شهد مبنى بلدية بيروت اليوم، جلسة استقبال عروض المناقصة العمومية، لتلزيم أعمال كنس وجمع النفايات المنزلية الصلبة في مدينة بيروت. وفي حين أن الموعد النهائي لتسليم “سوكلين” مهام الكنس والجمع والنقل، في بيروت الإدارية إلى متعهد جديد، هو ٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٧، تأخرت بلدية بيروت في إطلاق هذه المناقصة، رغم أن قرار فسخ عقدها عن العقود المركزية، متخذ منذ ما يزيد عن عام، من قبل مجلس الوزراء. وليس معلوماً بعد، الوقت الذي سيتم إستنزافه قبل دراسة العروض الفنية وتحديد موعد فض الأسعار. لكن المؤكد، أن المتعهد الفائز يستحيل عليه تسلم المهام ضمن المهلة المحددة من قبل “سوكلين”، التي أبلغت رسمياً إلى مجلس الإنماء والإعمار.
المفاجأة الأولى في لائحة المتقدمين إلى المناقصة، أنها لم تشمل “شركة الجهاد للمقاولات” (المملوكة من جهاد العرب)، إذ أنه رغم استحواذ الشركة على نسبة كبيرة من حصة إدارة النفايات في بيروت وجبل لبنان، من خلال مطمر “الكوستابرافا” ومعملي الفرز في الكرنتينا والعمروسية؛ ومعمل التسبيخ في الكورال، فإن الشركة لم تتقدم بشكل مباشر، إلى مناقصتي الجمع والنقل في جبل لبنان، رغم أن معلومات غير رسمية، تشير إلى أن الشركة دخلت في استثمار من الباطن مع أحد المتعهدين الفائزين.
أما المفاجأة الثانية، فتمثلت بغياب شركة “سوكلين” عن هذه المناقصة أيضاً، ما يعني عملياً، الخروج النهائي والكامل للشركة من قطاع إدارة النفايات في بيروت وجبل لبنان. وبحسب معلومات توفرت لموقع greenarea.info، فإن “سوكلين” استطلعت الأجواء السياسية المحيطة بصناعة قرار هذه المناقصة، فلم تتلق إلاّ إشارات سلبية، ما دفعها إلى الابتعاد عن شراء دفتر الشروط والخروج، نهائياً، من القطاع.
ويتبين من لائحة الشركات المتقدمة إلى مناقصة بيروت، أنها شملت الشركات التالية:
- شركة “لافاجيت- باتكو” اللبنانية (المملوكة من أنطوان أزعور): سبق لهذه الشركة أن فازت بمناقصة كنس وجمع ونقل النفايات في بيروت والضاحيتين الشمالية والجنوبية، التي أعلن عنها في ٢٥ آب ٢٠١٥، قبل أن يلغيها مجلس الوزراء. ولاحقاً، تقدمت الشركة إلى مناقصة جمع النفايات ونقلها في قضائي كسروان والمتن، لكنها خسرت المناقصة بسبب فارق الأسعار. ومعلوم أن هذه الشركة ما تزال تتولى أعمال إدارة مكب نفايات مدينة طرابلس، إضافة إلى أنها تولت، مؤخراً، أعمال إعادة تأهيل المكب العشوائي في حبالين، قضاء جبيل. كما تتولى إدارة معمل النفايات في النبطية، الممول من الاتحاد الأوروبي. ولدى الشركة عدد من المشاريع المتعلقة بالنفايات خارج لبنان، أبرزها في سلطنة عمان.
- الإئتلاف الثاني الذي تقدم إلى هذه المناقصة، يضم شركة “رامكو للتجارة والمقاولات” (المملوكة من وسيم عماش) مع شركة “ألطاش” Altaş Yapı San التركية. وقد بدأت هذه الشركة أعمال تنظيف مـدينة كوتاهيا وقضاء كارتال باسطنبول، منذ عام 1992. وساهمت في تقـديم خـدمات جمع ونقل النفايات في أنحاء تركيا كافة. وهي اليوم من أكبر الشركات الوطنية التركية العاملة في إدارة النفايات.
يقول عمّاش في حديث لموقع greenarea.info، إنه مرتاح للشراكة التي جمعته مع شركة “ألطاش”، بعد أن فاز الإئتلاف الذي يجمعهما، بمناقصة جمع ونقل النفايات في كسروان والمتن. وكان مجلس الإنماء والإعمار قد نفذ ترسية مناقصة جمع ونقل النفايات، ضمن منطقة الخدمات الأولى، التي تضم قضاءي كسروان والمتن، لصالح إئتلاف “شركة رامكو للتجارة والمقاولات” مع “شركة Altaş Yapı San” التركية، بسعر إجمالي بلغ ٨٦,٢٥ مليون دولار أميركي، على أساس سبع سنوات تعاقد، مع احتساب الضريبة على القيمة المضافة (٢٧,٠٩ دولار للطن – ١١٠٠ طن يومياً – ٧ سنوات + VAT). وباشرت الاعمال بتاريخ ١٣ أيار (مايو) ٢٠١٧.
- الإئتلاف الثالث، جمع “شركة معوض وإده” (المملوكة من جورج ميلاد الغزال معوض وشركاه) مع شركة Atlaş التركية. والمفارقة أن “شركة معوض وإده” فازت بمناقصة جمع ونقل النفايات في أقضية عاليه والشوف وبعبدا، بالإئتلاف مع شركة Soriko البلغارية. وبدأت العمل في هذه المناقصة، تحت إسم شركة City Blu. وكان مجلس الإنماء والإعمار قد نفذ ترسية مناقصة جمع ونقل النفايات، ضمن المنطقة الخدماتية الثانية، التي تضم أقضية عاليه والشوف وبعبدا، لصالح إئتلاف “شركة معوض وإده” مع “شركة Soriko” البلغارية، بسعر إجمالي بلغ ١٢٨,٧٦ مليون دولار أميركي، على أساس سبع سنوات تعاقد، مع احتساب الضريبة على القيمة المضافة (٢٦,٩٥ دولار للطن – ١٤٠٠ طن يومياً – ٧ سنوات + VAT). على أن تبدأ الأعمال بتاريخ ١ حزيران (يونيو) ٢٠١٧. السؤال اللافت الذي ما يزال دون إجابة: لماذا تخلت “شركة معوض وإده” عن شراكتها الاستراتيجية مع شركة Soriko البلغارية وهي الشراكة نفسها التي تجمع هذه الشركة، مع شركة “الجهاد للمقاولات” في مناقصة الفرز والمعالجة؟
وعلى رغم إعلان الإستشاري رفيق خوري ومجلس إدارة مجلس الإنماء والإعمار، عن أهلية شركة سوريكو Soriko البلغارية، للدخول في مناقصة إدارة النفايات، ما تزال تطرح علامات استفهام حول معايير الأهلية، التي تم الاستناد اليها؛ ومدى مطابقتها دفتر الشروط، إضافة إلى صحّة الأوراق الثبوتية التي تقدمت بها الشركة، إن لجهة حجم أعمالها السنوي، أو لجهة خبرتها في قطاع إدارة النفايات.
الإئتلاف الرابع، جمع “مؤسسة حمود للتجارة والمقاولات” (المملوكة من قاسم حمود)، مع شركة “تنظيفكو ذ.م.م.” الكويتية. وتعد الشركة الكويتية من كبريات الشركات في منطقة الخليج. تأسست سنة 1963 وهي من كبار المزودين للخدمة البيئية في دول الخليج العربي وصولاً الى الهند. وفي مقابل كفاءة الشركة الكويتية، تطرح إلى الواجهة كفاءة الشريك اللبناني، إذ يتبين من نتائج درس العروض الفنية والتقنية، لمناقصة معالجة وفرز النفايات، التي أجراها مجلس الإنماء والإعمار في تموز (يوليو) 2016، أن ائتلاف”مؤسسة حمود للتجارة للمقاولات اللبنانية” (قاسم حمود)، مع الشركة المصرية لإعادة تدوير النفايات ECARU، تم استبعاده، لعدم مطابقة الشروط الفنية المطلوبة في دفتر الشروط.
إذاً، تتنافس أربع شركات على عقود كنس وجمع ونقل نفايات العاصمة، ضمن مناقصة طلبت فيها بلدية بيروت أعمالاً إضافية، تشمل حفر وتثبيت حاويات النفايات تحت الأرض، في الأحياء التي تسمح بذلك. الأمر الذي يجعل من هذه المناقصة من كبريات المناقصات، من حيث الحجم والكلفة المالية. وإلى حين تبان النتائج النهائية بعد جلسة فضّ الأسعار، تتجه الأنظار إلى أداء المجلس البلدي تجاه هذه المناقصة؛ والوجهة السياسية لدى صنّاع القرار، الذين يتحكمون بقرارات البلدية والمحافظة في بيروت.