عندما نعلم أن 70 في المائة من الورق الذي تصدره فرنسا إلى العالم، ناتج من إعادة تدوير النفايات. وأن من بين كل عشر زجاجات بيرة يشربها الألمان، ست ناتجة عن إعادة تدوير الزجاج. وأن في البرازيل وحدها، يعمل أكثر من عشرة ملايين إنسان في فرز وإعادة تدوير النفايات. وأن الصين ستنتج وحدها، بحلول عام 2025، أكثر من 600 مليون طن من النفايات،عندها، ندرك مدى أهمية عملية تدوير النفايات على المستوى الاقتصادي والصحي والبيئي وحتى الاجتماعي والنفسي.
كما ندرك مدى إرتباط عملية إعادة التدوير، بمكافحة الفقر. ولماذا تشجع معظم بلدان العالم، المبادرات الفردية والجماعية، لإعادة تدوير النفايات. وهنا سنسلط الضوء على أربعة من المشاريع والمبادرات المتميزة، التي أثبتت نجاحاً باهراً:
تدوير الصابون المستخدم
في هايتي، حيث لا شيء يفنى تماماً. وحيث يسترد الفقر كل شيء بطريقةٍ أو بأخرى، أطلقت شركه أنونويما أناكيوناAnónima Anacaona ، مبادرة لإعاده تدوير الصابون، كطريقة مثلى للحد من النفايات ولتوفير فرص عمل لكثير من النساء، اللاتي يعشن تحت خط الفقر.
الفكرة بسيطة جداً: تتم إعاده تدوير الصابون (الذي يعتبر عملياً غير صالح للإستخدام) الذي يتركه نزلاء الفنادق الفخمة، في البلاد. ويوجد اليوم في البلاد 25 فندقاً، تتعاون جميعها مع أصحاب هذه المبادرة، حيث يقوم العمّال كل يوم، بجمع قطع الصابون الصالحة لإعادة التدوير، يعقمونها ويذيبونها، ثم يضيفون إليها المعطرات، لتصبح جاهزةً مرةً أخرى للاستخدام، فتسلم في اليوم التالي، إلى الفنادق، مقابل مبالغ رمزية.
آلاف العائلات إستفادت من المشروع، الذي ساهم في زيادة الدخل الوطني. ولعب دوراً هاماً في محاربة التلوث الرهيب، الذي يصيب البلاد؛ وفي التوعية الصحية، خصوصاً مع أزمة الكوليرا التي أصابتها.
الطوب البلاستيكي
في كولومبيا، حيث أكثر الأرياف فقراً في العالم. قامت شركة Conceptos Plásticos، بمبادرة لإعادة تدوير كل الأشياء المصنوعة من البلاستيك، حيث تُطحن، تُعالج، تُذاب وأخيراً تُصقل لتخرج قطعاً من الطوب (اللَّبنُ) البلاستيكي، السهلةُ الاستعمال وقليلةُ التكلفة. وقد وجد الناس أن عملية التصنيع هذه، هي أفضل وسيلة للتخلص من النفايات البلاستيكية. وبفضل هذه المبادرة، يعاد يومياً إستخدام 70 طناً من البلاستيك. ويحتاج كل منزل لبنائه، إلى حوالى ستة أطنان، يسعى المسؤولون عن المبادرة، إلى تحويل 300 طن/شهرياً من النفايات البلاستيكية، إلى طوب جاهز للبناء.
هذا المشروع، ساهم في تأمين المساكن الرخيصة. وحلّ مشكلة البطالة؛ وكذلك، مشكلة التخلص من جبال النفايات، التي كادت تغرق مدينة كالي-كولومبيا.
الأحذية المستعملة
أطلق المعهد الثانوي الأوروبي في مدريد، مشروع حملة إعادة إستعمال الأحذية المستعملة #RUNCYCLE. وتهدف الحملة إلى جمع 2000 زوج من الأحذية الرياضية المستعملة. وإرسالها إلى أطفال وشباب في جنوب موزامبيق، بدلاً من رميها في حاويات النفايات. الحملة إنتهت في 20 حزيران/يونيو الحالي محققة نجاحاً كبيراً، ماحدى بمدارس ومعاهد إسبانية أخرى، للإعلان عن حملات مماثلة.
تخلصوا من نوع أخر من النفايات. وادخلوا البهجة إلى قلوب الأطفال الفقراء.
الأكياس البلاستيكية
قررفريق عمل «كونسيرف إنديا» CONSERVE INDIA إعادة الأكياس البلاستيكية إلى الإستخدام من جديد، بعد تنظيفها وتجفيفها وقصها على شكل أوراق، لتتحول إلى حقائب يدوية، إكسسوارات نسائية وأحذية وأحزمة. رافضاً بذلك، إعتماد تقنية إعادة التصنيع، للتخلص من الكميات الهائلة من الأكياس البلاستيكية، فكانت المبادرة ناجحة جداً. ولاقت الفكرة رواجاً كبيراً.
وتكررت المبادرة ذاتها، في مقاطعه كيب – كمبوديا، فكانت النتيجة مدناً أنظف؛ وفرص عمل جديدة للأشخاص الذين هم تحت خط الفقر.
وتهتم منظمات البيئة والصحة العالمية والمنظمات غير الحكومية، في كل العالم، بتمويل وتشجيع مشاريع إدارة النفايات. ويتم اليوم تمويل أكثر من 300 برنامج للاستفادة من النفايات، في مختلف أنحاء العالم. وتقوم، حالياً، بلدان مثل الصين، أذربيجان، النيبال، ليبيريا، المغرب، البرازيل والأرجنتين، بالتوسع في تنفيذ برامج للاستفادة من النفايات وإعادة تدويرها، للخروج بملايين السكان من بوتقة الفقر والحفاظ على البيئة من التلوث.