هزّت قضايا التغيّر المناخي مجتمعات كثيرة في السنوات الأخيرة، تماماً كما فعل نكران تداعياتها من قبل بعض قادة الدول. ورغم أن التداعيات اختلفت من دولة إلى أخرى، إلاّ أنها تحصل هنا وهناك وفي أي مكان في العالم وإن بمستويات مختلفة.
هذا الواقع، أيقظ مجتمعات بأكملها ورؤساء دول كانت غافلة عن أهميّة الموضوع، أو متطرّقة إليه لرفع العتب فقط.
وبينما طالت مدة تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالإنسحاب من إتفاقية باريس للمناخ، قبل اتخاذ قراره الأسود. وفي حين إتّحدت دول العالم لمواجهة تداعيات هذا القرار، إنضم إليها الرئيس الإيراني حسن روحاني، مطالباً دول الجوار والأمم المتحدة، تحمّل المسؤوليات والتعاون لمواجهة الأزمة البيئية، محذّراً من تأثيرها على الهجرة ودمار المدن والتعايش السلمي في منطقة الشرق الأوسط.
ويبدو أن الخلاف في وجهات النظر بين الأميركيين والإيرانيين، أمر معدي ومتنقّل، بدءاً بالإختلاف حول إستعمال السلاح النووي، مروراً بدعم الأحزاب المقاومة للعدوّ، وصولاً إلى مقاومة الإرهاب البيئي والمحافظة على الكوكب الأخضر.
تفاقم الوضع البيئي في إيران بشكل كبير، خصوصاً في المحافظات الحدودية، بسبب الجفاف. وقد وضع روحاني القضايا البيئية من ضمن أولويات حكومته، على أن تكون الحلول بيئية بامتياز، مشدداً على أن إقامة السدود والحواجز على الأنهار، أكبر تهديد للمنطقة.
في العام 2015، كشف أحدث تقرير صدر عن مركز الإحصاء الإيراني، أن معدّل هطول الأمطار، في الجمهورية الإسلامية، بلغ ثلث معدل الهطول العالمي. وأن التناقص مستمر في معدل الهطول السنوي. وأعلن مدير مكتب دراسات وأبحاث المنابع المائية، التابع لوزارة الطاقة آنذاك، رضا راعي عز أبادي، عن أن 12 محافظة من بين 31 محافظة إيرانية، دخلت مرحلة الخطر، قائلاً إن مخزون 160 سداً أصبح شبه خالٍ ووصل حجم الماء فيها إلى أقل من النصف، على الرغم من أهميتها في تأمين مياه الشرب والزراعة للإيرانيين.
شكّل مؤتمر “عواصف الغبار، التحديات والحلول العملية” المنعقد في إيران، بداية شهر تموز – يوليو 2017، منصّة لإطلاق روحاني صرخة للحد من إرتفاع نسبة الجفاف في المنطقة، لما يحمله هذا الموضوع من نتائج سلبية بيئية، ديموغرافية، إقتصادية وسياسية.
وشددّ الرئيس الإيراني في كلمته، على أن 20 في المائة من أسباب عواصف الغبار، التي تشهدها البلاد، هي داخلية. و80 في المائة مصدرها خارجي. وانتقد دول جوار إيران، على إقامتها مشاريع لبناء سدود على الأنهار. وأشار إلى أن حاضنة الغبار، تبلغ نحو مليوني هتكار من الصحارى في إيران. وأن بلاده تمكنت من السيطرة على تصحّر نحو سبعة ملايين ونصف هكتار.
ووجه روحاني أصابع الإتهام نحو العراق، سوريا، الكويت، الأردن، باكستان، أفغانستان وتركمانستان. وقال إنها مصدر عواصف الغبار، التي تدخل البلاد والتي تركت آثاراً سلبية على حياة الشعب والزراعة والبيئة في دول المنطقة. كما حذّر من إستمرار إقامة السدود.
وفي إشارة إلى تركيا، قال إن هناك “بلد جار يفكر بإقامة 22 سداً على دجلة والفرات، مما يترك آثاراً سلبية على حياة العراقيين والإيرانيين”. معتبراً إقامة الحواجز والسدود، الخطر الأكبر على المنطقة.
روحاني، أطلق عبر هذا المؤتمر، صرخة مدوّية، محذراً من أن خطر الدمار يهدد المدن الإيرانية الحدودية، إذا ما استمرت الأزمة البيئية. مشيراً إلى أن طهران تجري مفاوضات مع العراق وأفغانستان وتركمانستان لمواجهة الأزمة. وطالب الأمم المتحدة القيام بدورها على هذا الصعيد. ودعا لمتابعة سياسة بيئية، تخرج منها كل دول المنطقة منتصرة، إيماناً منه بأن التوافق حول القضايا البيئية في منطقة غرب آسيا والشرق الأوسط، هو الطريق الوحيد للتعايش السلمي. ولفت إلى أن بلاده، لا يمكنها التغلب على المشكلات البيئية، من دون تعاون دول الجوار والدول الأخرى.
وبينما دافع روحاني عن سياسات حكومته في مجال البيئة، قال إن تلك السياسات، تصدّت لهجرة أكثر من 14 مليوناً من المناطق الغربية في إيران. مؤكداً أن البيئة من بين أولويات حكومته.
مؤتمر طهران الدولي، جاء بالتزامن مع تحذيرات أطلقتها جهات مسؤولة، عن مخاطر تدهور الوضع البيئي على الأمن القومي الإيراني، إذ أن 300 مدينة إيرانية بلغت نقطة التوتر المائي، أي تجاوز الطلب على المياه، للمتوفّر منها.
هذا المؤتمر هو الأوّل من نوعه، لأن الجمهورية الإسلامية بشخص رئيسها، طرحت على المستوى الدولي قضية الغبار والأتربة، فأصدرت الامم المتحدة قرارات عدة في هذا المجال وقالت، إن أول مؤتمر دولي حول الغبار والاتربة، سيقام في طهران في غضون شهرين.