تقول وزارة البيئة في الخطة التنفيذية لسياسة الادارة المتكاملة للنفايات، التي رفعها وزير البيئة طارق الخطيب في رسالة الى مجلس الوزراء مؤرخة بتاريخ ١٧ آب (اغسطس) الجاري، أن تنفيذ الخطة الاستراتيجية التي أعدتها الوزارة تحتاج الى وقت طويل للتنفيذ، لذلك فمن الضروري اقتراح تدابير وإجراءات آنية واستباقية يمكن تطبيقها سريعاً للحد من حجم ووقع أزمة النفايات.
وكان موقع greenarea.info قد تناول في الحلقة الاولى من سلسلة التحقيقات التي نعدها للتعليق على هذه الخطة (راجع https://greenarea.com.lb/ar/232439 ) ، ما اقترحت الوزارة لجهة اعادة فتح مطمر الناعمة – عين درافيل، وتوسيعه واستملاك أراضي إضافية بقربه ليخدم فترة خمس سنوات.
واستكمالاً لعرض ما تضمنته الخطة، يتبين ان وزارة البيئة قد اقترحت أيضاً امكانية استخدام مطمر بصاليم في قضاء المتن كجزء من التدابير الوقائية، لكنها حاذرت في تقديم هذا الحل على غرار الطرح المتعلق بمطمر الناعمة، نظراً ” لحساسية الموقع الجيولوجية والهيدروجيولوجية”، ولعل من كتب هذه الجملة قد المح عن قصد او غير قصد، الى ما يتناقض مع التوصيف العام الذي تضمنته الخطة لجهة استخدام الطمر الصحي للعوادم. فاذا كانت المواد المنوي طمرها مصنفة عوادم كما تفيد الخطة، فلماذا لا يصح في بصاليم ما يجري اقتراحه في الناعمة؟ والحقيقة ان وزارة البيئة تعرف تماماً أن ما تقترح في الناعمة هو طمر لنفايات غير عادمة ناتجة عن مرفوضات الفرز والتسبيخ وجزء آخر غير معالج لتعذر القدرة الاستيعابية للمعامل الحالية ولا يخضع للتسبيخ اساساً، وبالتالي فانه يحتاج الى طمر ضمن التقنيات المعتمدة في الطمر الصحي لجهة ادارة العصارة والسوائل الناتج عن الطمر ، وادارة الغازات الناتجة عن عملية التخمير بعد الطمر.
كذلك يلاحظ الخفة والتسرع في الحاق الخطة بملحق يتضمن قائمة بالمقالع القديمة لطمر العوادم فيها ضمن شروط معينة لضمان حماية البيئة والتجمعات السكنية المحيطة بها. وتقول الوزارة انه يمكن تحديد المقالع التي تصلح لتكون مطامر صحية من خلال اجراء كشوفات ميدانية من قبل وزارة البيئة لاقصاء المواقع التي لا تصلح لذلك. والحقيقة ان استعانة وزارة البيئة بقائمة مواقع المقالع القديمة والمهجورة ليس بجديد، فلقد سبق وقدمت هذه القائمة ضمن القرار رقم 1 الصادر عن مجلس الوزراء بتاريخ 12/1/2015 والمتعلق بتعديل القرار رقم ٤٦ تاريخ ٣٠/١٠/٢٠١٤ (الخطة الشاملة للنفايات المنزلية الصلبة)، حيث اقترح حينها التخلص النهائي من العوادم الناتجة عن معالجة النفايات من خلال تأهيل المواقع المشوّهة Degraded أو مواقع المقالع والكسارات، و/أو المكبات العشوائية للنفايات، و/او اي مواقع أخرى بحاجة لاعادة تاهيل يحددها مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير البيئة.
ويتضح من الملحقات التي ارفقت بقرار مجلس الوزراء (واعيد الحاقها بالخطة الحالية) أنها تحوي تفاصيل عن 471 مقلعاً لم يتم تاهيلها و93 مكبّاً عشوائياً للنفايات و60 مكبّاً لمخلفات البناء. الامر الذي يعني ان وزارة البيئة قد رشحت 93 مكباً من اصل 504 لتكون مواقع للطمر او مراكز للمعالجة ، اضافة الى 60 مكباً لمخلفات البناء من اصل 166 مكباً، وان اجمالي المقالع غير المؤهلة والمكبات العشوائية على انواعها تصل الى 1141 موقعاً مشوهاً وملوثاً.
والسؤال الذي يطرح بعد قرابة عام ونصف من الكشف عن هذه القائمة، ماذا تنتظر وزارة البيئة لدرس هذه المواقع وتحديد قائمة قصيرة بافضل ٢٠ موقعاً من النواحي البيئية والاقتصادية واللوجستية والمادية واقصاء ما تبقى نهائياً من التداول؟ وما نفع اعادة طرح القائمة كما هي ؟ الجواب على هذا السؤال يقودنا الى الاستنتاج ان استخدام المقالع لطمر النفايات هو مجرد اقتراح شكلي ولا يستند الى دعم سياسي، ويرد في خطط وزارة البيئة من قبيل الشكليات. اما حقيقة ما تطرحه وزارة البيئة فهو استخدام مطمري الناعمة – عين درافيل وبصاليم، وفي حال تعذر ذلك تقول الوزارة انه من الممكن التسريع في استكمال انشاء مطمر صحي ومعملي الفرز والتسبيخ في سرار – قضاء عكار. ومعلوم ان نقل نفايات بيروت وجبل لبنان الى عكار طرح على اعلى المستويات ابان ازمة النفايات في العام ٢٠١٥، واقر في مجلس الوزراء ضمن رزمة من المساعدات الاجتماعية والانمائية للمنطقة بلغت قرابة ١٠٠ مليون دولار اميركي، لكن هذا الطرح قوبل برفض من قبل فعاليات المنطقة رغم كل محاولات الاقناع والضغط التي مورست، ووصلت الامور الى حد اطلاق النار على الجرافات التي كلفت شق طريق مختصر لوصل الاوتوستراد الدولي بموقع المطمر المقترح ! فما الذي استجد منذ ذلك الحين الى الآن؟ وماذا عن الخيارات الاخرى المطروحة لانشاء مطمر في موقع اخر في منطقة الشمال ؟ ليخدم اتحاد بلديات الفيحياء وهل وزارة البيئة على علم به ؟
* ينشر موقع greenarea.info الخطة الجديدة لوزارة البيئة حول ادارة النفايات المنزلية الصلبة على ثلاث حلقات متتالية
