تعتبر منطقة الشرق الأوسط من المناطق الغنيّة في المياه، إلاّ أنّها عانت في السنوات الأخيرة، ومازالت من ندرة هذا المخزون المائي، لأسباب تعود بمعظمها إلى عدم القدرة على تحسين وتوزيع هذه الموارد المائية. وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أنهّ وفق منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة(الفاو)، فإن معدلات الموارد المائية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، هي بين الأدنى في العالم، إذ أنها تدّنت بنسبة الثلثين خلال الأربعين عاماً المنصرمة، ويُتوقع أن تنخفض بما يزيد عن نسبة 50 في المائة بحلول عام 2050.
|
|
تعجز دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عن المحافظة على مواردها المائية، الأمر الذي يشّكل التحدّي الأكبر بالنسبة لها.
وفي هذا المجال، أشار البنك الدولي في تقرير، إلى أن تحسين إدارة وتوزيع الموارد المائية النادرة، يشكلان تحدياً كبيراً لضمان النمو والإستقرار الجيوسياسي، في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي تقرير جديد نشر بمناسبة «أسبوع المياه»، الذي إفتتح في مدينة استوكهولم السويدية، أوضح البنك الدولي، أن “نقص الإمداد بالمياه وخدمات التنقية المتهالكة، يؤدي إلى خسائر إقتصادية بقيمة 21 بليون دولار سنوياً في هذه المنطقة”.
رسوم هي الأدنى في العالم
لا تقتصر مشاكل المياه، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، على الهدر بل أيضاً تقف في مواجهتها، مشاكل من نوع آخر، كتدني نسبة الرسوم عليها، مما يؤدي إلى زيادة هذا الهدر.
فوفق التقرير عينه، يعيش أكثر من 60 في المائة، من سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في مناطق تعاني من شح المياه، مقابل نسبة متوسطها نحو 35 في المائة في العالم. وعلى الرغم من ندرة المياه، تفرض المنطقة رسوماً هي الأدنى في العالم على إستهلاك المياه. الأمر الذي يزيد من الهدر، على هذا النطاق، إذ يتابع معدّو التقرير أن “الرسوم المنخفضة لا تشجع على إستخدام فعّال للمياه”.
بناءاً عليه، أوصوا بزيادة فاتورة المياه لتأكيد القيمة الحقيقية لها، والحث على الإقتصاد في إستهلاكها، وكذلك تمويل مشاريع لحماية الموارد وصيانة البنى التحتية.
التزوّد بمصادر المياه
لا يقف حل مشكلة ندرة المياه، عند حدود النقاط السالفة الذكر، إذ لا بد من إيجاد حلول أخرى، تساهم في زيادة مصادر المياه.
وفي هذا المجال، دعا المدير العام للقطب العالمي، للخبرة في المياه في البنك الدولي غوانغجي شين، المنطقة “إلى زيادة التزوّد بالمياه عبر إستخدام وسائل غير تقليدية، مثل تحلية مياه البحر ومعالجة المياه المستخدمة. بحيث تصب حالياً نصف كميات مياه الصرف، في المنطقة في البيئة من دون معالجتها، مما يشكل خطراً على الصحة وهدراً”.
وفي هذا السياق، هناك بعض الدول التي يمكن أن تشكّل نموذجاً يحتذى به، إذ أشار الخبراء إلى أنه يمكن أن تحذو دول المنطقة، حذو الأردن وتونس، اللذين قامتا بتجربتين ناجحتين، في تدوير المياه المستهلكة لإستخدامها في الرّي، وإعادة تغذية مصادرها بشكل آمن.
وقائع وأرقام
تواجه المنطقة العديد من المشاكل المتعلقة بالمياه ومصادر توفيرها، وهي مرشحة للتفاقم ما لم يتم إيجاد حلول ناجعة لها.
فوفق منظمة (الفاو)، تعتبر منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، من أقل مناطق العالم من ناحية حصة الفرد من الموارد المائية العذبة. كذلك تعاني من مشاكل خطيرة، تتعلق بالإستخدام غير المستدام للمياه.
لذلك فمن المتوقع أن تعاني المنطقة، في العقود المقبلة من تزايد حدّة مشكلة ندرة المياه، إضافة إلى حدوث مواسم جفاف شديدة وطويلة ومتكررة.
وبالنظر إلى أن الزراعة تستهلك ما نسبته 85 في المائة من المياه العذبة، يجب العمل على تعزيز كفاءة المياه وإنتاجيتها في هذا القطاع.
ووفق إحصاءات المنظمة، تقع 90 في المائة من المساحة الإجمالية لأراضي، الإقليم في مناطق قاحلة وشبه قاحلة، وجافة ومتدنية الرطوبة. كما أن 45 في المائة من مجموع الأراضي الزراعية، معرّض للتملّح وإستنزاف المغذيات من التربة والإنجراف بسبب الرياح والمياه.
في الوقت ذاته، تستهلك الزراعة في الإقليم حوالي 85 في المائة، من إجمالي المياه العذبة المتاحة. كذلك فإنّ أكثر من 60 في المائة، من موارد المياه في الإقليم، تنبع من خارج الحدود القطرية والإقليمية.
مشروع لضمان وإستدامة المياه
تسعى المنظمات المعنيّة، إلى تفعيل المشاريع التي تهدف إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة تلك المتعلقة بشق المياه. وفي هذا الشأن، أطلقت كل من الفاو والوكالة السويدية للتنمية الدولية، مشروعاً جديداً لمساعدة البلدان الأعضاء، على تنفيذ جدول أعمال 2030، لضمان كفاءة وإنتاجية وإستدامة المياه، والمساهمة في تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة .
إذ سيساعد المشروع أيضاً البلدان الأعضاء، على تحقيق الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة، المتمثل في القضاء على الجوع وإنعدام الأمن الغذائي، وسوء التغذية وزيادة قدرة الإنتاجية الزراعية.
وسيتم ذلك من خلال وضع نظام قوي للمحاسبة المائية، وتنفيذ سلسلة من التدخلات لزيادة، كفاءة المياه وإنتاجيتها في نظم زراعية مختارة، وضمان تحقيق تنمية مستدامة، وعادلة إجتماعياً تقوم على حقوق الإنسان.
وتضم قائمة البلدان المستفيدة من المشروع: الجزائر ومصر وإيران والأردن ولبنان والمغرب وفلسطين وتونس.