جهود التخلص من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، والناتجة عن وسائل المواصلات، في حين احتلت القاهرة المرتبة الأخيرة.
التقرير الذي تناول السياسات الحالية والخطط المستقبلية للترويج لمختلف وسائل المواصلات البيئية من السيارات الكهربائية الى الدراجات الهوائية، أعطى مثالاً ملموساً في اعتماد عاصمة النروج أوسلو على شبكات المترو والقطار والحافلات العاملة بالطاقة الكهرومائية، وكسرها الرقم القياسي للتحوّل الى استهلاك السيارات الكهربائية في العالم.
ائحة من 35 بلداً تطرّقت اليها الدراسة، احتلت فيها مدن اوروبية المراكز الثمانية الاولى في بذل جهود حثيثة لتحسين نوعية الهواء فيها.
احتلت سان فرانسيسكو المرتبة 14 على اللائحة في صدارة مدن الولايات المتحدة، حيث الاعتماد على السيارات الخاصة في التنقل قد خفت نسبته بفضل المواصلات العامة المتاحة أمام المدن، ووضع أهداف طموحة لتخفيض انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجات الحرارة.
ومن البلدان العربية، جاءت القاهرة في اسفل القائمة بعد نيروبي ومومباي وإسطنبول، الامر الذي يعكس، بحسب معدي الدراسة، النمو السكاني المتزايد والتركيز على خطط مكافحة الفقر التي تعني في الغالب حرق مزيد من الوقود.
وبينما تعمل الدول النامية على محاربة الفقر من جهة، ومدعّمة بناها التحتية ضد الانهيار من جهة أخرى، تسعى لندن إلى تخفيض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بنسبة 60 بالمئة بحلول عام 2025 مقارنة بمستوياتها عام 1990، كما تروّج للتحول إلى استخدام السيارات الكهربائية والدراجات الهوائية، وأشار التقرير إلى أن أمستردام التي تحتل المرتبة الثالثة بذلت جهودا أكثر من أي مدينة أخرى للترويج لركوب الدراجات وتخفيض الانبعاثات.
لندن التي سجّلت المرتبة الثانية، اعتبر التقرير مواطنيها من الاكثر كفاءة في استهلاك الطاقة على مستوى سكان العالم، لان غالبيتهم يعتمدون على المواصلات العامة في حياتهم اليومية عوض التنقّل في سياراتهم الخاصة. اما النروج التي تصدرت عاصمتها اللائحة، لم تتوقّف عند هذا الحد من محاربة التغير المناخي، بل يخطط مجلس بلدية اوسلو للحد من حركة السيارات على نحو كبير بحيث تقتصر على وسط المدينة.
لا عتب على الدول النامية او الدول العربية في عدم تسجيلها لاي ترتيب ايجابي في محاربة التغير المناخي، ومحاولة التخفيف من انبعاثات وسائل النقل المسببة للاحترار المناخي. فالامر لا يشكّل حلاً فردياً بل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بسياسات الدولة المختصة بالنقل اولاً، وباعتمادها ثانية على سياسة النقل المستدام.
ورغم بعض المبادرات الفردية التي تسجّل في بعض البلدان، كتشجيع استعمال الدراجات الهوائية، او استعمال النقل المشترك غير المنظم في معظم الاوقات، الا انها تبقى محاولات فردية لا يمكن ان تتطوّر او تعمّم في كافة اراضي الوطن!