إلى متى تظل شواطئنا، أو بعضها على الأقل، مستباحة ولا من يردع ويلاحق ويحاسب؟ وهل سيبقى بحرنا منسيا لا قانون يرعاه؟ وأين نحن من دول في محيطنا المتوسطي تدأب في سبيل الحفاظ على شواطئها وقد غدا بعضها موئلا للسياحة المستدامة؟

لا نسوق هذه الأسئلة للإطلال على مشكلة التلوث، ونحن نعلم أن هذا الأمر يتطلب ما لا يمكن إنجازه بين يوم وآخر، أي معالجة مشكلة الصرف الصحي كملف قائم بذاته، وإنما نتحدث عن استخدام الديناميت وبشكل شبه يومي، في ظاهرة مفترض أنها انتهت منذ أن استعادت الدولة حضورها بعد سنوات الحرب الطويلة.

 

التشدد في تطبيق القانون

 

وسط ما هو قائم، لا معنى لمشاريع الصيد المستدام، أي مع استمرار التعدي على البيئة البحرية باستخدام الديناميت، فمع وجود مثل هذه التعديات، كيف يمكن أن نحافظ على التنوع الحيوي في بحرنا وشواطئنا، وكيف نؤمن سبل عيش أفضل لمجتمع الصيادين، وديمومة عملهم، إن لم تتضافر كل الجهود من أجل تأمين إدارة مستدامة للنظم البيئية البحرية وتفعيل عمل المحميات الشاطئية والمحافظة عليها؟

من هنا، لا معنى أيضا لأي قانون إن لم ينفذ، وهذا ما كنا قد أثرناه سابقا في  greenarea.info لجهة التشدد في تطبيق القانون، وكنا قد أبلغنا وزارة الزراعة بالمكان الذي يلقى فيه الديناميت، وأشرنا أيضا لوجود نقطة قريبة للجيش في المكان، وكذلك الأمر بالنسبة لخفر السواحل والقوى الأمنية القريبة، لكي يقوموا بواجباتهم ومنع وإيقاف المعتدين على البحر وعلى لقمة عيش الصيادين، ولكن يبدو أن المحاضر قدر لها أن تسطر ضد مجهولين، كما هي العادة في مختلف الملفات، واذا ما تم إيقاف أحد المرتكبين والمتورطين، فمن يضمن عدم مراعاة المحسوبيات السياسية لتعطيل المساءلة والعقاب على حساب القانون وانتهاك بنوده.

 

شاطئ القليلة

 

بلاغات عدة تصلنا دائما ومناشدات كثيرة، ولكن في موضوع التفجير بالديناميت، فالأمر يتطلب السرعة في التدخل وتوثيق هذه التجاوزات.

لم يمض وقت طويل على آخر بلاغ قدمناه بدون جدوى، ولكن بعض الأمور تكون أشد وقعا على أرض الواقع، فمنذ نحو يومين، وخلال تواجدنا عند “شاطئ القليلة” بالقرب من احدى الاستراحات، فوجئنا بمياه البحر عكرة في منطقة بعيدة من أسباب التلوث، وعندما سألنا عن السبب، أكد لنا أحد الأشخاص المتواجدين في المكان أنه “تم إلقاء ديناميت قبل قليل في الماء”، وأن “من ألقاه جمع حوالي 50 كيلوغراما من السمك ورحل”.

ولدى سؤالنا عما إذا كان كان مثل هذا التعدي مستمر، أشار مواطنون وشهود عيان إلى أن “الأمر يتكرر بشكل يومي مرة أو اثنتين وأحيانا في النهار”.

وبحسب المتواجدين في المكان، فإن “دورية للقوى الأمنية تحضر أحيانا ولا توقف أحدا أو تستجوبه”، وهذا ما يؤكد أن “وطننا بات مثل أرض سائبة وأن القوانين إنتهكها الفساد” يقول آخر.

 

نفوق سلحفاة

 

لم ينته الموضوع عند هذا الحد، مع ما يترتب عليه من نتائج تهدد الثروة السمكية وتدمر النظم الإيكولوجية البحرية، ففي مساء اليوم ذاته، نفاجأ بما عرضته السيدة منى خليل المسؤولة عن “حمى المنصوري” المتاخمة للمكان الذي يلقى فيه الديناميت، على صفحتها في “فيسبوك”، فكتبت “أنا آسفة جدا بشأن هذه السلحفاة الأنثى ضخمة الرأس وجدتها (ميتة) عند شاطئ السلاحف في المنصوري … يحتمل أن يكون سبب (وفاتها) الديناميت.

خلاصة الأمر فضيحة إضافية بجانب فضائح طمر البحر بالنفايات فإن مختلف الكائنات البحرية ومنها السلاحف تواجه جميع هذه المخاطر، والخطر الداهم الذي كنا قد اعتقدنا أنه تم السيطرة عليه نسبيا يتمثل في إلقاء الديناميت، وهذا الخطر في ما لو استمر سيكون أشد فتكا من النفايات البلاستيكية التي تعتبر من بين الأسباب الأولى لنفوق السلاحف.

وما يؤكد لنا هذا الأمر، أنه وفي غضون ما يقارب الشهرين نفقت على إمتداد الشاطئ اللبناني ثلاث سلاحف في بحر صور، واثنتان في المنصوري وسبع في عدلون، وفي شمال لبنان وثق نفوق اثنتين على الأقل، ويقدر أن تكون هناك أعداد إضافية لا علم لنا بها في ظل غياب المسح الرسمي والإحصاءات الدقيقة على إمتداد الشاطئ اللبناني، هذا الأمر يتطلب من الوزارات المعنية تحركا سريعا وجادا لقمع المخالفات وفصلها عن المحسوبيات والسياسة والانتخابات القادمة.

4 (6)
c

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This