من المتعارف عليه عالمياً، أن النحل هو المنتج الأساسي للعسل. وأكثر المعلومات المنتشرة عنه، عيشه في مجتمعات تعاونية ضخمة. إلاّ أن ما لا يدركه الإنسان، إمتلاك النحلة الواحدة لأعين خمس!
خبر قد يستغربه البعض، ممن لا يتابعون أخبار النحل بدقة ولا يلاحظون إلا لونيه الأصفر والأسود المذهّبين. إلا أن رؤية مباشرة ومكبّرة لتلك الحشرة، تظهر تفاصيل امتلاكها خمس أعين، لكل واحدة وظيفة.
تتوزّع الأعين على أجزاء مختلفة، من رأس النحلة. وتنقسم إلى نوعين مختلفين، لكلّ منهما وظائف خاصة واستخدامات مختلفة عن الآخر. وهما:
أولاً: العيون المركَّبة: عدد العيون المركبة للنحل، إثنتان تقعان على جانبي رأس النحلة؛ وتتألفان من بضعة آلاف من الوحدات البصرية الصَغيرة، المُتكررة ذات الأشكال السداسية. وتحتوي كلُّ واحدة من هاتين العينين على 6,900 وحدة بصرية، تشبه العدسة. حيث تجتمع هذه الوحدات في مجموعات، لدى كلِّ منها وظيفة خاصَّة، مثل: تمييّز الألوان، التقاط الضوء القُطبيّ، أو التقاط التحرُّكات التي أمامها. وثمَّة حوالى 1500 مجموعة من هذا النوع، داخل كلَّ عين.
تتخصَّص هاتان العينان برؤية أنماط خاصَة من الضوء، فهما قادرتان مثلاً، على التقاط الضوء القطبي؛ وهو الأمر الذي لا يمكن لعين الإنسان القيام به. وتمتاز هاتان العينان بحساسيتهما الشديدة، فهما قادرتان على تمييّز حركات يفصل بينها جزء من 300 من الثانية الواحدة. ومن باب المقارنة، فإنَّ العين البشرية لا تستطيع تمييّز حركات يفصل بينها أقل من جزء من 50 من الثانية.
يستخدم النحل العيون المركَّبة عندما يكون خارج الخلية، لرؤية المسافات بعيدة. وهي تتّصف بقدرتها على تمييز الألوان، التي تميزها عين الإنسان، عدا اللون الأحمر. عدد الوحدات البصرية في العين المركبة، عند الذكر، ضعفُ عدد الوحدات البصريّة، التي تؤلف عين النحلة العاملة. ولهذا السبب، فإنَّ عيني الذكر ضخمتان جداً، الأمر الذي يميّزه ويُمكِّنه من متابعة الملكة، خلال رحلة طيران الزفاف الملكي.
ثانياً: العيون البسيطة: عدد الأعين البسيطة عند النحلة الواحدة، ثلاث. وهي تقع في الجزء الأوسط من أعلى الرأس. تكون هذه العيون أصغر حجماً بكثيرٍ، من العيون المُركَّبة وتقع في مثلثٍّ متجاورٍ بين قرني استشعار النحلة. لا تسمَى هذه العيون “بسيطة” من فراغ وإنَّما هي بالفعل، أبسط بمراحل ضخمة جداً، من العيون المُركَّبة، فلكلِّ واحدة من هذه العيون عدسة واحدة فقط. وهدفها الأساسي تمكين النحلة من متابعة مكان الشمس في السَّماء، لمعرفة الاتجاه الذي عليها السَّير فيه. تستخدم النحلة العيون البسيطة داخل الخلية، لرؤية المسافات القريبة ولقدرتها الجيِدة على الإبصار في الإضاءة الخافتة.