عندما سلط موقع “CNBC”الضوء على أهم الإختراعات التي كان لها دور في كتابة تاريخ تطور الطاقة، بدءاً في الطاقة الكهربائية والمائية مروراً بطاقة الرياح والطاقة الشمسية ووصولاً إلى الطاقة الذرية والنووية، إحتلت آلية “التكسير الهيدروليكي” التي اخترعتها شركة “هاليبرتون” الأميركية عام 1947، مركزاً مهماً بين كل الإختراعات التي مرت في تاريخ الطاقة.
فما هي هذه الآلية؟ ولماذا تستخدم ؟ وماهي مخاطرها البيئية؟
تستخدم كبرى شركات إستخراج النفط العالمية، كشركة إكسون موبيل ExxonMobil) ) آلية “التكسير الهيدروليكي” للحصول على “النفط الصخري” الذي يُعَرف بأنه نفط عادي يوجد كسائل داخل مسام الصخور شبه الصماء، والتي لا تسمح له بالجريان. ولتسهيل هذا الجريان تعمل تلك الشركات على فتح مساماتٍ شعرية (شقوق) متصلة فيما بينها، تنتهي في فتحة بئر الإنتاج، فهم يعلمون أنه كلما توسعت تلك الشقوق في طبقات الصخر تزداد النفوذية فيتحرر النفط السائل ويصب في البئر الذي يتحسّن إنتاجه..
وتحتاج عملية فتح تلك المسامات إلى ضخ كميات هائلة من السوائل تحت ضغط عالٍ جداً، فى التجاويف الجيولوجية، وتتألف تلك السوائل من الماء بنسبة 98% والرمال الغنية بالكوارتيز وبعض الأحماض الكيميائية بنسبة 2%، ونتيجة الضغط الهائل تخرج من الأرض بعض المركّبات، بما في ذلك الحجر الرملي الصّلد، الصخر الطيني وطبقات من الفحم، مختلطة بالنفط الطبيعي ومشتقاته، تلك العملية تسمى “التكسير الهيدروليكىي fracking “والجدير ذكره هنا أنه لتنفيذ هذه العملية تحتاج كل بئر نفط إلى كمية من الماء تقدر بحوالي خمسة ملايين جالون.
مخاطر التكسير الهيدروليكي على البيئة
خلص تقرير أجرته جامعة كورنيل الأميركية، أن التكسير الهيدروليكي قد يكون أكثر ضرراً على البيئة من استخدام الفحم لإنتاج الطاقة.
ففي حين قابلت الولايات الأميركية التي تعاني موجات جفاف شديدة، هذه التقنية بانتقادات كثيرة أهمها أنها تستنزف المخزون المائي، وخصوصاً بعد أن نشرت تقارير تفيد أن التكسير الهيدروليكي يستخدم كل عام نحو 100 مليون غالون من المياه في كاليفورنيا وحدها.
قام خبراء الزلازل بالربط بين الأنشطة الزلزالية وعمليات التكسير الهيدروليكي، منطلقين من أن حقن كميات هائلة من الماء المضغوط في بئر يؤدي الى تغير في الوضع الطبيعي لطبقات الصخر وتغير من الميول الطبيعية للشقوق. الأمر الذي قد يسبب إنزلاقات أخرى تزيد النشاطات الزلزالية، ويذكر هؤلاء الخبراء أن الولايات الواقعة في وسط الولايات المتحدة الأميركية والتي تشهد أكبر تواجد لآبار التكسير الهيدروليكي، أصبحت أكثرعرضة للأنشطة الزلزالية. حيث قفز معدل الزلازل في ولاية أوكلاهوما المشهورة بصناعة النفط والغاز بين عامي 2009- 2014 ( من 193 زلزالاً إلى 688 زلزالاً)أي ثلاثة أضعاف عدد الزلازل في ولاية كاليفورنيا التي عرفت تاريخياً بأم الزلازل في أميركا.
أضف الى كل ماسبق أن المعدات الكبيرة المستخدمة في عملية ضخ السائل تزيد من إنبعاثات غازات ثاني أكسيد الكربون الثقيلة.
وقد عبر النشطاء البيئيون في منظمة غرين بيسGreenpeaceعن قلقهم من تلوث المياه الجوفية بسبب المياه المضغوطة في طبقات الارض، وذلك بعد أن كشفت دراسة أجرتها وكالة حماية البيئة الأمريكية أن تركيزات عالية من الأملاح (أملاح الباريوم و الراديوم) وجدت عند تحليل المياه في مناطق تنفذ فيها عملية التكسير الهيدروليكي.
تعمل الشركات المنتجة للنفط في الولايات المتحدة الأميركية على منع النشطاء البيئيين من جمع بيانات دقيقة حول المناطق التي تطبق فيها آلية التكسير الهيدروليكي، لأنها تعلم أنها تُدمر الترتيب الطبيعي لطبقات الصخر في جسد الكوكب الأخضر، وربما تدمر معه الحياة الطبيعية للبشر أنفسهم.