أثار موقف وزارة الزراعة “تجميد قرار المنع النهائي في العمل بالجاروفة”، ردود فعل متفاوتة بين قلة مرحبة وأكثرية رافضة، علما أن الصيد بالجاروفة يقضي على ما بات يعرف بالصيد المستدام، إذ يؤثر على نحو كبير على الثروة السمكية، ويهدد على المدى البعيد الصيادين دون استثناء، بدليل أن الجاروفة ممنوع استخدامها عالميا باستثناء صيد السردين.
وجاء قرار الوزارة بعد زيارة وفد من رؤساء تعاونيات وصيادي الأسماك وزير الزراعة غازي زعيتر تقدمهم الوزير والنائب السابق طلال المرعبي, رئيس تعاونية صيادي الاسماك في مرفأ ببنين – العبدة عبد الرزاق حافظة, رئيس تعاونية صيادي الجناح إدريس عتريس وفاعليات، وفي الإجتماع الذي حضره أيضاً مدير الثروة السمكية في لبنان الدكتور داهش مقداد تم التوصل إلى “تجميد قرار المنع النهائي في العمل بالجاروفة إلى حين تأمين التعويضات المالية، على أن يعاود صيادو الجاروفة العمل بعد إنتهاء مفاعيل القانون القديم العائد لعام 1929 القاضي بتوقيف الجاروفة من 15 أيار (مايو) ولغاية 15 أيلول (سبتمبر) من كل عام والذي يلتزم به الصيادون”.
وتقدم مختار ببنين محمد عصام البستاني بالشكر “للشيخ مؤمن الرفاعي والشيخ منذر الزعبي والشكر موصول لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى على جهوده في الاتصالات والضغط من أجل حلحلة هذا الموضوع”، وأكد البستاني أن “الغاية من كل التحركات هي تحرير لقمة عيش المواطن وازاحة الفقر عن كاهله والبطالة التي فتكت به في هذه الايام”.
من سيء إلى أسوأ
وبحسب مصدر متابع في وزارة الزراعة أشار لـ greenarea.info إلى أن “معظم اساليب الصيد المتبعة من تحويق ومبطن وديناميت، جميعها غير قانونية (غلط بغلط)”، لافتا إلى أن “قرار المنع جاء قبل 7 سنوات بمقابل ان يعوض على أصحاب مراكب الجاروفة، ولكن لم يوافق مجلس الوزراء عليها فاضطررنا للسماح لهم، كي ما نظلم فئة معينة من الصيادين، خصوصا وأنهم لم يوقفوا طوال هذه الفترة الصيد بالجاروفة رغم المنع، ولم يتغير شيء والبحر من سيء إلى أسوأ”.
ورأى المصدر عينه أن “الحل لينتظم الصيد يتطلب اقرار الميزانية المطلوبة للصيادين بـ 2 مليون دولار، لتبديل شباك كل الصيادين وسحب الشباك المخالفة من بين ايديهم”، وقال: “كنا قد احصينا عدد الجواريف في لبنان وكانت في حدود الـ 50 جاروفة، وكنا ننوي التعويض عليهم بـ 2500 دولار للجاروفة، ولكننا عاجزون ومجلس الوزراء لم يوافق”.
وزير الزراعة
وللاطلاع على حيثيات قرار “تجميد قرار المنع النهائي في العمل بالجاروفة”، اتصل greenarea.info بوزير الزراعة غازي زعيتر، ونقل إليه مناشدات الصيادين المعارضين للجاروفة وشرحا عن اضرارها، فقال: “مشكلتنا في هذا البلد أن كل واحد لا يرى إلا نفسه وينسى الناس الآخرين، وتصبح مصلحته قبل مصلحة غيره، وجميعهم صيادون، وبالنسبة لي معلومات عن الجاروفة محدودة، لكن القصة قصة أرزاق ولا نريد أن يقطعوا بأرزاق بعضهم البعض، و(الله بيبعت رزقة كل واحد لعندو… وشي بيدوخ بين الجرافين والصيادين)”.
وعاودنا التأكيد بأن “من ناشدنا توقع انكم لستم على اطلاع كاف بأضرار الجاروفة”، فقال زعيتر “سأعود للمختصين في الوزارة للوقوف على الموضوع، مع العلم اننا قمنا بتكليفهم العمل على إيجاد الحل الافضل للجميع”.
وعن سؤالنا: هل تجميد قرار المنع هو للضغط على مجلس الوزراء لإقرار المبالغ المطلوبة للتعويضات، قال: “ليست وسيلة ضغط، ولكن الطلب مقدم من ايام الوزير حسين الحاج حسن ولم يعوض عليهم، وهناك قطع ارزاق بالموضوع من الـ 2013 اقرت التعويضات لهم ولم يحصلوا عليها”.
نقابة الصيادين
واعتبر نقيب صيادي بيروت وضواحيها جان شواح في حديثه لـ greenare.me أن “الجاروفة تقنية مضرة جدا على الثروة السمكية، وبالتالي تلحق ضررا بالصيادين العاديين، بمعنى ان وجود جاروفتين في منطقة معينة تفيد اصحابها وتضر بمئات من الصيادين، خصوصا مع عدم الالتزام بالقانون”.
وقال شواح: “عندما كان مسموحا الصيد بالجاروفة كان ذلك وفق أوقات محددة من الفجر الى الغروب، ولكن كانوا يستعملونها ليلا نهارا، وبواسطة شباك ضيقة ومخالفة مما يزيد ضررها، ولا اظن ان القرار الذي اتخذه الوزير بتجميد وقف العمل بها قرارا مدروسا، والقرار الحكيم هو بإعطاء اصحابها تعويضاتهم ومنعها نهائيا”.
واشار شواح إلى أن “بإمكان صيادي الجاروفة ان ينتقلوا الى الصيد العادي، ويقسم لهم رزق الصياد العادي، الا ان الجاروفة مدخولها اكبر، نحن ضد هذه التقنية ولكننا مع التعويض عليهم كمطلب منطقي وانساني، وهذا لا يعطي حقا للوزير بتجميد القرار لان تبعاته تضر بالثروة السمكية والبيئة البحرية”.
تعاونية جل البحر
وقال رئيس تعاونية جل البحر حمزة سليت لـ greenare.me: “كأنه لا يكفينا ويكفي البحر ما يعانيه من مشكلة النفايات، ليأتي تعليق المنع بمثابة إعدام لهذا البحر، فالجاروفة تقضي على الثروة السمكية، وهي خطرة على معظم الاحياء البحرية، بالاضافة الى انه على طول الشاطئ يوجد 15 الف صياد سوف يتضررون من هذا القرار ليستفيد من هم اقل من مئة”.
واشار الى ان “السمك من بداية أيلول (سبتمبر) تضع بيوضها، ومع اول الربيع عندما تصبح السمكة بزرة صغيرة يبدأون بالجرف، فالتوقيت ايضا خاطئ، وكيف الحال ان كان الجرف مستمرا طوال العام وهذا ما يزيد من حجم المشاكل بين الصيادين”.
وأشار سليت إلى أنه “من واجب الوزارة حماية الثروة السمكية لا التشريع لإبادتها”، وختم ان “مشكلة الصيادين تكمن في تفكك التعاونيات وانحيازها لانتماءات سياسية واعتبارات مناطقية”.
قرار مجحف
وأشار مؤسس “صفحة الصيد البحري المستدام في لبنان” حليم محبوب النقور قال لـ greenarea.info: “ما يهمنا هو العمل ليستعيد البحر عافيته”، ورأى أن “هذا القرار مجحف بحق البحر اولا وباقي الصيادين ثانيا”.
وأضاف النقور: “لذلك نحن بصدد اتخاذ خطوات عملية للتحرك نحو اطلاق عريضة لتقديمها لوزارة الزراعة او الجهة المختصة، لوقف القرار”، وتمنى “على الوزير دراسة الموضوع من كل جوانبه واعادة النظر بتجميد قرار المنع”.