الانضباط الذاتي هو أحد المهارات المهمة في الحياة التي يجب أن يتعلمها كل طفل وذلك لأنه عندما يتمكن الأطفال من تطوير عادات الانضباط بشكل جيد يصبحون أكثر استعدادا للتعامل مع المشكلات ممّا يؤدي إلى تخفيف حدة التوتر في حياتهم وفي علاقاتهم مع الآخرين.
ومن أهم الأخطاء التي يرتكبها الآباء هو النظره الآنية إلى الانضباط، فإنه غالبا ما يكون من السهل أن يطلب من الطفل إنجاز عمل ما وتذكيره بذلك بين الحين والآخر وسيقوم بإنجاز ماطلب منه ولابد من تذكيره وتكرار الطلب في كل مرة يطلب منه إنجاز عمل ما , لذلك من الأفضل العمل على زرع الانضباط الذاتي في شخصية الطفل لتكون سمة متلازمة له حتى يتمكن من اتخاذ القرارات السليمة من تلقاء نفسه
معنى الانضباط الذاتي:
إنّ الطفل القادر على ضبط النفس، يمتلك القدرة على السيطرة على عواطفه، لأنّه سبق أن تعلم مهارات التعامل مع الغضب والقدرة على السيطرة على السلوك المتهور. ويمكن أن يتقبل نقد وتوجيهات البالغين بحترام شديد، كما يمكن أن يتحمل مسؤولية تصرفه، وتعلم أيضاً اتخاذ القرارات السليمة بنفسه، وبالاستناد إلى النتائج السلبية والإيجابية لخياراته، بدلاً من الاكتفاء بالقول: « يجب تنفيذ هذا العمل لأن أُمّي طلبت منِّي ذلك ». يستطيع الطفل القادر على ضبط النفس، اتخاذ القرارات السليمة في مجالات المهمات الروتينية والواجب المدرسي والمال وضغط الأنداد والاعتناء بالذات. إنّ تعليم الطفل مهارات الانضباط الذاتي، في سن مبكرة، يساعد على مضيه قدماً بسهولة في حياته المستقبلية. فالأشخاص الذين لا يتعلمون الانضباط الذاتي إطلاقاً يميلون إلى بذل الكثير من الجهد للحفاظ على العادات الصحية، حتى في مرحلة البلوغ. إنّ النجاح في مجال الدراسة والعمل وإدارة الشؤون المالية والمسؤوليات العائلية يتطلب القدرة على ضبط النفس. وافتقار البالغ إلى الانضباط الذاتي يجعله يعاني مشاكل على صعيد إدارة الوقت والمال.
تعليم مهارات الانضباط الذاتي:
يمكن أن تدوم عملية تعلم الانضباط الذاتي مدى الحياة. وحتى تساعد الأُم طفلها في تعلم الانضباط الذاتي وممارسته، منذ سن الطفولة إلى سن البلوغ، يمكنها تزويده بالأدوات المناسبة التي تتلاءم مع عمره. هناك طُرُق عدة لتعليم مهارات الانضباط الذاتي. وفي إمكان الأُمّ اتباع استراتيجيات مختلفة لمساعدة طفلها ليصبح أكثر مسؤولية. من هذه الاستراتيجيات:
1- اعتماد النظام: يحتاج الطفل إلى نظام وروتين حتى يصبح قادراً على ضبط الذات. على الأُم اعتماد قوانين واضحة في المنزل والتمسك بالعواقب في حال خرق القوانين.
2- توفير التعليم: إنّ الطفل الصغير في حاجة إلى معرفة اتخاذ القرارات السليمة. إن من أفضل أساليب تعليم الطفل اتخاذ القرارات السليمة هو أسلوب المقاربة الحازمة، لأنّه يساعد الطفل على فهم الهدف من القوانين. مثلاً، بدلاً من القول للطفل: « عليك أداء الواجب المدرسي بمجرد دخولك المنزل »، على الأُم أن تشرح لطفلها أسباب اعتمادها هذه القاعدة. يمكنها القول مثلاً: « من الأفضل أداء الواجب المدرسي أوّلاً ثمّ اللعب، لأنّه بهذه الطريقة يصبح لديك وقت طويل للعب ».
3- اعتماد عواقب مناسبة: من الضروري أن تتلاءم العواقب مع أخطاء الطفل. ففي بعض الأحيان، يجب أن ينال الطفل العقاب الطبيعي. مثلاً، إنّ الطفل الذي ينسى واجبه المدرسي في المنزل كلّ صباح، لن يتعلم أن عليه وضع كلّ أغراضه في حقيبة المدرسة ليلاً قبل الذهاب إلى النوم، إذا كانت الأُم تسارع إلى توصيل الواجب إلى المدرسة في كلّ مرّة. في هذه الحالة، يجب ترك الطفل ينال عقابه الطبيعي من المعلمة، حتى يتعلم ألا ينسى واجبه مرة أخرى. وفي أحيان أخرى، يجب أن ينال العقاب المنطقي. مثلاً، إذا عبث الطفل بمحتويات كمبيوتر الأُمّ، يجب حرمانه من ألعاب التسلية الموجودة على الكمبيوتر.
4- الانضباط خطوة بخطوة: يحتاج الطفل إلى سنوات وسنوات من التعليم والتدريب حتى تصبح لديه القدرة على ضبط ذاته. على الأُم اتباع سياسة الخطوة خطوة واستخدام استراتيجيات تتلاءم مع سن الطفل عند تعليمه الانضباط.
5- المديح: على الأُم أن تولي طفلها الكثير من الاهتمام وتمتدحه عندما يكون سلوكه منضبطاً. فإذا طلب منها طفلها المساعدة في حل الإشكال بينه وبين شقيقه بدلاً من أن يضربه، عليها القول له مثلاً: « أحسنت. كان خيارك في طلب المساعدة جيداً ». إن مدح الطفل عند اتخاذ اختيارات سليمة يزيد من احتمالات تكرار السلوك نفسه الجيِّد.
6-تعليم مهارات حل المشاكل: على الأُم أن تعلم طفلها حل المشاكل التي يمكن أن يواجهها، وأن تتعاون معه من أجل قضايا محددة تتعلق بالانضباط الذاتي. في بعض الأأحيان، يمكن أن يؤدي سؤال الطفل عن رأيه في كيفية التعامل مع مشكلة محددة، إلى توصله إلى حل خلاق للمشكلة.
7- النموذج المثالي للانضباط الذاتي: يتعلم الطفل الكثير من خلال مراقبة الأُم. فإذا رأى الطفل أُمّه تماطل في أعمال المنزل، أو تجلس أمام شاشة التلفزيون بدلاً من غسل الأطباق، سوف يقلدها في عادتها هذه. يجب أن تكون الأُم المثال الجيِّد بتصرفاتها: تأدية واجباتها المنزلية من دون توانٍ أو تردد، اتخاذ القرارات السليمة، ضبط الأعصاب والسيطرة على الغضب.. إلخ.
8- المكافآت: يمكن أن تستخدم الأُم نظام المكافأة لحل مشاكل محددة تتعلق بالانضاط الذاتي. إنّ الطفل الصغير في السن والذي يرفض النوم في سريره الخاص ليلاً، قد ينفع معه أسلوب تعليق ملصق على صدره يحمل صورة للشخص المفضل لديه، لاعب كرة أو « باسكت بول » أو ممثل أو مطرب.. إلخ. أمّا الطفل الأكبر سناً، والذي لا يؤدي واجبه المدرسي في الوقت المحدد، فقد ينفع معه أسلوب إعطائه مبلغاً رمزياً من المال.
ينبغي اعتماد نظام المكافآت لفترة قصيرة فقط. إذ يجب أن تتوقف الأُم عن تقديم مكافآت لطفلها حالما يبدأ الأخير في إتقان مهارات الانضباط الذاتي. هناك الكثير من المكافآت التي لا تكلف مالاً وتستطيع الأُم استخدامها، مثل تخصيص وقت لاستخدام الوسائل الإلكترونية، للمساعدة في تحفيز الطفل على التصرف بمسؤولية.
التربية الذكية