تكررت ظاهرة نفوق الدلافين الأسبوع الماضي في المغرب بشكل لافت للانتباه، وكثرت التساؤلات حيال أسباب هذه الظاهرة، وكيف يمكن مواجهتها والحد من تبعاتها على البيئة البحرية، وقد واكب greenarea.info سابقا ووثق حالات نفوق لهذه الكائنات البحرية الرائعة، وتواصل مع خبراء ومهتمين بالحياة البحرية في المغرب، إلا أن شيئا لم يتغير، بعد تعرض نفوق ثلاثة دلافين في أقل من أسبوع.
ويبدو، في ما نشهد من ظواهر متكررة أنه لا بد من اعتماد معايير جديدة في موضوع استدامة الصيد البحري، ليس في المغرب فحسب، وإنما في مختلف مناطق المتوسط، كي لا يخسر هذا البحر تنوعه البيولوجي، ويفقد أهميته مع انحسار وتراجع وحتى انقراض العديد من الأنواع.
ظاهرة مقلقة
في متابعتنا لبعض المعطيات حول نفوق الدلافين الثلاثة، بالتواصل مع بعض المعنيين المغاربة، تبين أن المشكلة الأكبر تبقى متمثلة في بعض الممارسات غير المقبولة، من قبل صيادين يعمدون إلى قتل الدلافين إن علقت في شباكهم، بدلا من مساعدتها على الإفلات منها، دون إغفال عوامل أخرى.
وبحسب مصادر رسمية، فقد لفظت الاسبوع الماضي مياه ميناء مدينة طنجة (شمال المملكة المغربية على الساحلين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي)، وتحديدا بالقرب من الحسيمة، دولفينا بطول يتجاوز المترين بأربعين سنتمترا، فيما قدر وزنه بنحو 160 كيلوغرام، ولكن بعد أقل من يومين، لفظت المياه في المنطقة عينها دولفينين آخرين، ما اعتبرته المصادر “ظاهرة مقلقة”.
وأشار مصدر مسؤول من “المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري” في مدينة طنجة، إلى أن الدولفين النافق ينتمي لنوع الدولفين الكبير، وهو من الثدييات المعنية بالحماية والرعاية من قبل منظمات دولية، لافتا إلى أن أكثر من اثني عشر نوعا من الثدييات تعيش بسواحل المنطقة إن بشكل موسمي أو بشكل دائم.
مصادر رسمية
مصدر مسؤول في مختبر الصيد في المركز الجهوي (الإداري) التابع لـ “معهد الوطني للبحث في الصيد البحري” Institut national de recherche halieutique، أشار إلى أن “الثدييات تنفق بالسواحل المغربية نتيجة مجموعة من العوامل، من بينها ما هو طبيعي، ويتمثل أساسا في التيارات البحرية وقوة الرياح، وما هو ذاتي يرتبط بالأمراض الموسمية وبعض الفيروسات التي تصيب معدة الحيثان وأمعائها، ما يمنعها من الأكل ويعجل بنفوقها”.
وأضاف أن “العامل البشري حاضر أيضا، كأن تعلق الحيتان في شباك الصيادين، حتى وإن كان عن طريق الخطأ، لكون الصيادين عادة لا يستهدفون صيد هذا النوع من الأحياء البحرية لصعوبة إستهلاكه وترويجه، بمعنى غياب المردود المالي، فضلا عن أن الحوادث البحرية تعتبر جزءا من حوادث النفوق، خصوصا بمضيق جبل طارق المعروف بكونه منطقة عبور لعشرات السفن سنويا، والتي قد تصدم الحيتان عند مرورها، متسببة لها في إصابات خطيرة تكون سببا لنفوقها”.
البغديدي: لإعلان حالة طوارىء
وكانت السلطات في ميناء طنجة ومعها بعض المسؤولين في المعهد الوطني للبحث في الصيد البحريد قد عاينوا مكان الجنوح، وأعدوا تقارير في الحادث، فيما تم إجلاء الدولفين عبر شاحنة لدفنه.
وقال الناشط في جمعية تعنى بالبيئة البحرية في الفنيدق يونس البغديدي لـ greenarea.info أنه “غالبا ما نشهد حالات مرور ونفوق لحيتان ودلافين وأسماك قرش في المنطقة، خصوصا وانها تعبر عبر مضيق جبل طارق المنفذ البحري ما بين المتوسط والاطلسي”.
وأشار إلى أن “نفوق 3 دلافين في فترة قياسية وفي نفس المكان يستدعي التنبه وإعلان حالة طوارئ ومراقبة بعض الصيادين الذين يتعمدون قتل هذه الكائنات، بحجة انها تعلق في شباكهم وتهاجم اسماكهم وتأكلها مما يسبب لهم الخسائر”.
وبخصوص الدلافين، قال البغديدي أنه كان لافتا للانتباه في الدلافين الثلاثة “تقطيع اذيالها وزعانفها، مما يؤكد تعمد قتلها، وعادة ما يفعلها البحارة عندما تعلق الدلافين في شباك السردين خلال محاولاتها الحصول على الطعام”.
واعتبر البغديدي أن “وجود هذا التنوع من الكائنات يدل على حيوية المنطقة، ولكن التعرض للدلافين سيجعلها تهاجر وتبتعد، فتفقد المنطقة عنصرا مهما يجهل اهميته الكثير من الناس”.