استنزف البشر الموارد الطبيعية لكوكب الأرض لهذا العام فى أقل من سبعة أشهر، إذ ساهم الإنسان فى زيادة انبعاثات ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوي، والإفراط فى اصطياد الأسماك وقطع الغابات وهدر المياه بسرعة أكبر مما تستطيع الطبيعة تعويضها. وبذلك يكون اي استغلال اضافي لهذه الموارد ابتداءاً من الثاني من آب (أغسطس) وخلال الأشهر الخمسة المقبلة بمثابة “ديون بيئية”، بحسب ما جاء في التقرير السنوي لشبكة البصمة البيئية العالمية والصندوق العالمي للطبيعة.

ويقول التقرير ان العام 2017 قد شهد تراجعاً غير مسبوق عن الموعد السنوي لاستنزاف الأرض لمواردها الطبيعية بفعل التدخل الانساني. ونتيجة لذلك وصل العالم اليوم الى اعلى مستوى إهدار للموارد، إذ استنزفت الإمدادات السنوية مثل الأراضي والأشجار والأسماك، بشكل يفوق قدرة الأرض على امتصاص الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

ويحذر الخبراء من أن المشكلة تزداد سوءا، مع انزلاق الكوكب إلى “دين” بيئي، وتحول يوم استنزاف الموارد الطبيعية للأرض من أواخر شهر أيلول (سبتمبر) فى عام 2000 إلى 8 آب أغسطس عام 2016، إلى 2 آب أغسطس عام 2017، ومن بين أسوأ الدول التى تستنزف موارد الأرض أستراليا، والولايات المتحدة الأميركية، إذ تشتهر بارتفاع معدلات استهلاكها اللحوم.

وتعد انبعاثات الكربون أكبر مساهم فى تجاوز الموارد الطبيعية، لذا هناك من التغييرات التى  يجب إحداثها  لتحقيق أهداف معالجة تغيير المناخ التي جاءت فى إتفاقية الأمم الأمم المتحدة الاطارية للحد من تغير المناخ، التي تم الاتفاق عليها في باريس فى اواخر العام 2015، وتنص هذه الاتفاقية على تقليل انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول النصف الثاني من هذا القرن، الى جانب تغيير طريقة العيش على كوكب الأرض. وشكل قرار الرئيس الاميركي دونلاد ترامب الانسحاب من الاتفاقية صفعة مدوية لـ “الدبلوماسية المناخية” التي خاضت مفاوضات شاقة منذ العام 2008 للتوصل الى اتفاق دولي جديد.

وقال الصندوق العالمي للطبيعة إن البشر استنزفوا مع بداية العام 2016 نسبة 100% من الموارد المتجددة التي توفرها الأرض لمدة عام. وبالعودة إلى التاريخ البشري استغلت الإنسانية، الخدمات الطبيعية لبناء المدن والطرق، وتوفير الغذاء وصناعة المنتجات، وامتصاص ثاني أكسيد الكربون الناتج عن أنشطتها بمعدل يقع ضمن حدود قدرة الطبيعة على تجديد مواردها.

وفي بداية السبعينيات من القرن الماضي، تجاوزت البشرية لأول مرة العتبة الحرجة، وبدأ طلبها على الموارد يفوق قدرة الطبيعة على تجديدها، وهو ما يعرف باسم “تجاوز الحد” أو “الدين البيئي” أو “عجز الأرض”. وذكر الخبراء أن سكان الأرض إذا ما سارت الأمور على هذه الوتيرة، سيحتاجون مع حلول عام 2030 إلى كوكبين اثنين للتزود بالموارد الطبيعية التي يحتاجونها، في حين هم يحتاجون 1.7 من حجم كوكب الارض  للتزود بالموارد الطبيعية في الوقت الحالي.

وتعد انبعاثات الكربون أوخم ما خلفته البشرية من آثار على الطبيعة، وهي تمثل أكثر من نصف البصمة البيئية السلبية للبشرية. وتكاليف هذا الإسراف في الاستهلاك والإنفاق البيئي تصبح أكثر وضوحاً يوماً بعد يوم، وفي أشكال عدة كإزالة الغابات والجفاف وندرة المياه وتآكل التربة، وفقدان التنوع البيولوجي وتراكم ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وهناك مجموعة من الدول تجاوزت فيها انبعاثات الغازات المؤشر المتوسط للبصمة البيئية.

ويبدو أن ذوبان الجليد غير المسبوق الذي حدث في القارة القطبية الجنوبية العام الماضي، قد حفزه توجيه الهواء الدافئ من خطوط العرض السفلى إلى مناطق الجليد البحري. بحسب ما ذكرت دورية نايتشر. ففي الفترة من أيلول (سبتمبر) إلى تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2016، تناقصت رقعة الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية بمعدل قياسي قدره 75 ألف كيلومتر مربع في اليوم. أدى ذلك إلى فقدان موسمي للجليد أكبر من أي ربيع مر منذ بدء عمليات الرصد بالأقمار الصناعية في عام 1979. وجد جون تيرنر وزملاؤه في هيئة مسح القطب الجنوبي البريطانية في كامبريدج، أن التراجع القياسي للجليد البحري تزامن مع شذوذ قوي للتذبذب الشمالي-الجنوبي لحزام الرياح الغربية، التي تلف القارة القطبية الجنوبية. وقد ضخمت نظم ضغط الهواء في نصف الكرة الجنوبي تدفُّق الهواء المعتدل جنوبًا، من المناطق المناخية الأدفأ نحو القارة القطبية الجنوبية.

وبحلول عام 2100، من المتوقع أن يؤدي ارتفاع درجات حرارة الهواء والبحر محليًّا إلى خفض الجليد البحري حول القارة بنحو الثلث، بيد أنه من غير الواضح ما إذا كان تغيُّر المناخ العالمي سيعزِّز أنماط دوران الغلاف الجوي التي تسرِّع تراجع الجليد البحري.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This