تشير أحدث الدراسات إلى أن الإستهلاك العالمي للبلاستيك سيتخطى عتبة 540 مليون طناً بحلول العام 2020، فيما أكدت بعض التقارير إنتاج 600 مليار كيس من البلاستيك على مستوى العالم سنوياً. وتعتبر النفايات البلاستيكية من أكثر أنواع النفايات تواجداً في البحار والمحيطات، وبالتالي الأكثر ضرراً على البيئة إجمالاً والثروة البحرية خصوصاً.

اليوم، وفي ظل تسجيل خسائر كبيرة في التنوّع البيولوجي لمختلف بلدان العالم، يحاول العلماء التخفيف أولاً من نسبة إستهلاك مادة البلاستيك، وفي الجزء الثاني من عملهم، يصرّون على إيجاد وسائل ممكنة للتخلّص من النفايات البلاستيكية، والتجارب عديدة في هذا المجال.

فقد تم اجتراح حلول عديدة في هذا المجال، وفي العام 2011، عرضت شركة Blest اليابانية آلية لتحويل البلاستيك إلى نفط، مشدّدة على أنه إذا كان لا بد من حرق البلاستيك، فستتولد سموم وكمية كبيرة من غاز ثاني أوكسيد الكربون CO2، لكن في حال تم تحويله إلى نفط، فيتم توفير نسبة غاز الـ CO2 المنبعث .

مؤخراً، اكتشف الباحثون اليابانيون نوعاً من البكتيريا يتغذى على البلاستيك عن طريق “أنزيمين”  تفرزهما هذه البكتيريا فتحوّلان البلاستيك الى ثاني أوكسيد الكربون وماء.

في العام 2015، أظهرت نتائج دراسة نشرت في دورية “Environmental Science and Technology”  أهمية الديدان في معالجة النفايات البلاستيكية عن طريق تقديمها كوجبة غداء لنوع صغير منها يعرف بـ ” mealworm”.  وأشار الفريق البحثي من “جامعة ستانفورد” القائم على الدراسة حينذاك إلى أن الديدان هي أحد أنواع الخنافس التي تعرف بـ ” darkling beetle”، واستطاع الباحثون تأكيد أن جوف تلك الديدان يحوي بكتيريا دقيقة لها القدرة على تحليل مواد بلاستيكية، لقدرتها على هضم “البوليستيرين”.

اعتبرت تلك الدراسة الاولى في تقديمها بيانات تفصيلية لتحليل البكتيريا لمواد بلاستيكية، إلا أن الأبحاث استمرت لتدور في المجال نفسه، فتوصّل، في الأشهر الماضية، باحثون بريطانيون إلى أن يرقات دودة الشمع التي تعرف علمياً باسم “galleria mellonella“، يمكن أن تكون حلاً لمعالجة التلوث البلاستيك.

الباحثة في المركز الإسباني للأبحاث الوطنية (سي أس آي سي) فيديريكا بيرتوكيني، أوضحت في الدراسة التي نشرت في موقع phys.org   أن “المخلفات البلاستيكية تمثل مشكلة بيئية عالمية، خصوصاً في ما يتعلق بمادة البولي إثيلين المقاومة والتي من الصعب أن تتحلل تحللا طبيعيا“.

وأشارت إلى أنه سنوياً يتم إنتاج حوالي 80 مليون طن من البولي إثيلين في العالم، وبالتالي، فإن هذه الدودة التي تُربّى على نطاق واسع لبيعها كطعم للصيد، هي من الطفيليات التي تجتاح قفران النحل في أوروبا.  في التفاصيل، لاحظت بيرتوكيني، التي تربّي النحل، أن الأكياس البلاستيكية التي تضع فيها شمع العسل المستخرج من خلايا غزتها هذه الطفيليات سرعان ما كانت تظهر فيها الثقوب.

وأظهرت تجارب أخرى مع كيس من متجر في بريطانيا وضع فيه حوالي مئة دودة من هذا النوع، أنه في وسع هذه الطفيليات إتلاف البلاستيك في أقل من ساعة، على ان تبدأ الثقوب بالظهور بعد حوالي 40 دقيقة على أبعد حدود، ليصار بعد حوالي 12 ساعة الى خسارة ما يقارب 92 ميلليغراماً من الكتلة البلاستيكية!

هذه النتيجة، اعتبرها العلماء جديرة بالمتابعة لأن نسبة الإنخفاض المسجّلة فائقة السرعة، بالمقارنة مع الاكتشافات الحديثة التي تم التوصل إليها. وبحسب العلماء، لا تقوم دودة فراشة الشمع بهضم البلاستيك فحسب بل هي تحوّله أيضا أو تفككه تفكيكا كيميائيا بواسطة مادة تنتجها.

الدراسات قد تبقى في إطارها الضيّق إذا لم يتم التمعّن في استدراج النتائج، لذلك، أوضح العلماء أن إحدى المراحل المقبلة تقضي بتحديد هذه العملية الجزيئية لمعرفة كيفية عزل الأنزيم. واعتبر أحد المشاركين في الدراسة، باولو بومبيلي من جامعة كامبريدج البريطانية أنه “في حال كان الأمر يتعلق ببساطة بأنزيم معين، يمكن لنا أن نصنعه على نطاق واسع بواسطة التكنولوجيا الحيوية”. الأمر الذي قد يشكّل في نظره “أداة مهمة لإزالة النفايات البلاستيكية من مادة البولي إثيلين التي تتراكم في المكبات والمحيطات”.

بانتظار النتائج الإيجابية، يبقى الحل الوحيد التخفيف من استهلاك المواد البلاستيكة، كلّ في إطار مجتمعه وبيئته، حفاظاً على الحياة البشرية من جهة والتنوّع البيووجي من جهة أخرى.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This