بانتظار “زوار الفجر” سلاحف البحر، تتفقد منى خليل شاطئ المنصوري جنوب مدينة صور، في جولات شبه يومية مع بداية أيار من كل عام، هذه الكائنات البحرية الرائعة، لم تمل ولم تكل من ملاقاة السلاحف البحرية التي تودع بيوضها عند شاطئها لتعود الى البحر مطمئنة، فالأمانة محفوظة وفي أيدٍ أمينة، وستعود الى البحر سلاحف بأعداد كبيرة في الوقت الذي تواجه فيه هذه الكائنات خطر الانقراض.
“زائر إسمنتي”
هذا الصباح حل كابوس على حلم منى، عندما تفاجأت بــ “زائر اسمنتي” ثقيل عند حدود الحمى الطبيعية التي ترعاها، ما أثار مخاوفها وجعلها تناشد اصدقاءها والمهتمين لمساعدتها بعد أن بدأت تلوح معالم بناء فوق الاراضي المصنفة زراعية، فالناظر الى الورشة القائمة يدرك تماما ان التجهيزات والأساسات التي بدأ العمل فيها المتعهد، هي حتما لا تتوافق مع تصنيف المنطقة، فما هو واضح الى الآن هو عبارة عن مشروع يتضمن تجهيز مسبحين وكابينات وأساسات لم تتضح معالمها بعد، ما يشير الى وصول عدوى المنتجعات السياحية الى المنطقة، ما يشكل خطرا على الحمى والشاطئ الذي يعتبر الموئل الأهم لتعشيش السلاحف في المنطقة، في غياب الاجراءات القانونية التي تؤكد ايضا غياب دراسة الأثر البيئي للمشروع.
النيابة العامة البيئية
أعلنت منى خليل عبر حسابها أن “اعمال البناء غير القانونية بدأت قبل مدة قصيرة وتوجهت حينها الى العقار المجاور”، وزعم اصحاب البناء بأنه منزل صغير مع بركة صغيرة وبأنه موافق لمواصفات البناء في الاراضي الزراعية، الى ان تفاجأت بوصول البناء الى هذا الحجم، وليتبن أن البيت اصبح منتجعا والعمل جارٍ ليلا، وكانت خليل خلال متابعتها لحركة السلاحف قد استغربت وتساءلت مرارا عن عدم وضع بعض السلاحف بيوضها بالرغم من ترددها الى الشاطئ، ليتبين بأن السبب هو الاضاءة التي يستخدمها العمال ليلا.
بحسب منى خليل في حديثها لــ greenarea.info، فإن “المجلس البلدي قد حُلّ في بلدة المنصوري منذ مدة، والعمل يجري ليلا وصاحب الارض موجود في افريقيا وقد استثمرها شخصان، ويرجح في مثل هذه الظروف عدم حصولهم على اي رخص”.
وتتابع خليل بأننا “واجهناهم سابقا وكانت لديهم النية بتحويل العقار الى مدينة ملاهٍ، واليوم يبدو انهم ينوون تحويلة الى منتجع سياحي وهذا مخالف لقوانين الحمى وتصنيف الارض”، وطلبت خليل مساندتنا “لوقف ما هو مجزرة بحق السلاحف وما تبقى من الشاطىء”.
حملنا في greenarea.info مناشدات خليل، وتوجهنا بها الى قائمقام صور محمد جفال الذي أكد أنه “لم يعط اي رخصة لأي بناء عند حدود الحمى”، وعن امكانية الحصول على رخصة من التنظيم المدني، قال “لا يمكن قبل المرور عبر القائمقامية”.
وطالبنا جفال بتقديم كتاب خطي ليتمكن من متابعة الموضوع مع الجهات المعنية، فاذا ما كان المشروع قد استحصل سابقا على رخصة ما، وفي حال ان المشروع سيشكل خطراً على الحمى، فالحل الوحيد هو اللجوء إلى النيابة العامة البيئية.
قرار مجلس بلدي بإعلان الشاطئ حمى
فيما أكد مدير عام “جمعية حماية الطبيعة في لبنان” SPNL اسعد سرحال “انها ليست المرة الأولى التي يتم فيها التعدي على الشاطئ وقد واجهت منى خليل في السابق تحديات أخرى”، مشيرا الى أن “هناك قرار مجلس بلدي بإعلان الشاطئ حمى”، وقد قام بتبليغ كل الاجهزة المعنية في الدولة، ومنها وزارة البيئة وانه في عهد ناظم الخوري عندما كان وزيرا للبيئة استند على هذا القرار وأوقف الاعمال حينها.
وختم سرحال بأن “هذه الحمى تتميز بشواطئ رملية، بالإضافة إلى بعض البقع الصخرية, الأمر الذي يعزز من أهمية وجود عدد كبير من الفصائل البحرية ويجعلها منطقة مميزة نتيجة لتداخل الأراضي الزراعية بالأراضي البحرية، بالإضافة لوجود الكثير من الينابيع, ما يجعلها أيضا منطقة آمنة للحيوانات, خصوصا الطيور والسلاحف البحرية”.
كما وأكدت SPNL دعمها لحمى القليلة، فبحسب نائب الرئيس باسمة الخطيب “لهذه الحمى أهمية كبرى فهي تعتبر موئلا مهما لتعشيش السلاحف البحرية المهددة بالانقراض، كما ان الحمى تغطي مساحة تقرب من ثمانية آلاف متر مربع بحيث يوفر شاطى القليلة إمكانية مراقبة الطيور أيضا”.