تعد حرائق الغابات من المشكلات البيئية الخطيرة، التي يواجهها كوكب الأرض اليوم، كونها تتميز بسرعة انتشارها بشكل رهيب ولمسافات واسعة. كما يمكن أن تستمر لأشهر وليس لأيام فقط. وينجم عنها إنبعاث للغازات السامة مثل أول أكسيد الكربونCO2 وغاز الميتان CH4، التي قد تصل إلى البلدان المجاورة ولا تقف عند حدود دولة بعينها. وتفاقم في عملية الإحتباس الحراري، الذي تعاني منه البشرية.
سبب ومسبب
يرى العلماء في معهد “ماكس بلانك” للأرصاد الجوية، أن مساحة الغابات التي تتعرض للحرائق تصل إلى حوالى 400 مليون هكتار سنوياً، أي أكبر من مساحة الهند. وفي أغلب الأحيان، تحصل هذه الحرائق نتيجة صواعق طبيعة، كالبرق، أو بسبب الإنسان، الذي يقوم بحرق أجزاء من الغابات، لتحويلها إلى أراضي زراعية، أو للإستفادة منها كحطب وقود، أو لصناعة الفحم (سوريا نموذجاً حياً).
ويؤكد هؤلاء الباحثون، أن عدد الحرائق إنخفض في منتصف القرن التاسع عشر، بسبب هجرة الناس من الريف إلى المدن الكبرى. إلا أن هذه الأرقام عادت إلى الإرتفاع، إبتداء من سنة 1960. ويتوقع الخبراء أنفسهم، أن نسبة الحرائق سترتفع بمعدل خمس مرات عام 2040. وأن هذه النسبة، ستتفاوت من منطقة إلى أخرى حيث ستزداد في الغابات الإستوائية، في حين ستتراجع في مناطق البحر الأبيض المتوسط، بسبب قلة الغطاء النباتي هناك. وبالتالي، ضعف إنبعاث الغازات المساعدة على الإحتراق.

من يسبب الآخر؟
يعتبر الخبراء في منظمة الأغذية والزراعة الدولية (فاوFAO)، أن الإحتباس الحراري أصبح من أهم مسببات حرائق الغابات، كونه المسبب الرئيسي في ارتفاع درجات الحرارة، في الكثير من المناطق. وهذا بدوره، يسبب التصحر والجفاف، الأمر الذي يؤدي إلى يباس في الغابات واشتعالها بصورةٍ عفويةٍ. كما يسبب الإحتباس الحراري، إرتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء، الذي تحتاجه النباتات لنموها. الأمر الذي يجعلها تختنق رويداً رويداً.
فريق أخر من العلماء، يرى العكس تماماً، حيث تعتمد نظريته على: أن ازدياد الحرائق، يؤدي حتماً، إلى إرتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون CO2 في الجو. وإلى إزدياد نسب غازات أخرى، مثل غاز الميتان CH4، المسبب الحقيقي للإحتباس الحراري. أضف إلى ذلك، أن الحرائق تؤدي إلى انتشار جزيئات السخام في الهواء. وهذه بدورها، تمتصّ ضوء الشمس. وبالتالي، ترفع من مستوى حرارة الجو.
التدابير
أوردت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO) في تقرير لها صدر عام 2013 (يتكرر كل عام تأكيدها على محتواه)، بعنوان “خطوط توجيهية تخص تغير المناخ لمدراء الغابات”، أن ثمة حاجة إلى تدابير مبكرة، منها:
1- إتّباع سياسة صارمة لمنع الرعي الجائر والحفاظ على الغطاء النباتي.
2- منع الإحتطاب وإعادة تشجير الغابات، لمنع تعرضها للتصحر. مع الحرص على تنويع الأنواع النباتيّة.
3- تنبيه المُتنزهين إلى ضرورة عدم ترك المخلفات في الغابة، خصوصاً المواد القابلة للاشتعال.
3- منع إقامة المنشآت الصناعيّة بالقرب من مناطق الغابات.
ورأت المنظمة الدولية، أن تطبيق هذه التدابير المبكرة لحماية الغابات، سيساعد على: تنظيم الدورات المائية، حماية التربة، صون التنوّع الحيوي، تدعيم الأمن الغذائي في المجتمعات المحليّة، حيث يعتمد الملايين من سكان المناطق الريفية في العالم، على الغابات كمصدر للوقود والحطب والأدوية وغيرها، فعلى سبيل المثال، يعتمد حوالى خمسة ملايين إمرأة، في بلدان غرب إفريقيا، على معالجة وتسويق البندق، لتأمين نحو 80 في المائة من دخلهن الكلي.
يتحمل الإنسان المسؤولية الكبرى عن دمار بعض الغابات. وبالتالي، يتحمل المسؤولية عن دمار النظام البيئي الوحيد، الذي يستطيع التوسع طبيعياً؛ والذي يلعب دوراً رئيسياً في التوازن الحيوي على سطح كوكبنا. وهذا يفرض على البشرية جمعاء، الإلتزام بواجب حماية الغابات من الحرائق.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This