أصبح الحديث عن تداعيات التغيّر المناخي أمر روتيني، فعناوين الفيضانات اليوم تتصدّر الصحف، لتحتلّ غداً أخبار الأعاصير والزلازل حيّزاً كبيراً من مقدّمات وسائل الإعلام، ويتسمّر المواطنون في مختلف دول العالم حول التلفاز لمتابعة نشرة الطقس، واختلاف الحرارة بين يوم وآخر.

كل المعلومات تشير إلى احترار مناخي مستمرّ في التطوّر، رغم الجهود التي يبذلها العلماء للحدّ من تأثيراته، إلا أن التحذيرات تتوالى، بدءاً بتغيّر موعد الفيضانات وصولاً إلى توقّع عواصف رملية عاتية في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

يقول العلماء في هذا المجال، أن تغيّر المناخ قد بدّل في مواعيد فيضانات الأنهر في أوروبا خلال الأعوام الخمسين الأخيرة ، فتسبب في تقديم موعدها في شمال شرق القارة وتأخيره في مناطق قريبة من البحر المتوسط. وقال الباحثون إن ذروة الفيضانات في الربيع أصبحت تحدث في كثير من الأحيان قبل موعدها بثمانية أيام مقارنة بعام 1960، بسبب ذوبان الثلوج قبل أوانها.  في حين  تحدث الفيضانات متأخرة عن موعدها ببضعة أيام حول معظم مناطق بحر الشمال ومناطق من البحر المتوسط مثل ساحل البحر الأدرياتي بسبب تأخّر الأمطار في الشتاء.

كبير الباحثين جونتر بلويتشر، تحدّث عن تأثير التغيّر المناخي بطرق مختلفة على مواعيد الفيضانات، معتبراً أن المشكلة الأساسية تكمن في أن توقّع مواعيد تلك الظاهرة الطبيعية، يساعد في حماية السكان وتخطيط عملية زراعة المحاصيل والري وتوليد الكهرباء من المياه، بالتالي فإن أي تغيير يطرأ سيؤثر بشكل أساسي على هذا التخطيط ويحبط من أهميته وبالتالي لا بد وأن ينتج عنه تداعيات كارثية.

العلاقة بين الإحتباس الحراري وتغيّر مواعيد الفيضانات، درسها بدقة فريق عمل تابع بيانات الأنهر الأوروبية من أكثر من 4200 محطة قياس بين عامي 1960 و2010.  فاستنتج الباحثون أن ما توصلوا إليه من إثبات للعلاقة الوثيقة بين العاملين، يمثّل النتائج الأولى التي تربط بين الإحتباس الحراري والفيضانات .

وعزت الدراسة بعض التغيرات إلى حدوث تحول في مسار العواصف الأطلسية والتي يقول كثير من العلماء إنها تتأثر بعوامل مثل ذوبان الجليد في القطب الشمالي.

في المقابل، أثّر التغيّر المناخي على نسبة متساقطات الأمطار في بلاد عدة، الأمر الذي ساهم في ارتفاع نسبة الجفاف وبالتالي التصحّر. تجنّباً للمزيد من شحّ المياه، إعتمدت بعض الدول سياسة بناء السدود، الأمر الذي زاد، برأي بعض العلماء، من نسبة العواصف الرملية.

في هذا الإطار، تشير الدراسات إلى توقّع المزيد من العواصف خلال السنوات المقبلة. محلل في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إنريك تيراديلاس، يتحدث عن زيادة كبيرة في توتر العواصف الرملية والترابية وشدّتها خلال السنوات الـ 15  الماضية في الشرق الأوسط.

وحذر، أستاذ علوم التربة في جامعة القاهرة، وديد عريان من الآثار البيئية لهذه العواصف، مشيراً إلى أنها تسرّع من عملية التصحّر في الأراضي وتسبب تلوثاً بيئياًّ خطيراً، فضلاً عن الدمار الهائل لبيئة الحياة والبيئة المعيشية.

لا حدود فصلي أو تاريخي للعواصف الرملية، فيمكن أن  تحدثُ في فصل الشتاء والربيع في بعض البلدان وفي أشهر الصيف الحارة في بلدان أخرى.  وفي حين أنه ليس معلوماً بالضبط ما يسبب هذا الارتفاعَ في نشاط العاصفة، ورغم أن الرطوبة تُمثل غِراء للتربة، وعندما تجفّ، فإن العواصف الترابية تُثار بفعل الرياح، إلا أن التسرع في بناء السدود في جميع أنحاء المنطقة وتحويِل الموارد المائية للزراعة يعتبر أحدَ العوامل الرئيسية لذلك.

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This