كارثة بيئية حقيقية أصابت الغابة الحضرية في مدينة طنجة، شمال المغرب. حرائق مهولة دمرت أكثر من 130 هكتاراً من الغطاء الغابي، الذي يعتبر الرئة الوحيدة لمدينة طنجة. أسئلة كثيرة تطرح عن أسباب هذه الحرائق، التي تواصلت طيلة الأيام الثلاثة الماضية، وسط غضب حقوقي في المدينة.

ضحية المتربصين

وكانت حرائق ضخمة تواصلت منذ ثلاثة أيام، في مناطق غابية متفرقة، في غابات “مديونة”، “السلوقية” و”الغابات المجاورة” في مدينة طنجة، منذ الجمعة الماضي، إلى أمس الأول، الإثنين.

ووفقاً للمهتمين بالشأن البيئي في المدينة، فإن الغابات الحضرية في طنجة، على امتداد سنوات طويلة، كانت مجالاً مستباحاً لوحوش العقارات ولوبياتها الوسيطة، “التي ما تزال إلى اليوم، تتربص بما تبقى من هذا المجال الغابي”، حسب بيان مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية. وصلت إلى “غرين آريا” نسخة منه.

وحسب رئيس المرصد، عبد العزيز الجناتي، في حديثه مع “غرين إريا”، “إن جميع الإحتمالات واردة. ولا يمكن أن نستثني أي تصور فيما يخص المسؤول عن هذه الحرائق، التي دمرت عدداً كبيراً من الهكتارات في الغابات الحضرية في المدينة”.

ويشدد المتحدث ذاته، على أن “التحقيق القضائي ينبغي أن يذهب إلى أقصى مداه. وأن يرتب المسؤوليات بناء على ذلك، لأن حجم الحادث كبير جيداً ويمكن أن نصفه بالجريمة، لأن آثاره جد وخيمة على المشهد البيئي في طنجة”.

في الإطار نفسه، نتذكر في هذا الصدد، ملف غابة السلوقية سنة 2012، التي كانت قاب قوسين من القطع والتدمير، لولا تصدي أبناء المدينة والمؤسسات.

وعبر تقارير مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية السنوية المتعاقبة، لسنوات 2012- 2013-2014- 2015 و 2016 ومن خلال جميع الندوات والأيام الدراسية والموائد المستديرة، أكد المتتبعون للشأن البيئي باستمرار على المخاطر المحدقة بالملك الغابي للمدينة، فضلاً عن مشاكل القطع العشوائي الجائر ورمي النفايات والسكن العشوائي و”المرخص” وسط الغابة. لتظل الحرائق من أخطر العراقيل  التي تواجه تلك الغابات.

مماطلة السلطات

ويخشى الحقوقيون في المدينة، أن الحرائق التي حدثت هذه الأيام، فصل جديد من فصول الإجهاز على الغابات فيها.

ووفقاً لمرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، سجل خلال اللحظات الأولى للحريق “إستصغار السلطات له في بدايته وعدم إيلائه الأهمية المطلوبة، إذ كان من الممكن محاصرته والقضاء عليه في الساعات الأولى، خصوصاً، أن الغابة قريبة من المصادر اللوجيستيكية للإطفاء. لكن مع توالي الساعات وتمدد المساحات التي شملتها النيران، لوحظ غياب المواكبة الكافية والإكتفاء بالإمكانيات المحلية المحدودة والضعيفة، مع منع المواطنين من تقديم المساعدة التطوعية”.

وعبّر المرصد في بيانه، عن إستيائه “من تعاطي الإدارات العمومية، من ولاية ومندوبية المياه والغابات ومحاربة التصحر والوقاية المدنية مع هذه الكارثة، التي لم تعرها الإهتمام الكبير في لحظاتها الأولى. وعدم مواكبة الحريق بما يلزم من إجراءات. كما إستهجن صمتها المطبق و رفضها تقديم المعلومات الضرورية”.

وطالب المرصد أيضاً، بضرورة نزع الملكية من الخواص، تسجيل الغابة كملك للدولة، الإسراع بإخراج المخطط الجهوي للمناخ وتضمين جزء منه لتناول مسألة حماية الغابات من الحرائق، ضمن وسائل التكيف و الملائمة”.

من جهة أخرى، عبّر نشطاء في المدينة، عن غضبهم من حصول هذه الحرائق، التي أجهزت على غطاء غابي هام، فضلاً عن مواطنين أبدوا إستعدادهم لإعادة التشجير الشامل للمنطقة المنكوبة، في أقرب الآجال، إذا سمحت لهم السلطات بذلك، فالغابات المنكوبة تعد المتنفس البيئي الهام لهذه المدينة المتوسطية.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This