تتسبب الكوارث الطبيعية الناجمة غالباً عن مزيج خطير بين قوى الطبيعة والنشاط البشري، بأضرارٍ فادحةٍ، مدمرة وقد تكون شاملة، فعلى سبيل المثال تعتبر عملية إزالة الغابات المسبب الأول لكارثة حقيقية اسمها التغير المناخي، والتي ينتج عنها كوارث متعددة كالفيضانات، الأعاصير، الجفاف، الحرائق، والزلازل وغيرها.
ولعل الأعصار “ماثيو” الذي ضرب هايتي العام الفائت، والذي خلف حوالي 800 قتيل، لم يكن أسوء من إعصار “هيرمين” الذي ضرب سواحل فلوريدا، وإعصار ميرانتي في جنوب الصين، وفيضانات الهند والسودان وتشيلي، ولا حتى أسوء من حرائق لوس انجلس أو الزلازل التي ضربت أوكلاهوما ووسط إيطاليا.
وتبحث الطبعة الخاصة بهذا العام 2017 من أطلس الكوكب البشري التابع لمركز البحوث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية European Commission Joint Research Centre ، في تعرض السكان للأخطار الطبيعية الرئيسية الستة وتطورها خلال السنوات الأربعين الماضية. وسيعرض هذا الأطلس على المنتدى العالمي للحد من أخطار الكوارث The Global Platform for Disaster Risk Reduction الذي سيعقد في مدينة كانكون المكسيكية.
ويغطي الأطلس سته أخطار طبيعيه رئيسيه: الزلازل، البراكين، التسونامي، الأعاصير المدارية، الأعاصير الاستوائية والفيضانات. حيث تضاعف التعرض العالمي لهذه الأخطار بين 1975 و 2015 ، ويُرجع العلماء ذلك إلى طغيان البيئة الحضرية والانتشار العمراني، كذلك يرجعونها الى النمو الديموغرافي والإجتماعي والإقتصادي للبشر على هذا الكوكب. وتشكل هذه الأخطار تهديداً لعددٍ كبيرٍ من البشر في مناطق مختلفه من العالم.
ويتعرض البشر لمخاطر الزلازل، أكثر من غيرها، حيث ازداد عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الزلزالية بنسبه 93 في المائة في 40 سنه (من مليار و400 مليون في عام 1975 إلى مليارين و700 مليون في عام 2015). في حين بلغ عدد البشر الذين يعيشون بالقرب من البراكين الاكثر خطورة في العالم (عددها 220 بركان) أكثر من 400 مليون شخص، وهم معرضون لعواقب الإنفجارات المحتملة، و يتركز تأثير أمواج تسونامي علي المناطق الساحلية في العديد من المناطق في قارة أسيا. وتأتي اليابان في الدرجة الأولى من حيث التعرض لتلك الأخطار، تليها الصين والولايات المتحدة الامريكيه. ويزيد عدد سكانها أربع مرات عنها في الصين، وهي ثاني أكثر البلدان تضررا.
ويذكر الأطلس أن هناك أكثر من 170 مليون شخص في أوروبا وحدها معرضون لخطر الزلازل، أي ما يقرب من ربع مجموع سكان القارة العجوز. وفي إيطاليا ورومانيا و اليونان، تتجاوز نسبه السكان المعرضين لأخطار الهزات الارضية والزلازل حوالي 80% من مجموع السكان.
في حين أن أكبر عدد من المعرضين للفيضانات، هم سكان ألمانيا، حيث يصل الرقم الى ثمانية ملايين إنسان، أي بمايعادل 10% من مجموع السكان، تليها فرنسا بـ 5,7 مليون شخص أي بنسبة 9%.
وجاء في الأطلس أن هناك أحد عشر مليون أوروبي يعيشون في مناطق قريبة جداً من براكين نشطة، من تلك التي لن يؤثر ثورانها على المساكن والأبنية فحسب ، بل أيضاً على الأنشطة البشرية اليومية، بما في ذلك النقل.
وفيما يخص اخطار الفيضانات، وهي أكثر الكوارث الطبيعية شيوعاً، فإن شعوب آسيا أكثر البشر تعرضاً لها (76.9 في المائة من السكان المعرضين في العالم)، وتبلغ النسبة في أفريقيا (12.2 في المائة). ويبلغ مجموع من سيتعرضون لأخطار الفيضانات في الكوكب حوالي مليار نسمة في 155 بلداً. ومن المحتمل أيضا أن تكون نسبه 11 في المائة من المساحة المزروعة بالأرض معرضة لهذا الخطر.
وتشكل الأعاصير المدارية خطراً على مليار و600 مليون شخصاً في 89 بلدا، مقارنة بمليار في العام 1975. وقد تعرض في العام 2015 حوالي 640 مليون نسمة للأعاصير المدارية، وأكبر المناطق المأهولة بالسكان التي تعرضت لتلك الأعاصير كانت في الصين واليابان. وقد تعرض 50 مليونا في الصين وحدها للأعاصير المدارية عام 2015 أي بفارق 20 مليون عن الرقم في عام 1975.
الأرقام هائلة ومهولة وتشير الى خطر داهم، ستتعرض له البشرية في المستقبل، ويزيد من القلق أن هذه المعلومات هي بيانات رسمية عالميـة، أجريت وفق مقاييس دقيقة وفي أزمنة مختلفة، وبخصائص فيزيائية وديناميكية مرتبطة بالبشر، تغطي 40 سنة من البيانات والملاحظات الجديرة بأن تقرأ، وأن يعمل المسؤولون السياسون على ترجمتها بشكل يخدم الإنسان اولا،ً ومن ثم الحياة الطبيعية على الكوكب.