بمجرد أن تطأ قدمك الدار البيضاء، العاصمة الإقتصادية للمغرب، حتى تتنبه إلى الفوضى الكبيرة في تدبير النفايات بشتى اشكالها، سواء عند مرورك في أحياء أو شوارع راقية، أو شعبية إلى عشوائية. كلها تعاني المشكل نفسه، المتمثل في ركام للنفايات يفوق حجم الحاويات المخصصة لها، إن وجدت. المسؤولون واعون لسوء تدبير نفايات هذه المدينة الضخمة. والمواطنون دائموا الشكاوى. فما الحل؟

أكبر منتج للنفايات

تشكو الدار البيضاء، الواقعة وسط المغرب، من فوضى كبيرة في تدبير النفايات الصلبة، خصوصاً أنها تعد المدينة المغربية الأولى التي تشهد كثافة سكانية ضخمة، فهي تضم 13 في المائة من سكان المغرب.

خصصت السلطات لهذه المدينة وحدها، ميزانية ضخمة للنظافة. لكن المشكلة بقيت وتفاقمت بشتى أشكالها، في الأسواق النموذجية والعشوائية. وكذلك، الأحياء السكنية بمختلف تصنيفاتها.

وفقاً للسلطات، فإن الدار البيضاء تعتبر أكبر منتج للنفايات بين المدن المغربية. وهذا أمر طبيعي، بسبب كثافة السكان في هذه المدينة، التي يتزايد عدد سكانها ويتزايد معهم حجم الأنشطة التجارية والصناعية، أيضاً، في حين تتعقد أزمة النفايات سنة بعد سنة.

ومن المشكلات التي رصدها “غرين إريا” أن الحاويات المخصصة للنفايات، سواء إن كانت موجودة أو غير متوفرة، نظيفة أو العكس، ليست هي العائق الوحيد، بل إن توقيت تفريغها غير ملائم أيضاً؛ فأحيانا كثيرة يشكل مرور الشاحنات الخاصة بالنفايات، إزعاجاً للمواطنين، لما تسببه من روائح كريهة وسامة ولإقفالها الطرق الضيقة وتعطيلها حركة المرور، عند توقفها.

الفرز العشوائي

تضم الدار البيضاء ثلاثة آلاف مصنع، أي حوالى 35 في المائة من مصانع المملكة. يعتبر المسؤولون أن كمية  النفايات، المقدرة بحوالى أربعة آلاف طن، التي يلقى بها في المطارح العمومية، تشكل فرصة للعمل ولتنمية الإقتصاد الأخضر. ففي هذه المدينة الضخمة، يتواجد آلاف الأشخاص الذين يجمعون النفايات، بوسائلهم البسيطة جداً والبدائية، حيث يجمعونها ويبيعونها للمصانع الخاصة، محصلين أموالاً بسيطة وأحيانا تكون مورد دخل هام. لكن أحياناً، يتسبب هؤلاء الأشخاص بنشر فوضى من النفايات والتلوث، خلال تنقيبهم داخل الحاويات المخصصة لها.

تقول سليمة العمرواي، الناشطة البيئية في المدينة، لـ”غرين إريا” في هذا الصدد:” هؤلاء الأشخاص الذي يجمعون النفايات، يخلقون فوضى في الأحياء والأماكن التي يمرون فيها، خلال جمعهم للنفايات، فهم يسربون الباقي في الممرات، خالقين تلوثاً بيئياً ومنظراً مقززاً”.

وتؤكد أن مشكلة النفايات في الدار البيضاء، عميقة جداً، أمام ارتجالية التدابير التي تتخذها السلطات. فشوارع المدينة وأزقتها تنتج أطناناً من النفايات، أحياناً تكون منزلية وأحياناً يوجدها الباعة المتجولون، الذين يحولون شوارع عاصمة المغرب الإقتصادية إلى مكب للنفايات، بسبب المخلفات التي يتركونها وراءهم بعد إنتهاء أعمالهم.

مشكلة الطمر

من جهة أخرى، هناك مشكلة أخرى تشكل عائقاً حقيقياً أمام جهود المسؤولين، هي مكان رمي النفايات الوحيد في المدينة، الذي يسمى مطرح “مديونة”. تعلق العمرواي، على هذا الموضوع، كونها تواصلت، كغيرها من النشطاء في هذا المجال في المدينة، مع شكاوى المواطنين الذين يقطنون بالقرب من مطرح “مديونة”، فتقول: “مديونة، تحول بؤرة سوداء حقيقية، خصوصاً بعد تكاثر شكاوى العائلات والسكان، الذين يعيشون في المنطقة، من تأثير أطنان النفايات على صحتهم وانتشار الأمراض بينهم، خصوصاً أن المكان يعتمد تقنية  قديمة ومضرة بالبيئة، هي طمر النفايات.

إذاً، الدار البيضاء تعيش أزمة نفايات مقلقة، تبدأ بعدم وجود مساحات كافية لاستقبال مخلفات المنازل، باستثناء مطرح مديونة، الذي حاولت السلطات إغلاقه، لكنها عادت ومددت توقيت الإغلاق لستة أشهر أخرى، بعد أن بات المكان عاجزاً عن تحمّل وإستقبال المزيد من النفايات.

لهذا ، تبحث السلطات عن مطارح أخرى، تعوّض عن مطرح مديونة. الأمر الذي دفع مجلس تسيير الدار البيضاء، إلى إجراء إتصالات مع شركات أجنبية، من أجل تصريف مخلفات المطرح بعد إغلاقه؛ وإلى تمديد استعماله. وهو ما أعاد إحتجاجات السكان القاطنين في جوار المطرح، الذين يعانون من أوضاعهم الصحية المتردية.

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This